تشير الأدلة العلمية المتزايدة إلى وجود ارتباط وثيق بين الإصابة بحب الشباب، خاصة في مرحلة المراهقة، وارتفاع مخاطر الإصابة بالاضطرابات الغذائية مثل فقدان الشهية العصبي (Anorexia Nervosa) أو الشره المرضي. فهذه الحالة الجلدية، التي تُعتبر شائعة بين المراهقين والشباب، لا تقتصر آثارها على الجانب الجسدي فحسب، بل تمتد إلى الصحة النفسية والعاطفية، مما قد يؤدي إلى تبنّي سلوكيات غذائية غير صحية بهدف التكيف مع المشاعر السلبية الناتجة عن مظهر البشرة.
ففي عالم يُعلي من شأن الجمال المثالي والمظهر الخالي من العيوب، يجد العديد من المصابين بحب الشباب أنفسهم تحت ضغط نفسي كبير، خاصة حين يتعرضون للتنمر أو التعليقات السلبية من محيطهم. هذا الشعور المتكرر بعدم القبول يمكن أن يولّد لدى البعض رغبة في السيطرة على أجسادهم بطرق غير صحية، كوسيلة تعويضية عن عدم قدرتهم على التحكم في حالتهم الجلدية. وهنا يبدأ الخطر، إذ يتحول الطعام من مصدر تغذية إلى وسيلة للعقاب أو التخفيف من المشاعر السلبية.
يُلاحظ أن الكثير من الشباب، والفتيات على وجه الخصوص، يلجؤون إلى أنظمة غذائية صارمة يظنون أنها تساعد في تخفيف حب الشباب، فيُقصون منتجات الألبان، أو السكر، أو الدهون من نظامهم دون إشراف طبي، وقد يؤدي ذلك إلى اضطرابات غذائية كامنة. فالتغذية غير المتوازنة تضعف مناعة الجسم وتزيد من مستويات التوتر، ما قد يُفاقم المشكلة الجلدية ويُعمّق الشعور بالفشل، فيدخل الشخص في دائرة مفرغة من العزلة النفسية وسوء التغذية.
إضافة إلى ذلك، فإن الشعور بالإحباط المزمن والضغط الاجتماعي الناتج عن المقارنة مع الآخرين عبر وسائل التواصل الاجتماعي قد يُسرّع في ظهور اضطرابات الأكل، خاصة مع التأثير النفسي لرؤية صور مُعدّلة رقميًا لمؤثرين ببشرة مثالية وأجسام نحيلة. وهذا الخلل في الصورة الذاتية يدفع بالبعض إلى الإفراط في التحكم بنظامهم الغذائي، سواء من خلال تقليص كميات الطعام أو الإفراط في التمرين، وهي سلوكيات ترتبط ارتباطًا مباشرًا باضطرابات الأكل.
من هنا، تتعزز أهمية التدخل المبكر، ليس فقط في معالجة حب الشباب من الناحية الجلدية، بل في التصدّي لتداعياته النفسية والاجتماعية التي قد تكون أكثر تأثيرًا في المدى البعيد. فالمراهق الذي يعاني من حب الشباب لا يحتاج فقط إلى كريم موضعي أو علاج دوائي، بل إلى بيئة داعمة تفهم ما يمر به من ضغوط، وتساعده على مواجهة مشاعر القلق والخجل أو العزلة التي قد ترافق هذه الحالة. لذلك، يُعدّ تدخل الأسرة عنصرًا حاسمًا في مرحلة مبكرة، من خلال الملاحظة الدقيقة لأي تغيّرات في السلوك الغذائي أو المزاجي، كفقدان الشهية، الإفراط في تناول الطعام، الانسحاب من الأنشطة الاجتماعية، أو حتى التحدث بسلبية عن المظهر الجسدي.
كما يجب أن يكون العلاج متعدد الأبعاد، يجمع بين الرعاية الطبية والجلدية، والدعم النفسي من معالجين مختصين في الصحة العقلية لدى اليافعين، إلى جانب إشراف خبراء التغذية لضمان أن تكون العادات الغذائية صحية ومتوازنة، لا تعتمد على حرمان مفرط ولا على إشباع عاطفي. وفي بعض الحالات، قد يكون من المفيد إشراك المدرسة أو المستشارين التربويين في العملية العلاجية، خاصة إذا كانت بيئة المدرسة مصدرًا للضغط أو التنمر بسبب مظهر الجلد.
يتم قراءة الآن
-
مقاتلو الإيغور على حدود لبنان:ما وراء الحشود السورية الغامضة؟
-
أسئلة لبنانية على الورقة الأميركية: من يضمن الإسرائيلي؟ تخوّف من إقدام نتنياهو على عملية كبيرة في لبنان ما سر صمت السفراء على المداولات بشأن القانون الانتخابي؟
-
الرد اللبناني امام "الروتوش الاخير"... اجتماع مطول للجنة الثلاثية والضمانات عقدة العقد اميركا تبلغ المعنيين : السير بالورقة أو تصعيد اسرائيلي لن نلجمه
-
3 عوائق كبرى تمنع التطبيع بين لبنان واسرائيل
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
22:59
ايلون ماسك: "اليوم جرى تشكيل حزب أمريكا ليعيد لكم الحرية"
-
22:19
درون إسرائيلية تلقي قنبلة صوتية على كفركلا جنوبي لبنان
-
22:19
درون إسرائيلية تلقي قنبلة صوتية على كفركلا جنوبي لبنان
-
21:34
زيلنسكي: مكالمتي الأخيرة مع ترامب كانت الأفضل والأكثر فائدة
-
20:50
إعلام إسرائيلي: إسرائيل سترسل وفداً إلى قطر لإجراء محادثات حول صفقة محتملة
-
20:50
السفير البريطاني في لبنان: الجيش هو المدافع الشرعي الوحيد عن لبنان ويجب استمرار جهود وقف إطلاق النار بما يسمح بانتشار الجيش
