ليون الذي لم ينتظره أحد!
«أحب واعمل ما تشاء»! هذه أشهر مقولة للقديس أوغسطينوىس. البابا الجديد ليون الرابع عشر وصف نفسه بالأغوسطيني! وهو بالفعل راهب من الرهبنة الأوغسطينية المحافظة. بنى حياته الرسولية على علاقته مع الفقراء في أميركا الجنوبية والبيرو، وعلى العلاقة مع المحبة والعمل وإرادة السلام.
لا يملك البابا الجديد سهولة التواصل مع الآخرين مثل البابا الراحل فرنسيس، ولا بسمة وكاريسما البابا يوحنا بولس الثاني، الآتيين من بلدان «كاثوليكية»، الأرجنتين وبولندا.
بل هو يبدو أقرب بشخصيته وهدوئه وتفكيره الكلاسيكي الى البابا بنيديكتوس، الألماني الآتي من بلد، كالولايات المتحدة، حيث المؤمنين الكاثوليك ليسوا الأكثرية المسيحية. وهؤلاء الباباوات الأربعة غير الايطاليين، جاؤوا بعد 400 سنة من باباوات إيطاليين.
لا يشبه البابا الأميركي ليون الرابع عشر مواطنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب. كما لا يشبه نائب الرئيس الأميركي الكاثوليكي المحافظ الشاب جي دي فانس. بل تبدو في المؤشرات أنه سيكون في مواجهة مع الرئيس الأميركي ترامب.
رجل القانون في الكنيسة سيصر على تطبيق القانون الدولي الغائب في كوما عميقة. وسيحث الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي على الاستيقاظ من الغيبوبة. وهو سيأخذ مواقف أكثر صرامة، وأقل ديبلوماسية، في هذا الخصوص!
«شرف كبير، كانت مفاجأة لنا، ولكنه شرف كبير!». بهذه الكلمات وصف الرئيس الأميركي دونالد ترامب انتخاب البابا الأميركي الجديد!
ولكن بالتأكيد، لن يتفق البابا الجديد مع الرئيس الأميركي على كثير من الأمور، بناءً على شخصية وأسلوب وأولويات وأهداف كل منهما. فالبابا الجديد لا يساوم على قناعاته الأساسية! وهو سيتميز على الأرجح بمواقف أكثر راديكالية من مواقف البابا فرنسيس الراحل.
البابا ليون الرابع عشر كان قد انتقد على حسابه على «تويتر»، نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس (الكاثوليكي الملتزم) في الفترة السابقة على أحد مواقفه الاجتماعية - الدينية. كما كان انتقد إدارة الرئيس دونالد ترامب في قضية المهاجرين، ووصفها بالترحيل القسري أو التهجير. علماً أن قضية المهاجرين باتجاه أوروبا كانت قضية البابا فرنسيس من قبله أيضاً.
لن يتفق البابا ليون الرابع عشر مع الرئيس الأميركي ترامب على سياسة المواجهات العسكرية في العالم، ولا على الحرب في روسيا وأوكرانيا، ولا على الحرب في غزة تحديداً، ولا على العنف «الاسرائيلي»، ولا على قضية المهاجرين، ولا حتى على ملف الضرائب الجمركية الأميركية.
«رسولي»، سيسعى للعمل من أجل السلام (أكثر ما شدد عليه في كلمته الأولى) ومن أجل الوحدة في العالم. وهو سيكون الى جانب الفقراء. وهو يؤمن وسيعمل من أجل أن ينتصر الخير على الشر.
البابا رقم 267، بعمر 69 سنة، الكاردينال «الجديد» ( منذ العام 2023 فقط، وأسقف منذ العام 2015)، المتحفظ، الذي كان مسؤولاً عن لجنة تعيين الأساقفة أصبح «بسرعة»، وخلال أقل من 48 ساعة في الكونكلاف، بابا روما بعد 4 دورات انتخابية... فقط! وهو كان يحتاج الى 89 صوتاً على الأقل من أصل 133 كاردينالاً. ما يعني أنه جمع حول اسمه غير المتداول أغلبية كبيرة في وقت قصير جداً! ما يؤشر الى سهولة نسبية لحركته اللاحقة في الكوريا الفاتيكانية.
وكان الكاردينال الايطالي برولين، رجل الفاتيكان الثاني في عهد البابا فرنسيس هو الأقرب للباباوية. ولكنه، وبحسب المقولة الشهيرة: «دخل بابا وخرج كاردينالاً»!
لم يذهب الكرادلة لاختيار أحد الكرادلة الايطاليين، ولا الى الكاردينال الفيليبيني ولا الى الكاردينال الأفريقي، بل لاختيار بابا لم يتوقعه أحد، ولم يكن في «بورصة المرشحين!»
روبير فرنسيس بريفو، هو أول بابا أميركي شمالي من شيكاغو، يأتي من خدمة في أميركا الجنوبية. من والد فرنسي وأم إيطالية وجذور إسبانية. متعدد الثقافات، متواضع، ولكنه ليس كثير الكلام!
تمّ انتخاب في الفاتيكان رئيس أصغر بلد، ولكن أكبر «جمهورية» في العالم! وانتخاب بابا أميركي سيسهم من دون شك في تطور الكاثوليك في داخل الولايات المتحدة. كما سيسهم في تطور العلاقات بين بلدان شمال القارة الأميركية وبلدان جنوبها. ومع ذلك، فإن رجل الأرض، المفكر والقانوني، لا يعرف أوروبا جيداً، ولا يملك خبرة كبيرة مع باقي العالم والأديان الأخرى.
يملك البابا ليون الرابع عشر الوقت ليتأقلم مع مهامه الجديدة. فهو يعتبر شاباً بالنسبة لموقع الباباوية. وهو كلاسيكي في المواقف الروحية.
وكذلك، يحتاج العالم الى الوقت ليتأقلم مع شخصيته. ولكن صعوبة التأقلم في العلاقة، ستظهر وتشتد بشكل خاص مع مواطنه الرئيس ترامب. والمفاجأة «السارة» قد تنقلب على الأرجح الى غير سارة في وقت ليس بعيداً!
* كاتب وخبير في الشؤون الدولية
يتم قراءة الآن
-
متى المفاوضات بين أميركا وحزب الله؟
-
من صناديق الشمال الى طاولة ترامب... هل يعبر لبنان زمن الغياب؟ تحديات الشمال امنية ولا انقلاب سياسي «والعين» على بيروت قاسم: نتجه نحو الاستقرار ونحن شركاء للعهد... ولن نستسلم
-
سقوط المشرق العربي جرس إنذار للسعودية ودول الخليج
-
حلف رباعي في بيروت والمناصفة طارت فهل تؤجل ؟ الحريري لجمهوره : إياكم القوات والتيار الوطني حزب الله والقوات اللبنانيّة بلائحة واحدة
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
23:21
ماكرون: ما يحدث في غزة مأساة إنسانية غير مقبولة ومروعة ويجب وقفها
-
23:20
ماكرون: يجب الضغط على "إسرائيل" واعتبر أنه من المعقول الحديث عن إعادة النظر في اتفاقيات الشراكة بينها والاتحاد الأوروبي
-
23:19
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون: ما يقوم به نتنياهو في غزة مخزٍ
-
22:47
القوات المسلحة اليمنية: على الشركات التي لم تعلن وقف رحلاتها أن تحذو حذو تلك التي أعلنت وقف الرحلات إلى مطارات فلسطين المحتلة
-
22:46
القوات المسلحة اليمنية: العملية تأكيد على استمرار حظر الملاحة في مطار "بن غوريون"
-
22:43
القوات المسلحة اليمنية: الصاروخ حقق هدفه بنجاح وتسبب في هروب ملايين "الإسرائيليين" إلى الملاجئ وتوقف حركة المطار لنحو ساعة
