قبل ساعات من توجهه الى الشرق الأوسط، فجر الرئيس الاميركي دونالد ترامب قنبلته في وجه اسرائيل، التي قد تكون تداعياتها اوسع جغرافيا من غزة لتشمل لبنان وما بعده. لبنان الذي لم تحجب الملفات الدولية على اهميتها، انشغاله رسميا، وبدرجة اقل شعبيا، بالاستحقاق الانتخابي البلدي والاختياري، الذي وان اقفلت صناديق اقتراع مرحلتيه الاولى والثانية، الا ان الاستحقاق سيبقى مفتوحا حتى نهاية الشهر.
فالحكومة التي رأت في الاستحقاق فرصة لتسجيل نجاح يعيد ثقة الداخل والمجتمعين العربي والدولي بلبنان، حشدت كل قواها لتمرير المرحلة الثانية على خير، فيما كانت "الايد" الرسمية "عالقلب"، لابقاء الامور تحت سقف الانضباط، وان لم تخل من بعض الاحداث، خصوصا في ظل التشابك الداخلي والاقليمي في بعض البلديات.
وإذا كان ثمة طغيان للعامل العائلي، فإن الرياح السياسية، وبعض التحالفات الهجينة، خلطت الكثير من الأوراق الانتخابية، حيث جاءت المعارك والمنافسات على نسب متفاوتة من الحدّة ارتباطا بالثقل الطائفي والتوزع السياسي والحزبي والعائلي والاجتماعي بين الأقضية، طرابلس والأقضية المسيحية على وجه الخصوص.
فالحدث الانتخابي الشمالي بقي امس محط اهتمام لا سيما لناحية القراءة في نتائجه، حيث برز تقدم القوات اللبنانية في البترون وبشري ومحافظة المردة على وجودهم في زغرتا، في انتظار انتهاء وزارة الداخلية من اعلان كل النتائج في مختلف الاقضية تباعاً. وفي هذا الاطار توقفت مصادر سياسية عند سلسلة من المؤشرات والملاحظات ابرزها:
- أولاً، نجاح الدولة بمختلف أجهزتها الادارية والامنية في تنظيم العملية الانتخابية، مع وجوب معالجة ما ظهر من ثُغرات اجرائية للدورات اللاحقة، وقانونية للسنوات المقبلة، اذ تبين ان اكثر من 500 موظف، على سبيل المثال، لم يلتحقوا بمراكز الاقتراع، نتيجة الاوضاع الاقتصادية وكلفة الانتقال من الجنوب والبقاع الى الشمال.
اما امنيا، ورغم الاشكالات التي توالت منذ فتح صناديق الاقتراع، والتي بلغت ال263 حادثا "جديا"، والتي استتبعت مساء "بفلتان" غير مسبوق، من موجة اطلاق نار عشوائي اوقع قتلى وجرحى، استمرت لساعات، ما حتَّم تدخل الجيش والقوى الامنية لفض النزاعات وضبط السلاح المتفلت، الا ان الوقائع بينت ان القوى الامنية قادرة على فرض الامن والحزم متى توافرت الارادة السياسية، سواء لجهة توافر العديد الكافي، او تخطي مسالة "ابريق زيت" الرواتب.
ـ ثانياً، اختلاط "حابل العائلية بنابل السياسة" في غالبية المدن والبلدات والقرى، مع طغيان واضح للانقسامات التاريخية، رغم "ضياع الطاسة" بين عنوان المعركة الحزبي وعنوانها الانمائي، وهو ما دفع الى انقسام مناصري التيارات والاحزاب والاطراف بين اكثر من لائحة في البلدة الواحدة، ما جعل من تبني الفوز لهذه اللائحة او تلك من جانب هذا الطرف السياسي او ذاك مهمة شبه مستحيلة.
غير ان هذا المستحيل والكلام للمصادر، وان كشف عن مشكلة كبيرة لدى الشارع السني، رغم تدخلات من خارج الحدود، في ظل عزوف المستقبل عن المشاركة في الانتخابات، الا انه مسيحيا، وبعد الجولتين الاولى والثانية، يمكن الجزم بان الاحزاب والقوى التقليدية ما زالت ممسكة بالشارع، وبالتالي لن يكون من السهل تجاوزها ابدا، والاهم ان ما ظهر من اقفال لابواب الساحة المسيحية امام ولادة اي قوة سياسية جديدة.
- ثالثاً، اضطرار غالبية القوى السياسية الكبيرة الى عقد تحالفات محلية، متجانسة حيناً او هجينة الى حد التناقض السياسي احياناً، وذلك بهدف تأمين الفوز في هذا الاتجاه او ذاك، مع ما يستتبع هذا الامر من خطر على انفراط عقد المجالس البلدية او تعطيل عملها في سنة الانتخابات النيابية، في سبيل الحفاظ على وجودها وحصصها من "الكعكة".
- رابعا، اكدت المرحلتين الاولى والثانية، وجود حالة من "القرف" الواضح وعدم الاهتمام بالاستحقاق، وهو ما بينته نسب المشاركة المتراجعة، وهو ما يشكل نكسة للعهد الجديد، الذي وان نجح في تمرير الاستحقاق، الا انه لم ينجح في استنهاض الشارع الشعبي، حتى وان كان انمائيا، في مواجهة التكتلات الحزبية التي ثبتت نفسها، في امتحان اثبات وجود بعد محاولات عزلها واقصائها مع تشكيل الحكومة.
اما النقطة الثانية اللافتة، فقد سجلتها المشاركة الاستثنائية للمجنسين في الاستحقاق، خلافا للمرات السابقة، حيث كان يسجل غيابهم عن البلديات التي يقعون ضمن قوائمها، وهي ظاهرة تستحق الدرس والتحليل.
في الخلاصة، ومع انجاز الاستحقاق تباعاً، تنتهي مرحلة الانتخابات وتبدأ مرحلة العمل، في انتظار الانجازات الموعودة، ومن أبرزها في هذه المرحلة الحساسة دور المجالس البلدية والاختيارية الجديدة في ملف النزوح، الى جانب عناوين الانماء، حيث المهمة تكاد تكون شبه مستحيلة في ظل الاوضاع الحالية ووضع الخزينة "التعيس".
يتم قراءة الآن
-
قبل المخيمات: العيون العربية على سلاح حزب الله هل يُشعل نتنياهو المنطقة لعرقلة الاتفاق الأميركي ــ الإيراني و«الدولة الفلسطينية»؟
-
سلام "يكسر الجرّة" مع "الثنائي"... ويُطلق النار على بعبدا؟ التصعيد يُهدّد الاستقرار الحكومي... والردّ بحجم التجاوزات
-
"كليلة ودمنة" بدل الكتب المقدّسة
-
حزب الله" الخارج على القانون"
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
07:56
صحيفة "وول ستريت جورنال": واشنطن تعد ورقة شروط لإيران تتضمن وقف تخصيب اليورانيوم كبند أساسي
-
07:54
ماكرون: واشنطن أمام "اختبار لمصداقيتها" إن لم تتحرك حيال موسكو
-
07:54
ماكرون: الاعتراف بدولة فلسطينية بشروط واجب أخلاقي ومطلب سياسي
-
07:54
"أ.ف.ب" عن ماكرون: أوكرانيا بمثابة اختبار لمدى مصداقية الولايات المتحدة
-
07:53
التحكم المروري: حركة المرور كثيفة من خلدة باتجاه أنفاق المطار ومن الكوستابرافا باتجاه الأوزاعي
-
07:53
احصاءات غرفة التحكم: قتيل و4 جرحى في 4 حوادث سير خلال 24 ساعة
