اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


أي شكل للشرق الأوسط اذا تمكن دونالد ترامب، وتابعه بنيامين نتنياهو، من تقويض نظام آيات الله، واذا استعدنا كلام رئيس الحكومة "الاسرائيلية" الى صديقه اليهودي الأميركي بول وولفوويتز، وهو مهندس الحرب ضد العراق، وأثناء هذه الحرب "لا يكفي وضع اليد على البلدان العربية، بل لا بد من تفكيكها، وحتى تفجيرها". الآن من هي الدولة العربية، وبتلك الهشاشة المروعة، غير القابلة للتفكيك وللتفجير، اذا لاحظنا أن مهمة القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، حماية النظام وأهل النظام، لا حماية الدولة ورعايا الدولة.

ترانا نتصور أن نتنياهو يكره الايرانيين أكثر مما يكره العرب؟ المشكلة التوراتية لدى "الاسرائيليين" هم العرب (ذئاب الصحارى) الذين يفترض بقاؤهم في المتاهة، بعدما خرج "اليهود" من التيه، واستقروا في أرض الميعاد. نعلم أن هناك عربا يراهنون على أن يسحق "الاسرائيليون" الايرانيين، الذين قد يكون مسارهم الجيوسياسي (بالتداخل بين الجاذبية الأمبراطورية والجاذبية الثورية) قد اتخذ منطقاً خاطئاً، وحتى متهورا، ومع اعتبار أن كل الصراعات التي اندلعت في المنطقة، بعيدأ عن الصراع العربي ـ "الاسرائيلي"، كانت عبثية ولمصلحة أميركا و"اسرائيل" .

بيد أن الحرب في غزة، بالمساحة الجفرافية والديموغرافية المحدودة، وبالحصار الجهنمي، كشفت الى مدى التخلخل الكارثي داخل القوة التي لا تقهر، بالتركيز على القتل والتدمير دون أن تحقق، بعد أكثر من 20 شهرا من القتال، أيا من أهدافها السياسية أو الاستراتيجية  .

امدادات أميركية تشمل كل الاحتياجات اللوجستية والعملانية، ومن الأحذية الى القاذفات، ناهيك عن القنابل الدون نووية الأكثر فتكاً في التاريخ، وبعدما حذر ناحوم وايزمان، أحد آباء الدولة، والذي ساهم في تشكيل الهيئات اليهودية الدولية، من التبعات الكارثية للتبعية العمياء للولايات المتحدة، كون التاريخ غالبا ما يتقيأ الأمبراطوريات العظمى. من هنا دعوته الى الانتقال بالدولة من الحالة الاسبارطية الى الحالة اللاهوتية، أي التحول الى "فاتيكان يهودي"، لينام اليهودي في فراشه لا على الكرسي الكهربائي .

السناتور الديموقراطي بيرني ساندرز، وهو يهودي، قال ان التواطؤ بين دونالد ترامب وبينيامين نتنياهو، سواء كان التواطؤ الاستراتيجي أم التواطؤ التكتيكي، لا بد أن يقود "الاسرائيليين" الى الهاوية، ليس فقط بسبب عشوائية السياسات التي ينتهجها الرئيس الأميركي، بتلك الشخصية العاشقة للضوء والضوضاء، وانما أيضا لدعمه تلك الحروب التي تخاض الآن، والتي تقود الى نوع معين من السلام هو سلام المقابر .

اذ تنشط الاتصالات الديبلوماسية من بلدان الخليج الى روسيا، مروراً ببعض الدول الأوروبية. أبلغ دونالد ترامب بعضاً من قادة الدول في المنطقة، الذين تمنوا عليه العمل لوقف الحرب وعدم توسيعها، بأنه قد يضطر الى المشاركة منعا للجؤ القيادة "الاسرائيلية" الى الخيار النووي، لأن منظر الخراب الهائل الذي حدث في مناطق مختلفة من "اسرائيل"، لا بد أن يحدث تفاعلات كارثية داخل الجاليات "الاسرائيلية" التي وفدت من أصقاع الدنيا الى "أرض الميعاد"، وحيث يفترض أن يكون "الفردوس اليهودي"، البعيد عن المآسي التاريخية التي عاشوها في أنحاء مختلفة من القارة العجوز، والتي انتهت بالمحرقة اليهودية في أوشويتز .

لا ريب أن هناك حكومات عربية تتمنى تقويض النظام الحالي في ايران، ولأسباب مختلفة، وان كان هذا النظام قد انتقل في السنوات الأخيرة، من الاعتماد على اللغة الايديولوجية العاصفة والمكفهرة ألى اللغة البراغماتية، الـتي تأخذ بالاعتبار أهمية اقامة علاقات حسن الجوار مع المحيط (ليبقى الوضع اليمني يرخي بظله على المشهد العام)، والانفتاح في أكثر من اتجاه، ولكن ماذا اذا وقعت المنطقة بين أيدي "الحاخامات" الملطخة بالدم، ما يمكن أن يفضي تلقائيا الى حصول ارتدادات سيكولوجية وحتى جيولوجية، قد تؤدي في لحظة من اللحظات، الى تشكل زلزال يفجر المشهد العربي العام  .

وكنا قد لاحظنا أن دولة مؤثرة مثل المملكة العربية السعودية، التي لطالما بنت سياساتها الاقليمية والدولية انطلاقا من أجواء اللقاء الذي عقد بين الملك عبد العزيز آل سعود والرئيس فرنكلين روزفلت عام 1945، على متن المدمرة كوينسي في قناة السويس، اتجهت بوجود الأمير محمد بن سلمان، نحو اقامة علاقات متوازنة مع القوى الكبرى، بما في ذلك روسيا والصين، وهو الذي اطلع بدقة على الطريقة التي يدير بها دونالد ترامب علاقاته مع دول العالم، وبالتالي مع دول الشرق الأوسط، والى حد تجاوز الحد الأدنى من المنطق، والطلب من ايران الاستسلام (أمام "اسرائيل") دون قيد أو شرط .

هذا لنلاحظ أن بعض الشخصيات السياسية والنيابية اللبنانية، تهلل لما تعتبره "السقوط الايراني" أمام "اسرائيل"، ودون أي اعتبار للسياسات المجنونة لبنيامين نتينياهو، والثأثير الكارثي لذلك في لبنان والبلدان العربية الأخرى، وبعدما شهدت الحقبة الأخيرة الانكفاء الجيوسياسي الايراني من المنطقة العربية .

امام هذه التحولات الكبرى والغامضة، المراوحة داخل صراعات الطوائف، وصراعات الأزقة، كما لو أن "الحاخامات" لا يريدون اعادة بناء الهيكل بجماجم اللبنانيين، حتى إن "الماشيح المخلص" لن يظهر الا بعد أن يرصفوا له الطرقات بالجماجم ...

الأكثر قراءة

مَن يُنقذ إيران من الضربة النوويّة؟