لا تزال الحرب الإسرائيلية على غزة مستمرة منذ اندلاعها، بوتيرةٍ من الوحشية فاقت كل توصيف، مستهدفةً المدنيين، والبنى التحتية، والمستشفيات، ومخيمات النازحين، في سياق مشروع إبادة سياسي وإنساني، يسعى إلى تدمير ما تبقّى من مقومات الحياة في القطاع.
وفي إطار ما عُرف بـ «حرب الإسناد»، تلقّت قوى المقاومة، لا سيّما في لبنان، سلسلة ضربات استراتيجية، أبرزها استشهاد شخصية استثنائية بحجم الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصرالله، وهو ما أضعف بوضوح قدرة الردع اللبنانية، التي كانت طوال العقدين الماضيين تقي البلاد من الانزلاق إلى مواجهة شاملة.
بالتوازي، تشهد المنطقة تصعيدًا إسرائيليًا غير مسبوق، في وتيرته وحدّته، ضد غزة ولبنان (رغم اتفاق وقف إطلاق النار)، وسوريا، وسط تراجع ملحوظ للخطوط الحمراء التقليدية التي كانت تحكم قواعد الاشتباك في ظل معادلات الردع السابقة.
وتزامنًا مع هذا الواقع الميداني، فرض «طوفان الأقصى» معادلات سياسية جديدة. فقد أدّى انفجار غزة إلى تباطؤ في مسار التطبيع العربي المتسارع مع إسرائيل، حيث تم ربط أي خطوة تطبيعية جدية بقيام دولة فلسطينية، بعدما كانت الأمور سابقًا تُناقش بمعزل عن شروط واضحة وهذا تطور يُحسب من نتائج المعركة، حتى وإن لم يُعلن رسميًا.
غير أن الأثر الأعمق للحرب قد يكون على مستوى الوعي العالمي، لا سيما داخل المجتمع اليهودي نفسه. فالمشروع الصهيوني، الذي قام منذ بداياته على وعد إقامة «وطن قومي آمن لليهود في فلسطين»، بات يتلقى اليوم ضربة بنيوية. فقد أصبح واضحًا، بالأرقام والوقائع، أن هذا الكيان لم يتمكن من تأمين الأمان للمستوطنين اليهود، بل جعلهم في حالة دائمة من التهديد والخوف.
لم يعد الحديث عن التهديد الوجودي لإسرائيل حكرًا على خصومها، بل بدأ يتردد داخل المجتمع الإسرائيلي نفسه، وفي أوساط يهودية حول العالم، تتساءل بصراحة: هل كانت إقامة الدولة في قلب هذا الإقليم، ضمن بيئة رافضة، خطأً تاريخيًا؟
لقد كشفت الحرب أن المستوطن اليهودي في تل أبيب، أو عسقلان، أو بئر السبع، ليس في أمان. وبالمقابل، فإن يهود العالم يشعرون بالأمان في باريس، أو نيويورك، أو برلين، أو موسكو، أكثر بكثير مما يشعر به المستوطن داخل «الدولة اليهودية» المفترضة.
هذا التحول في الإدراك تخطّى النخبة الفكرية والسياسية، وامتد إلى قطاعات أوسع من الجاليات اليهودية، التي بدأت تعيد النظر في علاقتها الوجودية بإسرائيل. بعضهم لم يعد يرى في إسرائيل «ملاذًا أخيرًا»، بل عبئًا أخلاقيًا وسياسيًا، يُخشى أن يجرّه إلى مواجهة لا يريدها.
وهذا الشرخ، بين إسرائيل ويهود العالم، مرشّح للتوسع في السنوات المقبلة، ما لم تنجح تل أبيب في إعادة بناء سردية الأمان، وهي تبدو اليوم أعجز من أي وقت مضى عن تحقيق ذلك، رغم الضربات الموجعة التي وجهتها لقوى المقاومة في المنطقة.
يتم قراءة الآن
-
دمشق تحت النار ومجازر في السويداء: لا رابح من لعبة الخراب التركية «الإسرائيلية»! كيف انكسرت حسابات الشرع على أبواب السويداء؟ «تل ابيب» تريد الجنوب السوري «منطقة عازلة» وحاكم خليجي: لقد خدعنا الأميركيون
-
سورية المفكّكة في قبضة نتنياهو
-
براك التقى أورتاغوس ... وهذا ما ناقشاه
-
السويداء: ثمان ساعات حاسمة قلبت المشهد اعدامات ميدانية وتجاوزات بحق المدنيين
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
21:20
البيت الأبيض: جهود حل النزاع في سوريا تبدو مستمرة
-
21:13
الوكالة الوطنية: لا صحة لما يتداول عن غارة استهدفت النميرية وما حصل هو اندلاع حريق في حقل اعشاب بالبلدة
-
20:31
بيان مشترك للسعودية والإمارات والبحرين وتركيا والأردن والعراق وعُمان وقطر والكويت ولبنان ومصر: -نؤكد دعم أمن سوريا ووحدتها واستقرارها وسيادتها ورفض كل التدخلات الخارجية في شؤونها
-
20:28
مصادر الجديد: تذكر بكلام الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم في العاشر من محرم في اعلانه باسم الحزب أنهم مستعدون لخيارين: لخيار السلم وبناء البلد وبذل اقصى الطاقة والتعاون بما التزموا به من اجل النهضة والاستقرار ومستعدون كذلك لخيار المواجهة والدفاع
-
20:27
مصادر مقربة من الحزب للجديد: الحوار عنصر أساسي بمقاربة الحزب لكل الاستحقاقات في المقابل مطلوب من الاميركي والفرنسي ان يمارسا دورهما الضامن لتنفيذ اتفاق وقف اطلاق النار من دون الانحياز لاسرائيل
-
20:17
أردوغان: تركيا لن تسمح بإلحاق الضرر بوحدة أراضي سوريا وتركيبتها متعددة الثقافات
