لا يختلف اثنان على ان الإنتخابات البلدية والاختيارية، كانت معركة قياس الأحجام والأوزان على الساحة المسيحية، ظهرت فيها الخلافات المسيحية والاصطفافات "على رأس السطح" خلف اللوائح المتنافسة. ولا يختلف اثنان ايضا على ان نتائج الإنتخابات لم تفرز فائزا أوحدا في الشارع المسيحي، فالأصوات توزعت بين الأحزاب والقوى السياسية، ومن ضمنها الخط السياسي المؤيد لرئيس الجمهورية الذي كان لاعبا بصورة غير مباشرة في الإنتخابات الاخيرة.
التنافس البلدي بين القوى المسيحية لم يكن مخفيا، وأعاد الصورة الى المشهد الرئاسي قبل انتخاب العماد جوزف عون رئيسا للجمهورية ،حين كان شد الحبال قائما بين الزعامات المسيحية للرئاسة. فالنائب جبران باسيل وضع "فيتو" على ترشيح سليمان فرنجية وجوزاف عون، ورئيس "القوات" سمير جعجع كان ممانعا للاثنين، حيث أسقط تحفظاته على العماد جوزاف عون في الربع ساعة الاخير الرئاسي.
وتؤكد مصادر سياسية ان المشهد في الاستحقاق البلدي يشبه ما جرى في الرئاسة، فالتنافس واقع بين الزعماء الموارنة، فجعجع لم يكن ممانعا قويا لترشيح عون، لكنه كان يرى نفسه الاحق بالرئاسة نظرا لحجمه التمثيلي مسيحيا، فسار بالتسوية الدولية وحقق فوزا بإبعاد خصومه التقليديين (جبران باسيل وسليمان فرنجية) عن الرئاسة الاولى .
وعلى الرغم من إنضمام "القوات" الى الفريق السياسي الداعم للعهد وخطواته الإصلاحية ، وتمثيلها بحقائب أساسية من بينها وزارة الخارجية، فان التباعد بينها وبين والعهد لا يزال قائما، والاختلاف بينهما على طريقة معالجة الملفات الخلافية ومقاربة ملف السلاح. فرئيس الجمهورية يبدي مرونة فائقة بالتعاطي مع موضوع السلاح مغلبا المصلحة الوطنية ، بينما جعجع يسعى للإجهاز والقضاء على الحزب، وهو الطرف الوحيد الذي يخوض مواجهة مفتوحة في مسألة السلاح، فيما تتجنب القوى المسيحية الأخرى التوغل في الموضوع تجنبا لتوترات داخلية.
مؤشرات كثيرة حملتها صناديق الإقتراع مسيحيا، وهي بقاء التنافس المسيحي ذاته كما حصل في رئاسة الجمهورية، فجعجع اضطر لانتخاب جوزف عون لانه كان يحظى بدعم دولي، لم يحصل عليه اي مرشح رئاسي، ووفق التسوية الدولية المعروفة. وفي الإنتخابات البلدية بدا التنافس في عدد من المناطق بين "القوات" و"التيار الوطني الحر"، فيما كان واضحا الدور البلدي للرئاسة الاولى، على الرغم من تأكيد المقربين من بعبدا ان رئاسة الجمهورية لم تدخل في التحالفات البلدية، لكن المؤيدين لخط بعبدا كانوا داعمين لتفاهمات إنتخابية تؤيد خط العهد. وتظهر القراءة الانتخابية في عدد من البلديات المسيحية ازمة الأحزاب المسيحية وتنافسها الحاد.
ويؤكد منسوب الكلام عن سلاح حزب الله في الداخل انه وصل الى درجة عالية من التوتر غير المسبوق في العلاقات السياسية، وخرج الحزب عن صمته ليعلن بالفم الملأن ونبرة حادة ان الاقتراب من سلاحه أمر مرفوض . مع ذلك تؤكد مصادر سياسية ان ملف السلاح لن يكون عاملا متفجرا، والعمل جار بين بعبدا وعين التينة وحزب الله وقيادة الجيش لترتيبات معينة، لا تفجر الوضع ومعالجة الملف من دون التنازل عن المقاومة والثوابت الوطنية.
الاختلاف في مقاربة مسألة السلاح واقعة بين رئاسة الجمهورية و"القوات"، فرئيس الجمهورية يتعاطى مع الموضوع بالطرق الديبلوماسية، فيما يصر الحزب على معادلة الاستثمار بالمقاومة لتحقيق التحرير، ورفض اي خطوة تضعف لبنان. بالمقابل، تصر "القوات" على رفع سقف الخطاب السياسي، والسير في خطة حصر السلاح بيد الدولة تطبيقا لخطاب القسم. وليس مخفيا ان "القوات" تستعجل نزع السلاح في مهلة قريبة وفق تصريحات جعجع والوزراء "القواتيين"، حيث يظهر التباعد بين "القوات" ورئيس الجمهورية جوزاف عون، الذي يدعو الى توافق داخلي حول الملف، معتبرا السلاح موضوع حساس وتحقيقه رهن بتوفر لظروف الملائمة.
وتؤكد المصادر عينها ان استراتيجة معراب معروفة حيال مسالة السلاح، لكن المفارقة اليوم ان هذا الطرح يؤذي المساعي والجهود المبذولة من قبل رئيس الجمهورية، ويعرّض التضامن الحكومي لخضات عنيفة.
وتصرّ المصادر على ان حزب الله ليس ممانعا لطرح السلاح بالشروط اللبنانية، فيما يسعى رئيس الجمهورية "لربط نزاع" بين الضغوط الدولية والمصلحة اللبنانية، ويمكن الجزم ان الأمور تسلك مسارا مقبولا جدا بين بعبدا وحارة حريك، وهناك تفاهمم مبدئي لمقاربة مسألة السلاح بتوافق داخلي وضمانات دولية، تتعلق بالانسحاب "الإسرائيلي" من النقاط الخمسة ووقف الاعتداءات "الإسرائيلية" اولا. وليس صحيحا ان حزب الله ليس متعاونا، فهو قدم خطوات عملية و"سلف" عملية التفاوض بتسليم مراكز عسكرية له شمال وجنوب الليطاني، فحزب الله حدد ما يريده: الانسحاب الاسرائيلي اولا، وتأهل الدولة لتسلم الدفاع ثانيا، وعدم ربط المسائل باعادة الإعمار ثالثا.
يتم قراءة الآن
-
أيّ صفقات استراتيجيّة بعد الصفقات الاقتصاديّة؟
-
ترامب يرفع العقوبات عن سوريا و«يشترط» لمساعدة لبنان طرابلس تحت الضغط: شارع غاضب وانتخابات معلّقة قضية «المرفأ» تتحرك و«المتقاعدين» الى التصعيد
-
إتفاق أميركي – إيراني... هكذا سيتأثر حلفاء واشنطن
-
رفع العقوبات عن سورية: المخاطر والإيجابيّات لبنانيًا ما هي الأثمان.. وهل من دور لدمشق في محاصرة حزب الله؟ ترقب لردّ فعل "اسرائيل" بعد انتهاء زيارة ترامب الى المنطقة
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
22:38
هيئة البث "الإسرائيلية": "إسرائيل" تدرس تقليص خططها لتوسيع القتال في غزة من أجل منح فرصة إضافية للمفاوضات.
-
22:37
هيئة البث "الإسرائيلية": المفاوضات لا تزال جارية في قطر وهناك ضغوط أميركية تمارس على جميع الأطراف.
-
22:36
هيئة البث "الإسرائيلية": لا انفراجة حتى الآن في المفاوضات رغم جهود واشنطن الكبيرة لإقناع الأطراف بتقديم تنازلات.
-
22:35
نتنياهو: لدينا 20 مختطفا من المؤكد أنهم على قيد الحياة ونعمل لإعادتهم جميعا وكذلك القتلى.
-
22:34
نتنياهو: تحدثت اليوم وأمس مع المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف وكذلك مع وزير الخارجية ماركو روبيو.
-
22:08
الإسعاف "الإسرائيلي": تلقينا بلاغات بحالات هلع وإصابات طفيفة جراء التدافع نحو الملاجئ.
