اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


مرحلة بعد مرحلة تتوالى الانتخابات البلدية فصولاً، الدولة تفرح وتهلل للإنجاز والناس ورغم أزماتهم المعيشية والمالية بعبرون عن البهجة والسرور، وهم نسوا كل شيء أو كادوا، لا هم لهم إلا النتائج ولو كانت في معظمها متوقعة ومعروفة سلفاً، ولا شيء يعلو فوق صوت المختار ورئيس البلدية وطبعاً مع زخات رصاص من هنا وزخات رصاص من هناك، والله يرحم الموتى. البلدات في عرس "قروي" وحفلات الدبكة والكاس تعم الساحات ولم ينقص المشهد سوى المخل وتربيع الجرس وشد الحبل لكي يعيش الناس من جديد حلقات "نادي النوادي" سقى الله الزمن الجميل، ولا يخلو الأمر من دفشة من هنا ونخعة من هناك إما على سطح الكنيسة أو في ساحة الجامع، وتصريحات من فج وغميق أين منها قصص عنترة وحروبه وانتصاراته، نعم الجميع يحب الانتصار وهذا ليس بعيب.

بعد الاحتفالات يأتي كلام الجد

وبالرغم من أن النتائج لا تقدم ولا تؤخر، إلا أن البعض يصر وفي وسط هذه العجالة على إبراز الوجه الطائفي والمذهبي البغيض من خلال الانتخابات، بعيداً عن هم البلدات المختلطة التي تحترم أو لا تحترم التنوع الطائفي والمذهبي، تبقى بيروت العاصمة الشغل الشاغل التي ويا للأسف أصبحت تشكل مساحة للخلاف وهو نقيض الاختلاف والتنافس، وتذكر بعض الناس فيها أن لرئيس البلدية "السني" بين مزدوجين حقوقاً مغبونة وصلاحيات مغتصبة، وهم وبدلاً من تنظيم الاختلاف وجعل بيروت دوائر كما في معظم العواصم والمدن الكبرى، راحوا يطالبون بتقليص صلاحيات المحافظ "المسيحي" بين مزدوجين وذلك لكي يقبلوا المناصفة، وهنا يترحم الناس على الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي لم يكن ليقبل إثارة موضوع العدد بل إنه كان مصراً على المناصفة الحقيقية، حتى ولو كان المسيحيون لا يشكلون أكثر من ثلث أهل بيروت.

الطائفية ليست فقط حكراً على البلديات

بالرغم من أن حاكم البنك المركزي لم يمض على تعيينه إلا حوالى الشهر ونصف الشهر، تم تعيينه في 27 آذار 2025، حتى بدأت المشاكل حول صلاحياته، فهنالك أكثر من صوت ينادي بتقليص صلاحيات الحاكم الماروني وهو على فكرة وعلى شاكلة حكام البنوك المركزية من حول العالم يتمتع باستقلالية تامة عن السلطة السياسية، إذن وبالرغم من ذلك ترتفع الأصوات للحد من صلاحياته وفي المقابل تعزيز صلاحيات لجنة الرقابة على المصارف التي يرأسها "سني" . وهكذا وبدون لا شورى ولا دستور تطل الطائفية برأسها من بوابة أعلى سلطة مالية ونقدية في الدولة اللبنانية، التي كان من المفترض أن تكون بعيدة عن التجاذبات الطائفية وذلك كي يطمئن اللبنانيون إلى قراراتها وطريقة معالجتها لاسترداد الودائع والأموال المنهوبة وإعادة الانتظام إلى الجسم المصرفي.

الدولة المدنية

وهكذا ولألف سبب وسبب أصبح إرساء الدولة المدنية من أولى الأولويات وأصبح وضع قانون موحد للأحوال الشخصية وإلغاء الطائفية وبكل أشكالها أولوية لبناء الدولة الحديثة، وإذ نكتفي بهذا القدر عل ذلك يلقى آذاناً صاغية من أهل الحكم والحكومة.

                                                                                    *كاتب سياسي

 

الأكثر قراءة

الانتخابات البلديّة في البقاع: بعلبك "بروفا" الانتخابات النيابيّة...