في السنوات الأخيرة، أصبحت عمليات شفط الدهون من أكثر الإجراءات التجميلية شيوعًا، حيث يلجأ إليها العديد من الأشخاص بهدف تحسين مظهرهم الجسدي والوصول إلى قوام أكثر تناسقًا. ورغم أن هذه العمليات قد تبدو حلًا سريعًا للتخلّص من الدهون الزائدة، إلا أن الإقدام على شفط كميات كبيرة من الدهون دفعة واحدة يُعد إجراءً محفوفًا بالمخاطر وله تداعيات صحية جسيمة على المدى القصير والطويل.
بداية، يجب الإشارة إلى أن الجسم البشري يحتوي على نسبة معينة من الدهون الضرورية للحفاظ على وظائفه الحيوية، مثل تنظيم درجة الحرارة، حماية الأعضاء الداخلية، وتخزين الفيتامينات الذائبة في الدهون. وعند اللجوء إلى شفط كميات مفرطة من الدهون، خاصةً ما يزيد على 5 لترات في الجلسة الواحدة، فإن هذا التوازن الفزيولوجي الدقيق قد يتعرض للاضطراب. ففقدان الدهون بشكل مفاجئ قد يؤدي إلى انخفاض ضغط الدم، اختلال مستويات الإلكتروليتات في الجسم، وفقدان كميات كبيرة من السوائل، مما يُعرّض المريض لخطر الإصابة بالصدمة أو الفشل الكلوي الحاد.
من جهة أخرى، يُعد النزيف أحد أكثر المضاعفات شيوعًا في عمليات شفط الدهون المكثفة، حيث إن الأوعية الدموية الصغيرة التي تمر عبر الأنسجة الدهنية قد تتعرض للتلف أثناء العملية، مما يؤدي إلى فقدان الدم بكميات غير متوقعة. كما أن التورّم الشديد وظهور الكدمات المؤلمة شائعان بعد هذه العمليات، وقد تستغرق فترة طويلة للتعافي، مما يؤثر على نوعية حياة المريض ونشاطاته اليومية.
ولا يمكن إغفال التأثيرات الجانبية في القلب والجهاز التنفسي. ففي بعض الحالات، قد تدخل جلطات دهنية إلى مجرى الدم، وتنتقل إلى الرئتين أو القلب، محدثة انسدادًا خطرًا يُعرف بـ "الانسداد الدهني"، والذي قد يهدد الحياة إذا لم يُكتشف ويُعالج فورًا. هذا بالإضافة إلى أن التخدير العام المستخدم في مثل هذه العمليات الكبرى يحمل بحد ذاته مخاطر على من يعانون من أمراض مزمنة أو ضعف في وظائف الكبد أو الكلى.
علاوة على ذلك، قد يعاني المرضى من تشوّهات دائمة في مظهر الجلد بعد الشفط المكثف، مثل الترهلات، عدم تجانس السطح، أو تكون ندوب عميقة. كما أن التوقعات غير الواقعية بشأن النتائج قد تؤدي إلى خيبة أمل نفسية وشعور بالإحباط أو انخفاض احترام الذات، مما يزيد من احتمالية اللجوء إلى إجراءات تجميلية إضافية، قد تُفاقم من الخطر الصحي والنفسي مع مرور الوقت.
في هذا السياق، تُوصي الجمعيات الطبية العالمية بعدم تجاوز حد معين من الدهون التي يتم شفطها في جلسة واحدة، كما تشدد على ضرورة أن يكون المريض في صحة جيدة وخالٍ من أي أمراض مزمنة قبل الخضوع للعملية. كما يُنصح باختيار جرّاح تجميل معتمد وذو خبرة واسعة، ومناقشة كل تفاصيل العملية والمخاطر المحتملة قبل اتخاذ القرار النهائي.
وفي الختام، يجب التأكيد على أن الجمال الحقيقي يبدأ من التوازن بين الصحة النفسية والجسدية، وأن الحلول السريعة مثل شفط الدهون المكثف قد تبدو مغرية لكنها لا تُغني عن اعتماد أسلوب حياة صحي يقوم على التغذية السليمة والنشاط البدني المنتظم. فالصحة ليست أمرًا يغامَر به في سبيل مظهر خارجي مؤقت، بل هي الثروة الحقيقية التي يجب الحفاظ عليها بكل وعي ومسؤولية.
يتم قراءة الآن
-
معركة زحلة حسمت الجمعة... تعليمة جوية وصلت الضاهر: STOP
-
اورتاغوس تصعّد من الدوحة ولبنان يصر على «الحوار» بيروت تستعد لصيف بلا عتمة... وصندوق النقد غير راضٍ
-
الأفضل لسورية... التطبيع أم التقطيع؟
-
نتنياهو يهدّد وأورتاغوس تساوم... لبنان يردّ بالتفاهمات والترقب انتكاسة لمخزومي في بيروت: طموح السراي يصطدم بضعف التمثيل السني «بلديات المتن»: نيكول الجميّل تتحدى ميرنا المرّ في معركة الاتحاد
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
07:19
وول ستريت جورنال عن مصادر: ترمب أبلغ قادة أوروبيين بأن بوتين ليس مستعدا لإنهاء الحرب لأنه يعتقد أنه منتصر
-
07:14
رويترز: العملة المشفرة "بتكوين" تحقق سعرا قياسيا جديدا يتجاوز 110 ألف دولار
-
23:44
فوز الرياضي على الأنطونية بنتيجة 99-72 ضمن المرحلة السابعة عشرة المؤجلة من "ديكاتلون" بطولة لبنان لكرة السلة
-
22:46
وزير الخارجية يتوعد: سوف يتم استدعاء كل سفير يتعدى حدوده!
-
22:38
التحكم المروري: إنقلاب سيارة على أوتوستراد غزير - المسلك الشرقي والأضرار مادية، وحركة المرور ناشطة في المحلة
-
21:28
لابيد: معنى كلام نتنياهو اليوم هو احتلال غزة لسنوات طويلة وأن نستيقظ كل يوم على مقتل جنود
