اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


حين يرى الرؤساء الأميركيون في اسرائيل "لؤلؤة الشرق الأوسط"، من البديهي أن يكون المبعوث الى المنطقة يهوديًا وحتى اسرائيليًا. بعد دنيس روس، ديفيد كوشنر، وآموس هوكشتين، والآن مورغان أورتاغوس التي لا نتصور أن لها عدواً في الكرة الأرضية غير "حزب الله"، وسلاح "حزب الله" مع أنها اطلعت على تقارير وكالة الاستخبارات المركزية ألتي تؤكد ألا حرب ضد اسرائيل، ربما الى الأبد. بنيامين نتنياهو الذي اغتال السيد حسن نصرالله ويحيى السنوار هو الذي يتصدر المشهد بالوجه الملطخ بالدم. 

المبعوثة الأميركية حددت الهدف قبل أن تصل الى بيروت. لا خيار أمام الرئيس جوزف عون سوى أن يكون على خطى الرئيس أحمد الشرع (وهذا رأي قادة عرب)، وبعدما كان الجنرال هرتسي هاليفي قد تعهد ببناء الهيكل الثالث بجماجم اللبنانيين. أبو محمد الجولاني اختير للمنصب، وللمهمة، لأنه، ومنذ أن كان بالزي الأفغاني، وبسياسة قطع الرؤوس، التي لا تزال تطبق على الأقليات، لم يتفوه بكلمة واحدة يستشف منها عداؤه للدولة العبرية. بين الرئيس عون ونتنياهو جدار من الدم والكثير من الجدران التي تهدمت فوق أهلها ...

هكذا فتح دونالد ترامب صدره لـ "الرجل القوي"، ولـ "الشخصية الرائعة"، وحل ضيفاً على قصر اليمامة خلافاً للرئيس جوزف عون الذي حدد خط الهدنة خط الفصل، لا خط الوصل، بين لبنان واسرائيل. للعلم دبابات ايال زامير على أبواب دمشق لا على أبواب بيروت. لكن أورتاغوس تدرك أين هي نقاط الضعف السورية واللبنانية. نصيحتها، بالاصبع المرصع بنجمة داود، أن ينتهز لبنان "الفرصة الأخيرة"، وهي التي تراهن. كما نتنياهو، على الانفجار الداخلي. الآن لا مشكلة في كوندومينيوم سوري ـ اسرائيلي لحكم لبنان. على كل، اذا كنتم تذكرون، نائب لبناني هدد بالشرع ونتنياهو لنزع سلاح "حزب الله".

جهات عربية هي التي تسأل الآن ما اذا كان لبنان الذي استمات لـ "العودة الى الحضن العربي"، يمكن أن يبقى خارج القافلة العربية، وهي في طريقها الى الهيكل؟ ثم هل  لبنان وحده، دون سائر الدول العربية والاسلامية، المعني بحجارة القدس (التي، شخصياً، لا تعنيني بقدر ما تعنيني حجارة صيدا وجبيل وبعلبك ...). استطرادًا، هل تعني محمود عباس الذي يزورنا، والذي يفترض أن ينقل الرسالة العربية والأميركية والاسرائيلية الى الرئيس اللبناني. التوطين على شاكلة كانتون أو كانتونات فلسطينية على الأرض اللبنانية.

لا ندري ما اذا كان سيناريو ترحيل مقاتلي "حزب الله" لا يزال نافذ المفعول. لا بأس أن يبقى المقاتلون الفلسطينيون، بعدما زالت القضية الفلسطينية من رؤوس قادة الفصائل. هل كانت فلسطين قضية ياسر عرفات؟ من فضلكم حاولوا قراءة اتفاق أوسلو لتتبينوا كيف ضاعت فلسطين، وكيف دفنت، وكتبنا ذلك مرارًا، تحت الثلوج والورود الاسكندافية.

عشية وصول عباس، كان هناك تصريح لقيادي في المنظمة. ضبط السلاح لا نزعه. منع الجيش اللبناني من الدخول بالقوة (وغير القوة؟) الى المخيمات التي أمنها من اختصاص القوى الفلسطينية المولجة بالمهمة. هل من أحد يعلم ما الفارق بين كهوف عين الحلوة وكهوف تورا بورا؟

لا داعي لكل ذلك الدوران (والدوار) الديبلوماسي. لبنان شاء أم أبى لا يستطيع الا أن يقتفي اثر سورية تصوروا أن تقول أورتاغوس، خلال مشاركتها في "منتدى قطر الاقتصادي" في الدوحة "أنا متأكدة أن أيًا من دول الخليج لا ترغب في ارسال مواطنيها الى مكان (خطر)، فبيروت ولبنان يعتبران صغيرين نسبياً، لذلك لن ترغب في ارسال مواطنيك الى هناك في حال وجود صواريخ باليستية بالقرب من المقهى...". كيف للمسؤولين اللبنانيين أن يستقبلوها عندما تحرض، بهذه الطريقة الفظة، دول الخليج على مقاطعة لبنان، وكذلك عندما تعطي الضوء الأخضر لاسرائيل حتى أن تضرب قلب بيروت؟

أكثر من ذلك، اذ كان ترامب قد وعد بتحويل غزة الى ريفييرا الشرق الأوسط، ينقل لنا زميل خليجي عن المبعوثة الأميركية قولها بتحويل بيروت الى لاس فيغاس الشرق الأوسط، والا مصيرها مصير غزة. ديفيد هيرست قال "حين تكون هذه المرأة في بيروت، أتصور أن غولدا مئير في بيروت"!

لبنان في مأزق الانفجار الداخلي. حصار رهيب ضد "حزب الله"، حتى أن رئيس أحد الأحزاب أبلغ عاصمة عربية بأن حزبه يخوض المعركة البلدية لـ "سحق حزب الله" ألذي ليس بينه وبين الحزب المذكور أي مواجهة انتخابية. استاذ جامعي قال عبر احدى الشاشات "اسرائيل عدوتهم وليست عدوتي". بعيداً عن "حزب الله"، كيف يمكن لكائن بشري أن يتعاطف مع تلك السياسات الوحشية للدولة العبرية؟

مرة أخرى، هل يستطيع لبنان أن يبقى خارج القافلة العربية التي تتجه الى أورشليم؟ وهل تستطيع ايران البقاء في حال المواجهة مع الولايات المتحدة حين تظهر التكشيرة النووية على وجه نتنياهو؟

ثمة اعصار في المنطقة. بلغة الكاوبوي الساخرة يقول رئيس لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس السناتور جيم ريش "حين يبلغ الاعصار ذروته، الموتى وحدهم لا يسقطون أرضًا". الاعصار في ذروته. من يسقط...؟؟

الأكثر قراءة

نتنياهو يهدّد وأورتاغوس تساوم... لبنان يردّ بالتفاهمات والترقب انتكاسة لمخزومي في بيروت: طموح السراي يصطدم بضعف التمثيل السني «بلديات المتن»: نيكول الجميّل تتحدى ميرنا المرّ في معركة الاتحاد