اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


المفارقة الكبرى في الحرب بين ايران و "اسرائيل" انهما لا يتشاركان حدودا جغرافية، مما يجعل هذه الحرب لها مسار مختلف عن باقي الحروب التي حصلت وتحصل في المنطقة. انها حرب الاستكبار والفلتان الامني الذي تعيشه "اسرائيل"، بعد ان بررت الاخيرة بان هجومها على ايران يندرج في احباط خطر وجودي عليها، مرتكزة ان طهران بصدد صنع قنبلة نووية. علما ان هذا الاتهام غير مبني على حقائق، بل كلها ذرائع كاذبة لتدمر "تل ابيب" الجمهورية الاسلامية الايرانية، بهدف ان تصبح "اسرائيل" القوة العظمى الوحيدة في الشرق الاوسط دون اي منازع.

اما السؤال الذي يطرح نفسه: هل اخذت ايران العبرة من الاعتداءات "الاسرائيلية" التي خرقت كل الخطوط الحمراء في الحرب ضد حزب الله باغتيالها لقادة قوة الرضوان، ومن ثم اغتيال امين عام الحزب سماحة السيد حسن نصرالله؟ هل اخذت تدابير وقائية لحماية قادتها الاستخباراتيين والامنيين؟

ان خبر اغتيال رئيس الاستخبارات الايرانية ونائبه بغارة جوية، اثار الكثير من الشكوك عند الخبراء العسكريين والاستراتيجيين. فالبعض رأى ان اعلان ايران عن اغتيالهما(؟) قد يكون تمويها لاخراجهما من المشهد، دون ان تُكشف هويتاهما الحقيقية. وهذا النمط تم استخدامه سابقا في حالات حساسة، منها قادة في فيلق القدس. والهدف الايراني من ذلك، ان تبقي نظامها الاستخباراتي والامني متماسكا من الداخل.

في المقابل، اعتبر البعض ان اغتيالهما حقيقة وليس خبرا زائفًا.

ما نريد ان نقوله، ان عددا كبيرا من الخبراء اكدوا ان ايران استخرجت العبر من الحرب "الاسرائيلية" على حزب الله واساليب استهداف القادة في الحزب، وعليه قامت طهران بتغيير في سياستها العسكرية والامنية والاعلامية.

وفي هذا الاطار، قد تكون ايران لجأت الى اخفاء بعض القادة المهمين واعلان اغتيالهم زيفا لحمايتهم من اغتيال مستقبلي. اضف الى ذلك، فبعد عملية "البايجر" التي اصابت حزب الله، اوقفت قوات الحرس الثوري نهائيا استخدام جميع اجهزة الاتصالات، وأجرت فحصا شاملا لجميع الأجهزة، وبخاصة المستوردة، فيما راقبت حسابات السفر والمعاملات المصرفية للضباط رفيعي الرتبة. وها هي السلطات الامنية الايرانية تقوم بتفعيل الامن السيبراني والمعلوماتي بعد الاشتباه في تسريبات من الداخل او في جواسيس محليين.

وفي هذا السياق، اعدمت ايران على الاقل، رجلًا اتُهم بالتجسس لمصلحة "الموساد" مؤخرًا، واعتقلت آخرين يشتبه في تعاونهم مع "اسرائيل"، ضمن حملة موسعة ضد "المتعاونين داخليا". وفي محافظة مازندران (شمال ايران)، أعلنت عن تفكيك شبكات تجسس "مرتبطة بالموساد وأجهزة استخبارات أجنبية"، كانت تستخدم غطاء شركات وثقافة لجمع المعلومات. فهل اصبحت الجمهورية الاسلامية الايرانية محصنة داخليا من الخرق الامني الاستخباراتي "الاسرائيلي"؟ ام اننا سنشهد خرقا امنيا مشابها للبايجر؟

كل هذه العوامل التي ذكرناها ستحدد قدرة ايران على الصمود وعلى الدفاع عن نفسها، والحاق الخسائر الكبرى بـ"اسرائيل". علاوة على ذلك، رغم مطالبة ايران دولا خليجية بالضغط على "اسرائيل" لوقف عدوانها عليها، والرجوع الى الديبلوماسية مع واشنطن، فإن طهران تمتلك اوراقا قوية بقبضتها بامكانها ان تغير المعادلة. بيد ان تهديد الجمهورية الاسلامية الايرانية بإغلاق مضيق هرمز، سيهدد امن الطاقة العالمي، حيث ان ايران تراهن على ان الاقتصاد العالمي لا يتحمل حربا طويلة.

هذا الامر قد يستدعي الولايات المتحدة الى العودة الى الطرق الديبلوماسية، والطلب من "اسرائيل" وقف عمليتها العسكرية على طهران.

في نهاية المطاف، كل الاحتمالات واردة في هذه الحرب الخطرة، انما الشيء الوحيد الاكيد هو ان اي حل سيكون لتخفيف قدر الامكان الاضرار السلبية لهذا القتال العنيف بين ايران و "اسرائيل".

الأكثر قراءة

بري الذي أذهل المبعوث الأميركي