اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

كرة الثلج صيفًا فوق «عربات جدعون»!

خير أن تصل كرة الثلج متأخرة، ولو أكثر من سنة، من ألا تصل أبدًا!

فقد كان من المنتظر أن تنطلق كرة الثلج باعتراف دولي «بالمفرق» بدولة فلسطين نهاية شتاء العام الماضي، لتزهر في مطلع الربيع الفلسطين! ولكن ذلك لم يحدث!

فهل تنطلق كرة الثلج هذه، التي طال انتظارها، صيفًا هذه المرة؟ وهل يتدحرج الثلج فوق لهيب بركان «عربات جدعون»، الذي ينوي القضاء كليًا على ما تبقى من غزة؟!

«عربات جدعون»، تذكر بعملية لمنظمة «الهاغانا» (المنظمة العسكرية الصهيونية الرئيسية قبل قيام دولة إسرائيل) خلال حرب 1948، قبل قيام دولة اسرائيل. ولكن هذه المرة غزة هي المحاصرة والتي يستحيل إيصال الامدادات إليها، وليس القدس!

الصيف الجاري قد ينطلق (مع مزج الأمنيات بالواقع) الاعتراف بدولة فلسطين! وهو قد يُطرح جدياً في المؤتمر المقرر عقده في حزيران المقبل في الأمم المتحدة «لتحقيق توافق دولي حول هذا الهدف».

وذلك، مع احتمال تحول الاعتراف بدولة فلسطين الى كرة ثلج قد تتخطى جدران الأمم المتحدة «الموحدة» الى تراكم اعتراف فردي، يتحول الى جماعي، حتى من دون موافقة مجلس الأمن!

هل استيقظ الضمير الدولي ولو متأخرًا جدًا؟

ما حدث في الاجتماع الرئاسي الثلاثي الفرنسي - البريطاني - الكندي ليس حدثا عاديا، ولو لم يترافق مع ضجيج إعلامي كبير!

تصعيد كلامي، سيليه على الأرجح تصعيد بالمواقف. مواقف تمّ الإعلان عنها في نهاية الاجتماع بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيسي الحكومة البريطانية كير ستارمر والكندية مارك كارني.

«إجراءات ملموسة» ضد «الأعمال الشائنة»!

البيان الثلاثي الصادر عن القادة الغربيين إيمانويل ماكرون وكير ستارمر ومارك كارني أكد أنهم لن يقفوا «مكتوفي الأيدي» أمام «الأعمال الشائنة» لحكومة بنيامين نتنياهو الإسرائيلية في غزة!

وهم ذهبوا، وقد يكون ذلك للمرة الأولى منذ عقود للتهديد بـ «إجراءات ملموسة» ضد اسرائيل إذا لم يوقف نتانياهو هجومه العسكري ويفرج عن المساعدات الإنسانية.

التهديد الصادر عن القادة الثلاثة لم يتراجع أمام أي موقف أميركي محتمل مخالف! بل ذهب الى الاعلان عن تصميمهم على الاعتراف بدولة فلسطينية كمساهمة في تحقيق حل الدولتين. وهم أبدوا عن استعدادهم للعمل مع الآخرين، بينهم الولايات المتحدة بالتأكيد، لتحقيق هذه الغاية»!

موقف ماكرون المواجه لنتانياهو تكرر مرارًا خلال السنة الماضية. فالرئيس الفرنسي الذي يقود هذه الحملة الدولية عبّر في عدد كبير من مواقفه الأخيرة عن معارضته بشدة توسيع العـمليات العسكرية الإسـرائيلية في قطـاع غـزة!

«مستوى المعاناة الإنسانية في غزة لا يُحتمل!»

موقف الرئيس الفرنسي ينطلق من الجانب الانساني ليصل الى ضرورة إيجاد حل سياسي مستدام مبني على حل الدولتين وليس على «ريفييرا» جديدة، تملك منها فرنسا النسخة الأصلية!

مواقف أوروبية أخرى معادية لسياسات نتانياهو عبّرت عنها مثلًا الحكومة السويدية ومتحدثون من الحكومة الإسبانية.

فقد دانت وزيرة الخارجية السويدية ماريا مالمر ستينرجارد يوم الاثنين مشروع إسرائيل الرامي إلى «السيطرة» على كامل قطاع غزة، واصفة إياه أنه «ضم مخالف للقانون الدولي». والسويد، هي من أول البلدان التي اعترفت بالدولة الفلسطينية منذ عام 2014.

صحوة ضمير بدلاً من الضمير الانتقائي؟! وحين يكون الطفل بلا رأس، يكون العالم بلا قلب!

في زمن يبقى الضمير الإيرلندي يقظًا، يبدو أن العالم الغربي يعيش صحوة ضمير «مفاجئة»! فحين يكون الطفل بلا رأس، يكون العالم بلا قلب!

صحوة الضمير هذه كانت منتظرة بعد تصويت مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في 18 نيسان 2024. يومذاك صوّت مجلس الأمن على مشروع قرار كان من شأنه أن يوصي بقبول دولة فلسطين كعضو كامل العضوية في الأمم المتحدة. وكانت النتيجة أن فشل القرار بسبب استخدام الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو)، بعد حصوله على 12 صوتًا مؤيدًا، وصوتًا واحدًا معارضًا (الولايات المتحدة)، وامتناع دولتين عن التصويت (سويسرا والمملكة المتحدة).

وكان يمكن لصحوة الضمير هذه أن تأتي غداة تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10 أيار 2024. حينما صوّتت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية ساحقة (143 صوتاً) لدعم طلب فلسطين للحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، مقابل فقط 9 دول معارضة، بينها الولايات المتحدة واسرائيل، وامتناع 25 دولة عن التصويت.

وقد اعترف تصويت الهيئة العامة حينذاك أن دولة فلسطين مؤهلة للانضمام إلى الأمم المتحدة، ومنحها حقوقًا إضافية داخل الجمعية العامة. وإن كان هذا التصويت لا يمنح العضوية الكاملة، التي يجب أن يمنحها مجلس الأمن. وقد أوصى هذا التصويت أيضًا أن يعيد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة النظر في مسألة العضوية الكاملة. ولكنه لم يفعل!

«قطرة في محيط»!

«عربات جدعون» هي من تشدد الحصار على غزة. وهي من تمنع وصول الامدادات للناس! فقد أعلن توم فليتشر رئيس العمليات الإنسانية للأمم المتحدة أن تسع شاحنات مساعدات إنسانية تابعة للأمم المتحدة سُمح لها بالدخول إلى قطاع غزة يوم الاثنين، واصفًا ذلك بأنه «قطرة في محيط» بعد 11 أسبوعًا من الحصار.

وقد طالبت وزارات خارجية 22 دولة، بما في ذلك فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة وكندا واليابان وأستراليا، يوم الاثنين، إسرائيل بـ «استئناف كامل للمساعدات إلى غزة، فورا»، مطالبة بتنظيمها من قبل الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية.

وقد كتبت هذه الدول في بيان مشترك أرسلته وزارة الخارجية الألمانية أن الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية «لا يمكنها دعم» النموذج الجديد لتوصيل المساعدات إلى غزة الذي قررته الحكومة الإسرائيلية.

هل يمكن إطفاء «المحرقة» قبل فوات الأمن؟!

جيش الاحتلال أطلق حملة الاستيلاء على قطاع غزة في «عربات جدعون»! وحكومة الرئيس بنيامين نتانياهو الاسرائيلية تستعيد قصة جدعون من سفر القضاة في العهد القديم من الكتاب المقدس، الذي استخدم حيلة عسكرية غير تقليدية (المشاعل والأبواق) لتحقيق النصر على أعدائه. ولكن عملية عربات جدعون فشلت في العام 1948! فهل تنجح اليوم؟! وهل يستطيع القرار الفرنسي البريطاني الكندي من «ترويضها»؟!

يقول رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو إنه منفتح على اتفاق لإنهاء الحرب في غزة! ولكن كيف؟ وهو الذي لا يترك مناسبة إلا ويقوم بالتأكيد أنه يسعى الى «النصر الكامل» (Total Victory)!

من جهته، يدرك الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي يقول إنه «علينا جميعًا أن نعمل نحو تنفيذ حل الدولتين»، أن اسرائيل تحاول أن تحسم نتيجة مباراة 7 أكتوبر، بالوقت بدل الضائع! ومن دون مواجهة لضربات الجزاء الدولية!

ما يهم الآن هو معرفة كم هو الوقت الإضافي لقياس قدرات وتسارع اللهب في غزة، ولمعرفة إذا ما كان يمكن لصفارات الإطفاء أن تصل قبل فوات الأوان في زمن «المحرقة» الجديدة! كاتب وخبير في الشؤون الدولية


الأكثر قراءة

تصعيد «اسرائيلي» يسبق الانتخابات البلدية جنوباً «تسونامي» مرتقب للثنائي «وام المعارك» مسيحيا في جزين قناة مفتوحة بين بعبدا وحزب الله... واسئلة حول السلاح الفلسطيني