لعل الغرب الذي يهتز لموت قطة، ولم يهتز لمقتل عشرات آلاف الفلسطينيين (هل اهتز العرب؟)، بدأ يستفيق من غيبوبة الرجل الأبيض. صرخة في "اسرائيل" خشية التحول في الرؤوس الأوروبية والأميركية، بعدما بدأت الصحف والشاشات تضج بالآراء التي تندد بـ"الابادة النازية" في غزة.
ها هي بريطانيا بوعد بلفور، الذي رأى فيه لويد جورج "الصدى المقدس لوعد يهوه"، تستفيق، وكذلك فرنسا، وكذلك كندا والاتحاد الأوروبي. أنين الأطفال القتلى أو الجوعى يدق الآن على الأبواب الأميركية، على كل باب أميركي "بطائراتكم وبقنابلكم قتلتم العالم". من زمان كتبنا عن "موت العالم". حتى الموتى يصرخون من قبورهم أمام ذلك الشبق الجنوني للدم. اذاً نحن الذين رفضنا أن نضع باقة من الزهر على ضريح يعرب بن قحطان، نضع باقة الزهر على ضريح الفوهرر، لأن ما فعله بنيامين نتنياهو بالفلسطينيين (وباللبنانيين) يفوق بأضعاف ما فعله زعيم الرايخ الثالث باليهود. قد يفتح ديفيد غروسمان عينيه، ويصف رئيس حكومته بـ"قاتل اليهود"، مثلما وصف الكاتب النمسوي ستيفن زفايغ أدولف هتلر بـ "قاتل اليهود".
لطالما قلنا "العرب قتلة العرب"، والا هل كان لدونالد ترامب أن يدعو، وسط تلك التلال من الجثث، الى التطبيع مع برابرة القرن. هكذا نحن من الغيبوبة العثمانية الى الغيبوبة الأميركية، لتظل أرضنا مسرحاً للعبة الأمبراطوريات وللعبة الآلهة، وحتى للعبة الايديولوجيات الرثة، لكأننا وجدنا في هذا العالم فقط لكي نرقص بين القبور.
جو بايدن تجرأ في بدايات الحرب، وخرج من شخصية البطة العرجاء، ليقول لنتنياهو "أنك تضع مصير اليهود على حبل المشنقة". وهكذا قال توماس فريدمان، الذي كان ادوار سعيد يرى فيه "حاخام النيويورك تايمز"، لكن الرجل مضى في سياساته الهيستيرية الى حد قتل مليوني فلسطيني جوعاً. هذه ظاهرة لا مثيل لها في التاريخ، ومن هولاكو الى هتلر، ومن الفايكنغ الى المغول. دونالد ترامب جاءنا بعباءة اله القرن لكي يوقف الحروب. لم يكترث بالأشلاء التي تلف بالأكفان. متى كانت جثثنا، بما فيها جثث الباقين على قيد الحياة، تعني الغزاة؟
فرنسا والسعودية دعتا الى مؤتمر دولي في نيويورك بين 17 و 20 حزيران، من أجل اطلاق خارطة الطريق الخاصة باقامة الدولة الفلسطينية. للتو هدد نتنياهو الذي يرى في الدولة الفلسطينية "القنبلة في ظهر يهوه"، بضم الضفة الغربية الى "اسرائيل". رجل ضد سائر البشر، على ظهره القنابل النووية. هذه المرة لا يعد ويتوعد بتغيير الشرق الأوسط، يعد وبتوعد بازالة الشرق الأوسط، وربما بازالة العالم، اذا عدنا الى النصوص التوراتية والتلمودية، التي ترى أن ظهور "الماشيح" في آخر الأزمنة، يقتضي ازالة أي أثر لكل من لا يعتنق اليهودية.
الآن بدأت ترتفع الأصوات في أوروبا. في أميركا وباء آخر هو اللاسامية، على شاكلة المكارثية التي شاعت في مطلع الخمسينات من القرن الفائت، والتي وضعت في قفص الاتهام كل من يحاول احداث تغيير في البنية الفلسفية للأمبراطورية، حتى إن الفيلسوف اليهودي - الأميركي نورمان فلنكشتاين، يرى في استخدام اللاسامية سلاحًا ضد كل من يعترض على السياسات الوحشية لليمين الاسرائيلي "حلقة سوداء من تلك السلسلة الطويلة التي دأبت على تشويه العقل البشري".
تلك الأصوات التي تعتبر أن الهولوكوست اليهودي وضع التراجيديا اليهودية في الضوء، وأدى الى التعجيل بولادة دولة "اسرائيل"، تعتبر أيضاً أن الهولوكوست الفلسطيني الذي وضع التراجيديا الفلسطينية في الضوء، لا بد أن يؤدي الى التعجيل بولادة دولة فلسطين. هل هو انقلاب في الرؤية الأوروبية للعرب، بعدما كان الشائع ثقافيًا وتاريخيًا، الا مساواة بين الجثث، ولا مساواة بين البشر، لكأن الحضارات لم تظهر على هذه الأرض، كذلك الديانات. الفيلسوف الفرنسي اليهودي ادغار موران، وجه رسالة الى الرئيس جورج دبليو بوش، غداة 11 أيلول 2001 "عندما تطلق الرصاص على أي رأس هناك لكأنك تطلقه على رأس آدم"!...
مطحنة الدم في غزة لا بد أن تفضي الى "المطحنة الديبلوماسية" في نيويورك. حتى الآن لا كلام للرئيس الأميركي. ما يتردد في الظل أن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، لم يكونا ليطرحا موضوع المؤتمر الدولي لولا الضوء الأخضر الأميركي، لنسأل اذا كان الرجل الذي حاول القفز فوق القضية الفلسطينية، وفرض دومينو التطبيع على ما تبقى من الدول العربية، قد اقتنع أخيراً بأن وقف الصراع يبدأ من فلسطين، لا من اي مكان آخر.
في الثمانينات من القرن الفائت، فكر الرئيس الفرنسي فرنسوا ميتران بالدعوة الى عقد مؤتمر دولي حول الشرق الأوسط في مدينة البندقية. للتو ظهر مقال في "النيويورك تايمز" استوحي عنوانه من عنوان رواية الألماني توماس مان الشهيرة "موت في البندقية". رجل الاليزيه فهم أن مفاتيح المنطقة في واشنطن لا في باريس بروائع كوكو شانيل، ولا في موسكو بديبلوماسية راقصات البولشوي، ولا في بكين بديبلوماسية الرقص على رؤوس الأصابع.
الشرق الأوسط يتغير، ولكن لحساب من؟ ميريام ادلسون، أرملة الملياردير النيويوركي شلدون ادلسون، اقترحت اضافة فصل جديد الى التوراة يحمل اسم "سفر ترامب". الآن يصفه معلقو اليمين بالرجل "الذي ألقى بأمن اسرائيل الى الكلاب". ما علينا الا أن ننتظر...
الأكثر قراءة
-
واثقون من عقلانيّة حزب الله
-
باراك للمسؤولين : تعاونوا مع "سوريا الشرع"... أسرعوا بنزع السلاح وسأعود بأجوبة خلال أسابيع عون يُصارح الأميركيين : التطوّرات أخّرت التنفيذ... وسنكثف الإتصالات!
-
اللواء شقير اجتمع مع دبور وعردات ... وإجراءات "إسرائيليّة" تعوق عودة الأحمد فصائل فلسطينيّة ترفع رؤية الى رئيس الجمهوريّة تتضمّن مطالب منها الأمن
عاجل 24/7
-
20:05
بوتين: ترامب وعد بدعم مطلب روسيا بضمان أمن العاملين الروس في محطة "بوشهر" للطاقة النووية، وأشعر بالقلق إزاء الوضع المحيط بالمنشآت النووية الإيرانية، والتهديدات الموجهة للمواقع النووية في إيران تستدعي مشاركة روسيا في البحث عن حلول سلمية.
-
20:04
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين: روسيا تدعم إيران دائما في جهودها المتعلقة بالبرنامج النووي السلمي، وموقف روسيا تجاه إيران ومصالحها الشرعية لم يتغير، وروسيا تدافع عن حق إيران في الطاقة النووية السلمية ليس بالكلام بل بالأفعال.
-
19:42
سي إن إن عن المتحدث باسم الرئاسة الإيرانية: إذا تورطت الولايات المتحدة في الحرب فهناك خيارات عديدة مطروحة، ويمكن استئناف الدبلوماسية بسهولة إذا أمر ترامب بوقف الهجوم.
-
19:14
طيران الاحتلال "الإسرائيلي" اغار على اربع دفعات على المحمودية ومحيط الاحمدية وبين بلدتي الريحان والعيشية في جنوب لبنان.
-
19:09
المندوب الإيراني في مجلس الأمن: لا يمكن للوكالة الدولية للطاقة الذرية أن تظل صامتة أثناء تعرض منشآت محمية للهجوم، وإذا انهار نظام حظر الانتشار النووي سيتقاسم هذا المجلس المسؤولية مع نظام "إسرائيل".
-
19:09
المندوب الإيراني في مجلس الأمن: مقتل وإصابة أطباء وعاملين بالمجال الإنساني في هجمات استهدفت حتى الآن 5 مستشفيات.
