اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


تتراكم المؤشرات التي تفرزها صناديق الإقتراع البلدية، ويبرز الإهتمام بقراءة الأرقام في البلديات، التي لها طابع سياسي وحزبي لأبعادها ومساراتها في المستقبل. من هذا المنطلق تتجه الأنظار لما جرى يوم أمس في انتخابات مدينة جزين، الذي لم يكن تفصيلا عاديا وليس أمرا عابرا فوز "التيار الوطني الحر" بدوبل سكور انتخابي .

واذا كان فوز "القوات" في زحلة وبلديات كبرى، شكل نقطة تحول في المزاج المسيحي، إلا ان فوز التيار في جزين حمل دلالات ورسائل سياسية، فانتخابات جزين تخطت الطابع الانمائي، وأخذت طابعا سياسيا حادا، لتشكل اختبارا أوليا أساسيا لانتخابات العام ٢٠٢٦.

تمكن التيار في يوم الاحد من تحقيق "التسونامي الجزيني"، بعد الانتكاسة القاسية في انتخابات العام ٢٠٢٢ ، التي خسر فيها مقاعده النيابية الثلاثة بربح "قواتي" صافي، أخرج التيار من المعادلة الجزينية .

قد يحتاج الامر الى بعض الوقت لتبيان كيفية التصويت في جزين. ومع ان التيار يحتفل اليوم بـ double score على منافسيه في الانتخابات، لكن العارفين في تفاصيل اليوم الانتخابي في مدينة جزين، يتحدثون عن عوامل مختلفة أهدت الفوز للتيار. فمن الثابت ان التحالف السياسي الكبير للتيار مع ابراهيم عازار والعائلات، أدّى دورا هاما في ترجيح الكفة للائحة الفائزة من جهة، اما المؤثر الأكبر في الانتخابات الجزينية فكان الانقسامات داخل اللائحة "القواتية"، والتنافس بين مرشحيها، مقابل تحالف كبير بين عازار المقرب من رئيس مجلس النواب نبيه بري، وتحالف لم يعلن عنه مع شخصيات سنية مؤثرة في استحقاق العام ٢٠٢٦.

انتخابات جزين ليست مؤشرا عاديا، فهي بروفا للتحالفات النيابية المقبلة ومرحلة تأسيسية للانتخابات النيابية. المعركة في جزين لا يمكن تفسيرها بانها انتصار مادي فقط، فهي شكلت فوزا معنويا للتيار بعد نكسات كثيرة منيَ بها في جزين وخارجها، ربطا بالانتخابات النيابية الماضية والأزمات الداخلية التي مر بها.

فالانتخابات البلدية أعادت له توازنه السياسي، الذي سيتيح له تثبيت التحالف المسيحي - الشيعي في الدائرة في الاستحقاق النيابي، الا ان الأهم من كل ذلك تبقى معركة رئاسة اتحاد بلديات جزين التي لا تقل شأنا عن رئاسة البلدية، وهو الذي يقرر من يمسك فعليا بقرار المنطقة في السنوات الستة المقبلة.

وتؤكد مصادر سياسية ان ما جرى في جزين له امتدادات في كل المناطق، فالتنافس العوني والقواتي تظهرت ملامحه بالتسابق في الأقضية المسيحية بينهما على الاتحادات، التي ستكون مقدمة للمعارك النيابية المقبلة، ولاحقا على زعامة الشارع المسيحي. استطاع التيار ان يخرج من ازمته الحزبية والسياسية والشعبية، مسجلا أرقاما تدحض شائعة انتهاء دوره السياسي، بالمقابل تمكنت "القوات" من حصد مجالس بلدية بالكامل، ومن المتوقع ان تستفيد منها في الاستحقاق النيابي، معتمدة طريقة التيار وادائه نفسيهما في السنوات الماضية في مرحلة التسونامي العوني.

في التقييم النهائي، يتأكد سيطرة "القوات" على عدد لا بأس به من المجالس البلدية، بعدما فرضت الإلتزام الحزبي الكامل، ونسجت تحالفات انتخابية مدروسة بعناية، وهذا ما سيوفر لها الأرضية المناسبة للانطلاق الى معركة الاتحادات في المناطق، التي ستضع فيها "القوات" ثقلها لربح الاتحادات، نظرا الى ما تشكله الاتحادات من أهمية في الاستحقاق النيابي عام ٢٠٢٦، حيث ستسعى "القوات" لحشر التيار وتحجيمه، لتفرض نفسها لاعبا أساسيا على الساحة المسيحية، فيما يستفيد التيار من انتقاله الى ملعب المعارضة، لترميم شعبيته وشد العصب الجماهيري الى جانبه، من خلال تأدية دور المهمش والمعاقب مسيحيا.

الأكثر قراءة

الجنوب يُؤكّد عهد الوفاء... و«الوطني الحرّ» يحسمها في جزين عيد تحرير منقوص.. ولا أفق لانسحاب «إسرائيلي» وشيك أسبوع حاسم بملف تسليم السلاح الفلسطيني