اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


تؤدي الهرمونات دورا محوريا في تنظيم معظم الوظائف الحيوية في جسم المرأة، من الدورة الشهرية، إلى المزاج، الخصوبة، وعمليات الأيض. وعندما تزداد الدهون في الجسم بشكل مفرط، خصوصًا في منطقة البطن، يحدث اضطراب في توازن هذه الهرمونات، مما يؤدي إلى سلسلة من التأثيرات الصحية والجسدية والنفسية التي قد تكون معقدة وطويلة الأمد.

في البداية، يجب فهم أن النسيج الدهني لا يُعد مجرد مخزن للطاقة، بل هو نسيج نشط هرمونيًا يفرز مركبات كيميائية تُعرف بالسيتوكينات. هذه المركبات تسبب التهابات مزمنة خفيفة في الجسم وتؤثر سلبًا في الحساسية للأنسولين، مما يزيد خطر الإصابة بمقاومة الأنسولين، أحد أبرز العوامل المرتبطة باضطرابات الهرمونات لدى النساء، مثل متلازمة تكيّس المبايض.

عند النساء اللواتي يعانين من السمنة، تزداد نسبة هرمون الإستروجين في الدم بسبب تحول الأندروجينات (الهرمونات الذكرية) إلى إستروجين داخل الخلايا الدهنية. هذا الارتفاع المفرط في الإستروجين يؤدي إلى اضطرابات في الدورة الشهرية، نزيف غير منتظم، أو حتى انقطاع الطمث المبكر في بعض الحالات. كما يُضعف إنتاج البروجستيرون، الهرمون المسؤول عن توازن بطانة الرحم، مما يزيد من خطر الإصابة بتكيس المبايض وسرطان بطانة الرحم.

من جهة أخرى، تؤدي زيادة الوزن إلى اختلال في هرمونات الشبع والجوع مثل اللبتين والغريلين، ما يسبب اضطرابًا في الشهية وزيادة في تناول الطعام، مما يعمّق حلقة السمنة والخلل الهرموني. كذلك، تؤثر السمنة على الغدة الدرقية التي تنظم معدل الأيض، وقد تسهم في بطء عملية الحرق، فتزداد صعوبة فقدان الوزن، وتستمر الهرمونات في التدهور.

لا يقتصر تأثير زيادة الوزن على الهرمونات الجنسية فحسب، بل يمتد ليشمل نظام الهرمونات بأكمله، خاصة تلك المرتبطة بالتوتر مثل هرمون الكورتيزول. فعندما يعاني الجسم من توتر مزمن، كما هو الحال لدى الكثير من النساء اللواتي يواجهن ضغوطًا نفسية وعاطفية يومية، يبدأ الجسم بإفراز كميات مفرطة من الكورتيزول كاستجابة دفاعية. إلا أن هذا الارتفاع المستمر في الكورتيزول لا يمر دون تبعات؛ إذ يعمل على زيادة مستويات السكر في الدم، ويُحفز تخزين الدهون، لا سيما في منطقة البطن، مما يُفضي إلى ما يُعرف بـ"السمنة الحشوية" التي تُعد الأخطر من حيث التأثيرات الصحية والهرمونية.

ومع تراكم الدهون في هذه المنطقة، تزداد مقاومة الجسم للأنسولين، ويحدث خلل في التوازن بين هرموني اللبتين (المسؤول عن الشعور بالشبع) والجريلين (الذي يحفز الشعور بالجوع)، مما يُفاقم من اختلال الشهية ويدخل الجسم في دائرة مفرغة من الجوع الزائف، والإفراط في تناول الطعام، واكتساب المزيد من الوزن. كل هذه التغيرات تؤثر بدورها في مستويات الإستروجين والبروجستيرون والتيستوستيرون، مما يُضاعف من الاضطرابات الهرمونية التي قد تظهر على هيئة عدم انتظام في الدورة الشهرية، تقلبات مزاجية حادة، أو صعوبات في الحمل.

ومن المهم التنبيه إلى أن استعادة هذا التوازن الهرموني لا يمكن اختزاله في تناول الأدوية أو المكملات فحسب، بل يبدأ من تغيير نمط الحياة من الجذور. إن خسارة الوزن بشكل تدريجي من خلال اتباع نظام غذائي غني بالخضراوات، والبروتينات الجيدة، والدهون الصحية، إلى جانب ممارسة الرياضة بانتظام، يُحدث فرقًا كبيرًا في استقرار الهرمونات. كذلك، لا يقل دور النوم الجيد عن 7 إلى 8 ساعات يوميًا أهمية في تنظيم هرمونات التوتر والشهية، كما أن تقنيات إدارة التوتر مثل التأمل واليوغا والعلاج السلوكي، يمكن أن تساعد في خفض مستويات الكورتيزول بشكل ملحوظ. 

الأكثر قراءة

قبل المخيمات: العيون العربية على سلاح حزب الله هل يُشعل نتنياهو المنطقة لعرقلة الاتفاق الأميركي ــ الإيراني و«الدولة الفلسطينية»؟