تشير الأدلة العلمية المتزايدة إلى وجود علاقة وثيقة بين الدهون الحشوية المتراكمة في منطقة الخصر والبطن وبين الإصابة بأمراض جلدية التهابية مزمنة، وعلى رأسها الصدفية. هذه العلاقة لا تنبع فقط من تأثير السمنة في الصحة العامة، بل تتغلغل إلى أعماق الجهاز المناعي وتؤثر في آليات الالتهاب التي تؤدي دورًا محوريًا في تطور المرض.
وفي هذا السياق، تُعد الصدفية مرضًا مناعيًا ذاتيًا مزمنًا، يتسبب بتسارع دورة حياة خلايا الجلد، مما يؤدي إلى تراكمها وتشكّل بقع سميكة حمراء مغطاة بقشور فضية. وعلى الرغم من أن العوامل الوراثية والبيئية تؤدي دورًا في ظهوره، فإن نمط الحياة والوزن الزائد باتا من العوامل المثبتة التي تُفاقم أعراضه وتزيد من فرص ظهوره لدى الأفراد المعرضين.
ومن الجدير بالذكر أن الدهون الحشوية، وهي الدهون التي تتراكم حول الأعضاء الداخلية في البطن، تختلف عن الدهون تحت الجلد من حيث التأثير البيولوجي. فهي لا تقتصر على كونها مخزونًا للطاقة، بل تعمل كغدة نشطة تفرز عددًا من المركبات الالتهابية مثل "الإنترلوكين 6" و"عامل نخر الورم – ألفا"، وهي مواد ترتبط مباشرة بزيادة نشاط الجهاز المناعي والالتهابات المزمنة. هذا النشاط الالتهابي المستمر قد يساهم في تحفيز أو تفاقم الصدفية.
وعلاوة على ذلك، وجدت دراسات متعددة أن المرضى المصابين بالصدفية يعانون، في كثير من الأحيان، من معدلات أعلى من السمنة المركزية، أي تلك التي تتركّز في منطقة البطن، مقارنة بغير المصابين. كما أظهرت الأبحاث أن شدّة أعراض الصدفية ترتبط طرديًا بمحيط الخصر، حتى عند من لا يعانون من زيادة الوزن الكلية، مما يعزز فرضية أن الدهون الحشوية هي عامل خطر مستقل في ظهور وتطور المرض.
وبالانتقال إلى الجانب العلاجي، تشير بعض الأدلة إلى أن خفض الوزن، خصوصًا من منطقة البطن، قد يؤدي إلى تحسّن ملحوظ في أعراض الصدفية. فالنظام الغذائي المتوازن، وممارسة النشاط البدني المنتظم، وخفض الدهون المشبعة والسكريات، ليست فقط خطوات مهمة للصحة العامة، بل أدوات فعّالة في تقليل التهابات الجسم وبالتالي التخفيف من حدة الصدفية.
من ناحية أخرى، تجدر الإشارة إلى أن العلاقة بين السمنة والصدفية ليست أحادية الاتجاه؛ إذ إن الصدفية نفسها، لما تسببه من اضطرابات نفسية مثل القلق والاكتئاب والعزلة الاجتماعية، قد تدفع البعض إلى أنماط أكل غير صحية تؤدي إلى زيادة الوزن، مما يخلق دائرة مفرغة تحتاج إلى تدخل شامل طبي ونفسي وسلوكي.
وفي الختام، تؤكد الأبحاث الحديثة أن الدهون المتراكمة حول الخصر والبطن ليست مجرد مسألة جمالية أو مؤشرًا على نمط حياة غير صحي، بل تمثل خطرًا حقيقيًا يرتبط بأمراض التهابية مزمنة مثل الصدفية. ومن هذا المنطلق، يجب النظر إلى إدارة الوزن لا فقط كوسيلة لتحسين المظهر، بل كجزء أساسي من استراتيجية الوقاية والعلاج من هذا المرض الجلدي المعقد.
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
12:03
"الجديد": شهيد إثر إستهداف مسيّرة إسرائيلية دراجة نارية على طريق عام بلدة أرنون بقضاء النبطية
-
11:56
غارة من مسيرة تستهدف دراجة نارية في بلدة أرنون
-
11:36
مصادر في البيت الأبيض: المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف سيعلن عن القرار النهائي بشأن مورغان أورتاغوس هذا الأسبوع
-
11:35
إعلام "إسرائيلي": من المتوقع أن تترك مورغان أورتاغوس نائبة المبعوث الأميركي ومسؤولة "حقيبة لبنان" في الإدارة الأميركية منصبها قريباً
-
11:35
إعلام "إسرائيلي": ترك مورغان أورتاغوس منصبها ليس خبراً جيداً لـ"إسرائيل" فهي عملت بقوة على نزع سلاح حزب الله
-
11:26
مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة: إصابة مواطن بجروح في غارة للعدو الإسرائيلي استهدفت سيارة في بيت ليف قضاء بنت جبيل.
