اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


تُعدّ العدوى خلال الحمل من القضايا الصحية الهامة التي تستدعي اهتمامًا خاصًا، لما لها من تأثيرات محتملة على صحة الأم والجنين على حد سواء. فعندما تصاب المرأة الحامل بأي نوع من العدوى، قد تواجه مخاطر مختلفة تتراوح بين مضاعفات بسيطة إلى مشاكل صحية خطيرة قد تهدد حياة الجنين أو تؤثر على نموه وتطوره. لذلك، من الضروري فهم طبيعة هذه العدوى، كيفية انتقالها، وأهمية الوقاية والعلاج المناسب.

في البداية، تُقسم العدوى خلال الحمل إلى عدة أنواع، منها العدوى البكتيرية، الفيروسية، الفطرية، والطفيلية. بعض هذه العدوى قد لا تُسبب أعراضًا واضحة للأم، لكنها قد تمر إلى الجنين عبر المشيمة أو أثناء الولادة، مسببة مشاكل صحية خطيرة. من أشهر هذه العدوى عدوى الحصبة الألمانية، والفيروس المضخم للخلايا، والهربس التناسلي، والزهري، والعدوى بالمكورات العقدية من المجموعة ب، بالإضافة إلى الالتهابات البولية التي قد تؤدي إلى الولادة المبكرة أو تسمم الحمل.

يعتمد تأثير العدوى على الجنين بشكل كبير على نوع العدوى التي تصيب الأم ومرحلة الحمل التي تحدث فيها الإصابة. ففي الأشهر الأولى من الحمل، والتي تُعرف بفترة التكوين أو التكوّن الجنيني، يكون الجنين في مرحلة حساسة جدًا، حيث تبدأ الأعضاء الحيوية بالتشكل والتطور. لذلك، فإن التعرض لعدوى في هذه المرحلة قد يؤدي إلى تشوهات خلقية خطيرة قد تصيب القلب، الدماغ، العيون، أو الأعضاء الأخرى، كما يمكن أن تسبب بعض العدوى إجهاضاً تلقائياً بسبب تأثر سلامة الحمل. على سبيل المثال، تعد عدوى الحصبة الألمانية (روبيلا) من أخطر العدوى في هذه المرحلة، حيث قد تؤدي إلى متلازمة الحصبة الخلقية التي تشمل عيوباً في القلب، صغر حجم الرأس، فقدان السمع، ومشاكل في العين.

أما في الثلث الثاني والثالث من الحمل، فتتغير طبيعة تأثير العدوى، إذ يصبح الجنين أكبر وأكثر نضجًا، لكن ما زال معرضًا لمخاطر عديدة. فقد تؤدي العدوى في هذه المراحل إلى تأخر نمو الجنين داخل الرحم، مما ينتج عنه وزنا منخفضا عند الولادة أو ضعفا في النمو البدني والعقلي. كما قد تسبب العدوى الولادة المبكرة، التي ترتبط بمضاعفات صحية خطيرة مثل مشاكل التنفس وضعف الجهاز المناعي. في بعض الحالات، قد تؤدي العدوى إلى وفاة الجنين داخل الرحم، وهي حالة مأساوية تترك أثراً نفسياً وجسدياً على الأم. مثلاً، الفيروس المضخم للخلايا (CMV) هو فيروس شائع قد لا تظهر عليه أعراض لدى الأم، لكنه قد يسبب مشاكل سمعية، تأخراً في النمو، أو اضطرابات عصبية للجنين إذا انتقل إليه خلال الحمل.

ولذلك، تبرز أهمية الوقاية والكشف المبكر عن العدوى خلال الحمل. يُنصح بإجراء الفحوصات الدورية التي تكشف عن وجود أي عدوى قبل أو أثناء الحمل، مما يساعد في التدخل المبكر لتقليل المخاطر. كما يُعد الالتزام بالإجراءات الصحية مثل غسل اليدين بانتظام، تجنب الاختلاط مع الأشخاص المصابين بأمراض معدية، والحفاظ على نظام غذائي صحي متوازن من أهم خطوات الوقاية. بالإضافة إلى ذلك، يُعتبر التطعيم ضد أمراض معينة مثل الحصبة الألمانية خطوة وقائية ضرورية يجب اتخاذها قبل الحمل لضمان عدم إصابة الجنين. وعند تشخيص أي عدوى خلال الحمل، يجب التعامل معها بسرعة وحذر تحت إشراف طبي دقيق، حيث قد يتطلب الأمر استخدام أدوية آمنة للحمل أو اتخاذ إجراءات طبية معينة تضمن حماية صحة الأم والجنين معًا.

إلى ذلك، لا يمكن التقليل من خطورة العدوى أثناء الحمل وتأثيرها المباشر على صحة الجنين. إن فترة الحمل هي مرحلة حساسة تتطلب عناية واهتمامًا كبيرين من الأم ومقدمي الرعاية الصحية. من خلال الوعي الكامل بالمخاطر، الالتزام بالإرشادات الطبية، والتواصل المستمر مع الطبيب، يمكن حماية صحة الأم والجنين وتقليل فرص حدوث مضاعفات خطيرة، مما يضمن ولادة طفل سليم ومعافى.

الأكثر قراءة

الضاحية تحت النار بتواطؤ اميركي: نتانياهو يريد الحرب؟ الجيش يفضح اكاذيب <اسرائيل>..كشف ميداني ولا سلاح عون: لبنان لن يرضخ أمام «صندوق بريد الدم»!