اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


في ظل نمط الحياة العصري الذي يزداد فيه الاعتماد على الجلوس لساعات طويلة وقلة الحركة، تتفاقم المشكلات الصحية لدى شريحة كبيرة من الرجال، وعلى رأسها اضطرابات القدرة الجنسية ومشاكل الخصوبة. وقد باتت الدراسات الحديثة تحذر من التأثير العميق لنمط الحياة الخامل على الصحة الإنجابية للرجل، مشيرة إلى أن قلة النشاط البدني ليست مجرد مشكلة متعلقة باللياقة أو الوزن، بل قد تمسّ جوانب حساسة تتعلق بالرجولة والخصوبة.

يرى الأطباء أن قلة الحركة تؤدي إلى ضعف تدفق الدم في منطقة الحوض، وهي المنطقة الحيوية التي تضم غدة البروستاتا والأعضاء التناسلية. وعندما يقلّ تدفق الدم إلى هذه المنطقة، يتسبب ذلك في ما يُعرف بـ"الركود الوريدي"، أي تراكم الدم دون تجديد، مما يقلل من نسبة الأكسجين في أنسجة غدة البروستاتا، ويجعلها أكثر عرضة للالتهابات والتضخم واضطرابات الوظيفة.

ولأن البروستاتا تلعب دورًا محوريًا في إنتاج السائل المنوي ودعمه بالعناصر الغذائية، فإن أي خلل فيها ينعكس تلقائيًا على جودة الحيوانات المنوية وعددها، وبالتالي على خصوبة الرجل. كما أن ضعف تدفق الدم يؤثر سلبًا على الانتصاب، إذ يعتمد الانتصاب السليم على دخول كمية كافية من الدم إلى العضو الذكري، وهو ما يتعطل في حالات الركود الدموي الناجمة عن قلة الحركة.

وتُعد فئة الرجال الذين يعملون في وظائف مكتبية لساعات طويلة أو يقضون وقتهم أمام الشاشات من الفئات الأكثر عرضة لهذه الاضطرابات. وتتفاقم المشكلة عندما يترافق هذا السلوك الخامل مع عادات صحية سيئة مثل التدخين، وسوء التغذية، والضغط النفسي، مما يجعل الحالة أكثر تعقيدًا ويؤدي إلى مشاكل مزمنة في الأداء الجنسي والقدرة الإنجابية.

من الجدير بالذكر أن النشاط البدني لا يحتاج بالضرورة إلى أن يكون عنيفًا أو مرهقًا كي يحقق فوائده الصحية؛ فحتى التمارين البسيطة مثل المشي السريع، ركوب الدراجة، أو حتى ممارسة اليوغا، يمكن أن تُحدث فرقًا حقيقيًا في صحة الرجل. هذه الأنشطة تساهم في تنشيط الدورة الدموية، وتزيد من تدفق الدم إلى منطقة الحوض، مما يمنح الأنسجة التناسلية الدعم اللازم من الأوكسجين والعناصر الغذائية الحيوية. وبدون هذا الدعم، تصبح أنسجة البروستاتا عرضة للركود، الأمر الذي يؤدي إلى التهابات مزمنة، وضعف في الأداء الجنسي، وانخفاض جودة الحيوانات المنوية.

الحركة المنتظمة تساعد أيضًا في تنظيم مستويات الهرمونات، مثل التستوستيرون، الذي يلعب دورًا محوريًا في الرغبة والقدرة الجنسية. كما أن التمارين تساهم في خفض مستويات التوتر وتحسين المزاج، وهما عاملان نفسيان لهما تأثير مباشر على الأداء الجنسي والخصوبة. فالجسم والعقل في هذه الحالة يعملان بتناغم، ما يعزز من الكفاءة الإنجابية ويقلل من احتمالية الإصابة بضعف الانتصاب أو القذف المبكر.

أخيرًا، لا بد من إدراك أن الحفاظ على صحة الرجل الجنسية والإنجابية لا يتحقق فقط من خلال اللجوء إلى العلاجات الطبية بعد ظهور المشكلات، بل يبدأ قبل ذلك بكثير، من خلال تبنّي أسلوب حياة متوازن ومستدام. النشاط البدني المنتظم، إلى جانب التغذية السليمة الغنية بمضادات الأكسدة والفيتامينات، والنوم الكافي الذي يسمح للجسم بالتعافي وإنتاج الهرمونات بشكل سليم، بالإضافة إلى تجنّب العوامل الضاغطة كالتوتر المزمن والتدخين، تُعد جميعها دعائم أساسية لصحة جنسية مثالية.

الأكثر قراءة

الضاحية تحت النار بتواطؤ اميركي: نتانياهو يريد الحرب؟ الجيش يفضح اكاذيب <اسرائيل>..كشف ميداني ولا سلاح عون: لبنان لن يرضخ أمام «صندوق بريد الدم»!