تحذيرات صحيّة يُرسلها لك لون البراز... متى تزور الطبيب؟

اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

يُعد لون البراز مؤشرًا مهمًا على صحة الجهاز الهضمي، بل أحيانًا يكون أول إشعار يرسله الجسم لتنبيهنا إلى وجود اضطرابات داخلية. وعلى الرغم من أن لون البراز يتأثر بشكل طبيعي بالنظام الغذائي ونمط الحياة، إلا أن تغيّر لونه بشكل مفاجئ أو دائم، قد يكون دليلًا على مشكلات صحية خطيرة تتطلب المتابعة الطبية.

- البراز البني: اللون الطبيعي ودلالته: في الوضع الطبيعي، يكون لون البراز بنيًا بدرجات تتفاوت بين الفاتح والغامق، وذلك بسبب تحلل الصفراء الناتجة عن الكبد أثناء عملية الهضم. يشير هذا اللون إلى وظيفة سليمة للكبد والمرارة والأمعاء، كما يعكس توازنًا في العمليات الهضمية داخل الجسم. لكن أي تغير ملحوظ في هذا اللون قد يكون علامة على خلل في أحد هذه الأجهزة.

- البراز الأسود: تحذير من نزيف داخلي: عندما يتحول لون البراز إلى الأسود، وخاصة إذا كان مصحوبًا برائحة كريهة وقوام لزج، فقد يشير ذلك إلى وجود نزيف في الجهاز الهضمي العلوي، مثل المعدة أو المريء. هذا اللون ينتج عن تفاعل الدم مع العصارات الهضمية. وغالبًا ما يكون هذا النزيف ناتجًا عن قرحة معدية أو إصابة في المريء، وقد يتفاقم نتيجة تناول بعض الأدوية كالمسكنات ومضادات الالتهاب غير الستيرويدية. الفئات الأكثر عرضة لذلك هم المرضى المصابون بقرحة المعدة أو أولئك الذين يستخدمون أدوية مضادة للتخثر.

- البراز الأحمر: إشارة إلى نزيف سفلي أو تناول أطعمة ملونة: اللون الأحمر في البراز قد يكون مزعجًا ويدعو للقلق، إلا أن أسبابه تتراوح بين البسيطة والخطيرة. في بعض الأحيان، يكون السبب تناول أطعمة تحتوي على صبغات حمراء مثل الشمندر أو صلصة الطماطم، وهي حالة طبيعية وغير مقلقة. ومع ذلك، إذا استمر اللون الأحمر أو كان مصحوبًا بألم أو تغيرات في عادات الإخراج، فقد يشير ذلك إلى نزيف في القولون أو المستقيم، كما هو الحال في البواسير، الشقوق الشرجية، أو حتى سرطان القولون، مما يستدعي مراجعة الطبيب.

- البراز الأبيض أو الرمادي: علامة على خلل في الكبد أو انسداد القنوات الصفراوية: يُعد اللون الأبيض أو الرمادي في البراز علامة مقلقة، إذ يدل غالبًا على نقص في العصارة الصفراوية التي يفرزها الكبد. هذا النقص قد ينتج عن انسداد في القنوات الصفراوية بسبب حصى المرارة أو التهاب مزمن أو ورم خبيث. الأشخاص الذين يعانون من أمراض الكبد مثل التهاب الكبد الفيروسي أو التليف الكبدي هم الأكثر عرضة لهذه الحالة. كما يمكن أن يحدث هذا اللون نتيجة لتناول بعض الأدوية التي تؤثر على الكبد.

- البراز الأصفر: مشاكل في امتصاص الدهون أو عدوى طفيلية: اللون الأصفر، خاصة إذا كان دهنيًا وذو رائحة نفاذة، قد يشير إلى سوء امتصاص الدهون في الأمعاء، وهي مشكلة تُعرف باسم "الزُّلَّة الدُّهنيّة" (Steatorrhea). ترتبط هذه الحالة باضطرابات البنكرياس، مثل التهاب البنكرياس المزمن أو التليف الكيسي، أو بأمراض مزمنة مثل الداء البطني (التحسس من الغلوتين). كما قد يكون سببه عدوى طفيلية كداء الجيارديا، الذي يصيب الأمعاء الدقيقة ويؤدي إلى اضطراب في امتصاص المغذيات.

- البراز الأخضر: تأثير الطعام أو مرور سريع في الأمعاء: البراز الأخضر غالبًا ما يكون ناتجًا عن تناول كميات كبيرة من الخضروات الورقية أو مكملات الحديد. إلا أن استمرار لونه على هذا النحو قد يشير إلى مرور الطعام بسرعة في الأمعاء دون أن يُهضم بشكل كافٍ، كما في حالات الإسهال المزمن أو اضطرابات القولون. في بعض الأحيان، يرتبط البراز الأخضر أيضًا بالعدوى البكتيرية، خاصةً عند الأطفال أو الأشخاص الذين يعانون من ضعف المناعة.

تتفاوت الفئات المعرضة لتغيرات لون البراز تبعًا للعمر والحالة الصحية. كبار السن، والمرضى المصابون بأمراض مزمنة كالكبد أو القولون، والأشخاص الذين يخضعون لعلاجات دوائية قوية، هم الأكثر عرضة لهذه التغيرات. كذلك، يعاني الأطفال من تغيرات متكررة في لون البراز، والتي تتطلب مراقبة دقيقة، خاصةً في حال رافقتها أعراض أخرى مثل الحمى أو فقدان الوزن.

في الختام، يجب عدم تجاهل تغير لون البراز، خصوصًا إذا استمر لفترة طويلة أو ترافق مع أعراض إضافية مثل الألم، النزيف، فقدان الشهية، أو فقدان الوزن غير المبرر. المراقبة الذاتية مفيدة، ولكن لا تغني عن التشخيص الطبي الذي يعتمد على فحوصات دقيقة لتحديد السبب والعلاج المناسب. فالجهاز الهضمي يُخبرنا بالكثير من خلال مؤشرات بسيطة، لعل أبرزها لون البراز، الذي لا يجب أن يُهمل.