اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


"قانون الانتخابات النيابية الحالي مسخ ونتائجه خرّبت البلد، وبالتالي لا مجال للسَير به على الإطلاق"... هكذا اختصر رئيس المجلس النيابي نبيه بري مؤخرا موقفه من القانون الحالي، وهو موقف يشمل حزب الله ايضا. الرد على بري لم يتأخر، وتولاه رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، الذي اعتبر ان "التجربة مع قانون الانتخاب الحالي ممتازة، وانه اعاد صحة التمثيل". لكن جعجع لم يكتف بهذا الرد، بحيث نبّه من انه "اذا أصرّ البعض على التلاعب بقانون الانتخاب الحالي، فلنذهب في هذه الحالة إلى مناقشة تغييرات أخرى في التركيبة اللبنانية، تسمح للمكونات اللبنانية جميعها بالإحساس بالأمان والاستقرار والحرية وحسن التمثيل"… وهو ما قرأه كثيرون تلويحا بالمطالبة بالفدرالية.

ويبدو واضحا ان النقاش بتعديل او تغيير القانون بدأ يتخذ بُعدا طائفيا ومذهبيا، بحيث ان القوى المسيحية الاساسية، وعلى رأسها "القوات" و"التيار الوطني الحر" يتمسكان بالقانون الحالي، بالمقابل فان "الثنائي الشيعي" بات يدفع لتغييرات اساسية بالقانون الحالي، ويفضّل ان ينطلق النقاش بانتخاب مجلس نواب خارج القيد الطائفي وعلى اساس لبنان دائرة واحدة، بالتوازي مع انشاء مجلس شيوخ، وهو ما اعلن رئيس الحكومة نواف سلام انه سيسعى لتحقيقه في اطار تنفيذ بنود اتفاق الطائف التي لم تُطبّق.

لكن مواقف القوى السنية الاساسية لم يتبلور بعد تماما، لجهة اذا كانت ستصطف الى جانب القوى المسيحية بالتمسك بالقانون الحالي، ام ستوافق على تغييرات جذرية يُطالب بها "الثنائي". وفي هذا الاطار، كان لافتا ‏خروج النائب وليد البعريني للتحذير من ان "اللعب بقانون الانتخاب من قبل الثنائي الشيعي، هو لعب بنار الفتنة في البلد"، معتبرا ان "ما يحاك للمسيحيين نرفضه، لأنّنا مع الصوت التفضيلي الواحد الذي يحفظ تمثيل المسيحيين، وإذا قرّروا اللعب بالنار فنحن أول المؤيدين للقانون الأرثوذكسي، لأنه يعطي كل ذي حق حقه ويمنع "السلبطة" ويخفف الاحتقان الطائفي".

ويعتمد لبنان بقانونه الانتخابي الحالي، الذي تم اقراره عام 2017، على نظام الاقتراع النسبي. ويقسّم القانون لبنان إلى 15 دائرة انتخابية ، ويخصص لكل دائرة عدد من المقاعد البرلمانية، أقلها 5 وأكثرها 13 مقعدا، لملء 128 مقعدا بالبرلمان اللبناني. كما يعتمد الصوت التفضيلي الواحد على أساس القضاء (الدائرة الإدارية).

وطرح الرئيس بري في وقت سابق، تعديلا اساسيا ينص على اعتماد صوتين تفضيليا بدل الصوت الواحد، وهو ما أثار حفيظة القوى المسيحية التي تعارض هذا الاقتراح بقوة.

وتربط "القوات" انطلاق النقاش حول استكمال تنفيذ بنود "الطائف"، لجهة انشاء مجلس شيوخ وانتخاب مجلس نيابي من خارج القيد الطائفي، بسحب سلاح حزب الله اولا. وتقول مصادرها لـ"الديار": "قبل استكمال تنفيذ كل الخطوات المطلوبة لقيام الدولة وانتهاء المشروع المسلح لحزب الله ، لا يمكن الحديث بتطوير النظام"، منبهة من "خلط العناوين لحرف الانظار عن الاولوية المطلقة".

من جهتها، تستهجن مصادر "الثنائي الشيعي" تحويل اي نقاش حول قانون الانتخاب دائما لنقاش طائفي، مشددة على ان ما يريده "الثنائي" هو قانون يعزز الشعور الوطني لا الطائفي والمذهبي. وتضيف المصادر لـ"الديار": "يقولون بأنهم يؤيدون اتفاق الطائف ويتمسكون بتطبيق بنوده، لكنهم بالوقت عينه يرفضون الانتقال لنص واضح فيه يقول بانتخاب مجلس نواب خارج القيد الطائفي وانشاء مجلس شيوخ!؟"

وسيُشكّل انتخاب المغتربين مادة سجالية اساسية في المرحلة المقبلة، اذ تدفع "القوات" لتعديل البند المرتبط بانتخاب المغتربين، والذي ينص على استحداث دائرة 16، اذ يريد "القواتيون" ان يصوت المغتربون كل في دائرته، وهو ما يعارضه "الثنائي الشيعي" كما "التيار الوطني الحر"، اللذين يصران على تطبيق هذه المادة من دون اي تعديل.

بالمحصلة، يبدو واضحا ان اللبنانيين سيكونون على موعد في الاشهر القليلة المقبلة مع كباش حاد حول قانون الانتخاب، تتداخل فيه تعقيدات المشهد الداخلي كما هواجس البيئات المختلفة، باعتبار ان القوى السياسية تتعامل مع الاستحقاق النيابي المقبل، كاستحقاق مصيري في مرحلة تتم فيها اعادة صياغة التوازنات في المنطقة، ان لم نقل اعادة رسم المنطقة ككل. 

الأكثر قراءة

دبابات زامير على أبواب بيروت؟