في ظل دولة لا يوجد فيها قطار، ولا يوجد فيها عددات في سيارات الأجرة تكون مبرمجة بشكل علمي من وزارة النقل، فكل سائق سيارة إجرة يسعر على كيفه حسب رأس الزبون، وفي ظل دولة تعيش على كهرباء المولدات بمادة المازوت 20 ساعة في النهار، وفي ظل معامل تعتمد على المازوت لإنتاج الكهرباء ومحاولة التوفير في الطاقة، لتكون تنافسية تجاه البضاعة المستوردة... أتى قرار مجلس الوزراء برفع تسعيرة البنزين والمازوت لزيادة مستحقات العسكريين في الخدمة وفي التقاعد، وهم يستحقونها كامل الإستحقاق. لكن من قال أن المتقاعدين المدنيين والأساتذة في الملاك والمتقاعدين، لن يطالبوا بنفس الحقوق ويقوموا بتظاهرات تشل البلد؟
ففي الوقت الذي أصبح جزء كبير من الشعب اللبناني فقيرا، إتخذت الحكومة بالإجماع قرارا بزيادة التضخم وجعل الشعب اللبناني أفقر. في العلوم الإقتصادية، من المعروف أنه إذا دولة أرادت خلق تضخم في أسعار السلع، فما عليها سوى رفع سعر المحروقات وبالتالي الطاقة، وهذا ما سيحصل في لبنان بداء من ربطة الخبز إلى قالب الحلوى مروراً بالمنقوشة. أما بالنسبة للسيارات، فصاحب أفخم سيارة سيدفع نفس سعر تنكة البنزين، كصاحب أرخص سيارة على طريقة الأنظمة الشيوعية قليلآ.
وهنا نسأل لماذا توقف التدقيق الجنائي الذي أصبح قانونآ، لنرى أين ذهب الفساد وأين ذهب الهدر، ولماذا تخطى الدين العام الـ 100 مليار دولار؟ ولماذا لم تفتش الحكومة عن مصدر ثاني وثالث لجباية الضرائب، لا تؤثر سلبا على الطبقتين الوسطى والفقيرة؟ ماذا عن مدخول النافعة والدوائر العقارية والأملاك البحرية والنهرية...؟ ماذا عن الضريبة التصاعدية على مدخول الأفراد والمؤسسات، كما في أغلبية الدول المتحضرة؟ ماذا عن مخصصات النواب والوزراء؟ منذ "ثورة" 2019 وحتى اليوم، ماذا فعلت الدولة لتحديد الفجوة المالية وإعادة هيكلة جدية للمصارف وتحديد المسؤليات، والبدء بإعادة ولو جزء يسير من أموال المودعين دون تطبيق الـ "هيركات" المعيب؟
لماذا الحكومة الحالية لا تلاحق التهرب الجمركي، كما الفواتير المزورة والمخفضة من المصدر على المرفأ، وفي المطار وعلى الحدود، وهي قدرت بخسارة حوالى 150 مليون دولار عام 2023 حسب البنك الدولي. كما لا يجب الإكتفاء بعد الآن بغرامة مالية للمهربين ولمزوري الفواتير، بل يجب أن يحاكموا ويدخلوا على الأقل شهرين إلى السجن.
من جهة ثانية، يدخل لبنان بضاعة صينية بأرخص الأسعار، فلماذا لا تفرض الحكومة ضريبة على البضاعة الصينية، بشكل تبقى أسعارها منافسة جدآ بالنسبة للسوق اللبناني، وتستفيد خزينة الدولة من مدخول لا بأس به، كما تفعل معظم دول العالم مع البضاعة الصينية التي تتمتع بأسعار متدنية جدآ؟
ثم أليس كان من الأفضل فرض ضرائب على علبة الدخان و"السيكار" والأرغيلة في المطاعم وما أكثرهم، فربما يخفف الشعب اللبناني الدخان فيستفيد في صحته، وتجني خزينة الدولة الأموال؟ ألم يكن ذلك أفضل من الضريبة على البنزين والمازوت، والتسبب بتضخم سيظهر قريبآ؟
يقول مرجع مالي مطلع ان الحكومات المتتالية تجبي منذ عشرات السنوات ملايين الدولارات، وتصرف حوالى 80% منها لدفع معاشات موظفي الدولة، الذي وصل إلى حوالى 350 ألفا بين الجيش والقوى الأمنية وموظفي القطاع العام، ويبقى حوالى 20% منها للمشاريع الإستثمارية، لذلك لا نرى في لبنان مشاريع مميزة تدخل أموالا إلى خزينة الدولة، حتى أن البنى التحتية في أسوأ أحوالها، والإتكال كله على القطاع الخاص في إنتشال لبنان من جهنم.
إذا كانت مهمة الحكومة الحالية هي إجراء إنتخابات بلدية وإنتخابات نيابية بعد أقل من سنة، والبدء بإجراء الإصلاحات فهذا جيد جدا، لكن عليها ان تضع خطة إقتصادية ومالية وحتى سياسية لمدة تمتد على الأقل لخمس سنوات متتالية، كما عليها تحديد أي إقتصاد يناسب لبنان، هل هو صناعي، تجاري، سياحي، خدماتي... وهذه ستكون مهمة مجلس الوزراء المقبل بعد تكوين مجلس نواب جديد. حينذاك على الحكومة المقبلة أن تضع خطة إقتصادية علمية، تتماشى مع عصرنا أي عصر العولمة، ومنسقة بين الوزراء، للوصول إلى إزدهار لبنان من جديد، لكن ما فعلته الحكومة الحالية برفع أسعار المحروقات، يسمى العمل "على القطعة"، وهذا لا يتماشى أو لا يناسب دولة مفلسة ومنهوبة.
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
21:45
وكالة تسنيم الإيرانية: أسر قائدة طائرة إسرائيلية في عملية استهداف مقاتلة إسرائيلية.
-
21:35
وسائل إعلام "إسرائيلية": وفقاً للتقديرات تم إطلاق نحو 150 صاروخاً من أصفهان، وتصاعد ألسنة اللهب قرب "الكرياه"مقر وزارة الحرب في "تل أبيب" وتقارير عن إصابة في "تل أبيب".
-
21:31
وكالة الأنباء الإيرانية: بدء الرد الإيراني الساحق بإطلاق مئات الصواريخ الباليستية تجاه إسرائيل.
-
21:31
القناة 13 الإسرائيلية: حريق قرب مقر وزارة الدفاع في تل أبيب.
-
21:17
الجبهة الداخلية "الإسرائيلية": إطلاق صفارات الإنذار في تل أبيب والقدس وعدة مدن وفي مناطق واسعة من "إسرائيل".
-
21:17
الجبهة الداخلية "الإسرائيلية": إطلاق صواريخ اعتراضية للتصدي للصواريخ الإيرانية، ونطالب المواطنين بالدخول لغرفهم المحصنة بعد رصد إطلاق صواريخ من إيران.
