لا يزال عدم تعيين الإدارة الأميركية أي بديل عن نائبة المبعوث الأميركي الى لبنان مورغان أورتاغوس، لا سيما بعد تعليق عملها في منصبها الحالي، والدليل عدم قيامها بزيارتها التي كانت مرتقبة الى لبنان والمنطقة في أوائل حزيران الجاري، يشكّل مصدر قلق وتساؤلات من قبل المسؤولين اللبنانيين، الذين يريدون أن تتزامن إعادة إعمار لبنان مع التطوّر السريع الحاصل في سورية. وكانت أورتاغوس أكّدت في مقابلة تلفزيونية أنّها عادة ما تقوم بزيارة الى لبنان كلّ 6 أو 8 أسابيع (أي كلّ شهر ونصف أو شهرين)، في إشارة الى الفترة الزمنية الفاصلة بين زيارتيها اليتيمتين الى لبنان في 7 شباط و5 نيسان الفائتين، وقد مضى أكثر من هذه المدّة على زيارتها الأخيرة ولم تقم بأي زيارة جديدة.
أمّا القلق فيعود الى عدم إيلاء الولايات المتحدة الأميركية، على ما تقول مصادر سياسية مواكبة للساحتين اللبنانية والغربية، أي اهتمام بلبنان في الوقت الراهن، وهو أمر غير مطمئن. ففي الوقت الذي يجري فيه التداول في وسائل الإعلام فقط، باسم من سيخلف أورتاغوس في منصبها، لا سيما في ما يتعلّق بإدارة الملف اللبناني، لا تزال الإدارة الأميركية، كما الرئيس الأميركي دونالد ترامب، غير مهتمَّين بإعلان اسم خليفة أورتاغوس، ما يوحي بأنّ "لبنان متروك حاليا"، رغم كلّ التأكيدات التي تُطلقها الدولة اللبنانية عن تنفيذها 90 في المئة من اتفاق وقف إطلاق النار، وعن نزع السلاح من أكثر من 500 مخزن، فيما الأولوية لإعادة إعمار سورية، التي هي بوّابة لبنان الى الدول العربية برًّا.
وتستكمل "إسرائيل" إعتداءاتها على لبنان، رغم موافقتها على اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيّز التنفيذ في 27 تشرين الثاني المنصرم، والذي يدعوها الى وقف الأعمال العدائية، والى الانسحاب من التلال الخمس الحدودية (التي احتلّتها وتمركزت فيها بعد انتهاء الحرب)، لكي يتمكّن الجيش اللبناني (الذي لم يجرِ تسليحه حتى الآن، على ما يُفترض) من الانتشار في المواقع بعد إخلائها. كما يدعوها القرار 1701 الى الانسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلّة، لا سيما من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والقسم الشمالي من بلدة الغجر، ومن بلدة النخيلة المحتلّة التي غفل القرار الأممي عن ذكرها.
وبين سفير الولايات المتحدة لدى تركيا، والمبعوث الأميركي الخاص في سورية طوم بارّاك (رجل الأعمال الأميركي، اللبناني الأصل من بلدة زحلة) الذي عُيّن في أيّار الماضي، وبين الديبلوماسي والمؤرّخ جويل رايبورن، أو ربما مستشار ترامب لشؤون الشرق الأوسط وافريقيا مسعد بولس أو أي شخصية أخرى، لم يتمّ الإعلان بعد رسميا عن الاسم الذي سيخلف أورتاغوس في مهمّتها. وأفادت المعلومات أنّ بارّاك سيكون في لبنان يومي 18 و19 حزيران الجاري، أي الأربعاء والخميس المقبلين، وقد يرافقه بولس في زيارته المرتقبة هذه. وعلى أجندته بالدرجة الأولى "حلّ مسألة مزارع شبعا"، بصفته المبعوث الأميركي في سورية، وليس كخلف لأورتاغوس، على الأقلّ حتى الساعة. وهذا يعني أنّ واشنطن مستعجلة لحلّ مسألة الحدود بين سورية و "إسرائيل"، كون الرئيس أحمد الشرع قد أعطى ترامب موافقته على انضمام بلاده الى "اتفاقيات أبراهام"، أي التطبيع مع "إسرائيل"، أكثر من استعجالها لتسيير الملف اللبناني الذي لا يزال يحتاج الى بعض الوقت.
وترى المصادر السياسية أنّ ترامب قد يكون في انتظار حصول أمر ما قبل اتخاذ القرار الحاسم بشأن لبنان. وثمّة احتمالات لانتظاراته هذه، رغم أنّه يريد تسريع الخطى في كلّ الملفات، أبرزها:
1- إمكان "التقاط" الدولة اللبنانية، ما تحدّث عنه ترامب، "الفرصة التي لا تأتي سوى مرّة واحدة"، في أقرب وقت ممكن، فستكمل نزع السلاح غير الشرعي، على ما يطالب به، مقابل رفع "الحصار الأميركي والدولي" عن لبنان، وتسهيل مسألة إعادة الإعمار، واستكمال عمليات التنقيب عن النفط والغاز في البلوكات البحرية.
2 - انتظار ما ستؤول اليه نتائج المحادثات الأميركية- الإيرانية الجارية حاليا حول الاتفاق النووي، ليبني على الشيء مقتضاه. فإمّا يطالب الدولة اللبنانية بوضع جدول زمني محدّد لنزع السلاح (بما فيه سلاح المخيمات الفلسطينية الذي تعرقل سحبه)، و يترك حلّ الأمر بيدّ رئيس الجمهورية جوزاف عون، الذي يقيم حاليا حوارا بينه وبين حزب الله، بهدف حصر السلاح بيد الدولة، وسيستكمله لاحقا بوضع الاستراتيجية الدفاعية الوطنية، اي استراتيجية الأمن القومي التي تحدّث عنها في خطاب القسم.
3- إحتمال حصول تغيير في حكومة العدو، لا سيما مع اعتراضات الداخل على قرارات رئيسها بنيامين نتنياهو، ما قد يزعزعها أو يجعلها تستقيل، أو ربّما تصمد لبعض الوقت... وهذا الأمر سيخلق وضعا مختلفا بين ترامب والحكومة الجديدة، وإن كان الحلف الأميركي- "الإسرائيلي" لا يتغيّر. الأمر الذي سيجعل الرئيس الأميركي يقترح عندئذ حلولا لكلّ من وضع لبنان وغزّة.
وتحقّق أي من هذه الانتظارات يتطلّب وقتا، على ما تلفت المصادر السياسية، الأمر الذي لا يجعل ترامب مستعجلا لحلّ الوضع اللبناني، على عكس ما يقوم به في سورية. فقد رفع العقوبات الاقتصادية عنها، وسرعان ما بدأت مشاريع إعادة الإعمار تنهال عليها، وقد حصلت على 7 مليارات دولار من الإمارات العربية بهذا الشأن. في الوقت الذي يتخبّط فيه لبنان للحصول على 250 مليون دولار من صندوق النقد الدولي، ولا يعرف كيف يأتي بالمليار دولار للانطلاق فعليا بعملية الإعمار.
وها هو ترامب يحثّ بارّاك على زيارة لبنان الأسبوع المقبل، من دون صدور أي تأكيد رسمي على أنّه سيخلف أورتاغوس، لإيجاد أولا الحلّ السريع لمزارع شبعا التي يرتبط وضعها بكلّ من لبنان وسورية و "إسرائيل". فلبنان يؤكّد أنّها لبنانية، ويملك الوثائق والمستندات والخرائط التي تدلّ على ذلك، وهي مودعة لدى الأمم المتحدة، في حين تحتلّها "إسرائيل" بحجّة أنّها سورية. ومن شأن هذا الأمر فتح باب المناقشة بين بارّاك والمسؤولين اللبنانيين حول مواضيع أخرى، منها مسألة الحدود البريّة بين لبنان و "إسرائيل"، التي قال عنها أخيرا إنّها "تحتاج الى إعادة ترسيم، لأنّ الاتفاقات السابقة، من اتفاق سايكس- بيكو أو سواه، ظهرت أنّها فاشلة".
وموقف بارّاك هذا لا يتوافق مع موقف المسؤولين اللبنانيين، على ما تجد المصادر، سيما أنّهم يطالبون بالعودة الى اتفاقية الهدنة (1949). من هنا، فإنّ بارّاك يأتي لبحث ملف "شبعا" وسيتطرّق الى بعض العناوين الأخرى، وسيتمّ التأكيد له أنّ المزارع "لبنانية"، وعلى الاحتلال الانسحاب منها، تنفيذا للقرارات الدولية ذات الصلة.
وكان زار بارّاك "إسرائيل" الأسبوع الماضي، وقام بجولة على الحدود، وبحث في الوضع السوري، ويأتي الى لبنان لمعرفة موقفه من مسألة ترسيم الحدود البريّة. علما بأنّ لبنان ليس ملزما بتغيير الخرائط أو رسمها من جديد، على عكس "إسرائيل" الملزمة بالانسحاب من الأراضي اللبنانية المحتّلة.
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
22:17
الطيران المدني اللبناني اتخذ قراراً باقفال المجال الجوي اللبناني حتى السادسة صباحاً (lbci).
-
22:09
المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي: لا صحة لتقارير إيرانية عن إسقاط مقاتلة إسرائيلية واعتقال الطيار.
-
22:09
القناة 12 عن مسؤولين إسرائيليين: سنرد على القصف الإيراني باستهداف مناطق مدنية.
-
22:09
رويترز عن مسؤول إيراني رفيع: العدو الصهيوني سيدفع ثمنا باهظا لقتله قادتنا وعلماءنا وأبناء شعبنا.
-
22:08
أكسيوس عن مسؤول إسرائيلي: القوات الأميركية تشارك في التصدي للهجوم الإيراني على إسرائيل.
-
22:04
القناة 12 "الإسرائيلية": إطلاق ١٥٠ إلى ٢٠٠ صاروخ من إيران سقطت في 9 مناطق.
