اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


 مُحيّر جدا وضع القوى المسيحية، فهي تتخاصم بقوة في السياسة والسباق الى الزعامة، وتجتمع حول الملفات الساخنة عندما يدق الخطر باب "المجتمع المسيحي". فالأحزاب المسيحية اختلفت بقوة في الانتخابات البلدية والاختيارية، وتجهز من اليوم للانتخابات النيابية لعام ٢٠٢٦، وفي الوقت نفسه تجتمع حول مسائل سياسية معينة.  لافت جدا ما حصل مؤخرا في التقارب الجديد بين "التيار الوطني الحر" و "القوات" حول قانون الانتخاب، بخلاف ما كان يحدث قبل أسابيع.، فقانون الانتخاب وحّد القوى المسيحية بمواجهة التعديل او المس بالقانون الحالي، وبات الفرز واضحًا حول القانون الذي يشبع درسا ونقاشا في اللجان النيابية، بين "الثنائي الشيعي" و "الثنائي المسيحي" حول التفاصيل.
تؤكد مصادر مسيحية ان التوافق المسيحي قائم حول موضوع النزوح السوري، والخوف من انفلاش الازمة وتمددها الكبير في المناطق المسيحية. استثنائيا وللضرورة القصوى، وضع الحزبان المسيحيان اللدودان صراعهما التاريخي جانبا، للانصراف الى القضية الكبرى لمواجهة النزوح السوري في المناطق المسيحية، وتوسعه الخطر من البترون الى بشري ودير الأحمر وبلدات بعبدا وكسروان والمتن. فالتلاقي الأخير بين "التيار" و "القوات" مبني على الحاجة الى حلول سريعة لملف النزوح، الذي بات يشكل خطرا كبيرا على الهوية والكيان.

الا ان هاجس النزوح هذا لا يلغي المقاربة السياسية المختلفة، فـ "القوات" و "الكتائب" أكثر تشددا من "التيار" في ملف العلاقة مع حزب الله وحصر السلاح بيد الشرعية الخاضعة لتوازنات معينة، يضعها التيار في الحسابات، وتلتقي مع نظرة رئيس الجمهورية بحل لبناني لملف السلاح بالتنسيق والتعاون مع حزب الله.
من الواضح ان القوى المسيحية تجتمع من اجل حماية "المجتمع المسيحي"، وتعزيز الحضور في السلطة، وتتعاطى بحزم شديد، انطلاقا من المخاوف في "المجتمع المسيحي"، ومن منطلق تلبية نداء حمايته لمنع تفلت الأمور، بعد انكشاف التوجه الدولي الذي لا يصب دائما لمصلحة المسيحيين.
من هذا المنطلق، فان التقاطع المسيحي كما تؤكد المصادر مفيد للمسيحيين، لكن العبرة في استمراره. كما ان هذا التقاطع لا يمكن البناء عليه ليكون شاملا في القضايا الأخرى، التي لا تزال موضع خلاف داخلي عميق. فالقوى المسيحية تلتقي "على ملف" من دون رسم استراتيجية للمستقبل، فالمشكلة في فقدان الثقة التي تؤدي في نهاية المطاف الى اختلال في موازين القوى، والمشكلة الاخرى تكمن في ان القوى المسيحية تتوحد فقط لمواجهة الخطر المتأتي من المكونات الأخرى، مما يحتم الافتراق عند اول خضة او مطب.