اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


تُعد اللحميات خلف الأذن عند الأطفال من الحالات الشائعة التي تُثير قلق الأهل، خاصةً عندما تظهر فجأة أو تترافق مع أعراض أخرى. ورغم أن كثيرًا من هذه اللحميات تكون حميدة وغير مقلقة، إلا أن فهم أسبابها وتداعياتها المحتملة ضروري لضمان التشخيص المبكر والعلاج المناسب عند الحاجة.

في البداية، من المهم التوضيح أن اللحميات خلف الأذن تُشير غالبًا إلى تضخم أو تورم في العقد اللمفاوية الواقعة في المنطقة الخلفية من الأذن. هذه العقد تُعد جزءًا من الجهاز المناعي، وتلعب دورًا أساسيًا في الدفاع عن الجسم ضد العدوى. وعندما يُصاب الطفل بعدوى، سواء كانت فيروسية أو بكتيرية، في الجهاز التنفسي العلوي، كالزكام أو التهاب الحلق، فإن هذه العقد قد تنتفخ كرد فعل طبيعي للجسم.

تتعدد الأسباب التي تؤدي إلى تضخم اللحميات خلف الأذن، لكن السبب الأكثر شيوعًا لدى الأطفال هو العدوى. ويمكن أن تكون العدوى سطحية، مثل التهابات فروة الرأس أو الجلد، أو داخلية مثل التهاب الأذن الوسطى أو اللوزتين. كذلك، قد تُسبب الأمراض الفيروسية مثل الحصبة الألمانية أو كثرة الوحيدات العدائية تورم العقد اللمفاوية، خاصةً خلف الأذن.

في بعض الحالات النادرة، قد يكون تضخم اللحميات نتيجة لأسباب غير التهابية مثل الأورام، سواء كانت حميدة أو خبيثة، أو بسبب اضطرابات في الجهاز المناعي كأمراض المناعة الذاتية. إلا أن هذه الأسباب تبقى أقل شيوعًا عند الأطفال مقارنةً بالكبار، ولا يتم التفكير بها إلا إذا استمر التورم لفترة طويلة دون تحسن أو صاحبه فقدان وزن، ارتفاع حرارة مستمر، أو تعرّق ليلي.

على الرغم من أن اللحميات خلف الأذن غالبًا ما تكون غير خطيرة وتختفي تلقائيًا خلال أيام إلى أسابيع، إلا أن هناك حالات تستدعي استشارة الطبيب بشكل فوري. من أبرز العلامات التي يجب التنبه لها: استمرار التورم لأكثر من أسبوعين دون تحسن، ازدياد الحجم بسرعة، وجود ألم شديد أو احمرار في الجلد المحيط، ارتفاع درجة حرارة الجسم، أو ظهور أعراض عامة مثل التعب وفقدان الشهية.

كما ينبغي الانتباه في حال كان الطفل يعاني من تضخم في أكثر من منطقة لمفاوية في الجسم، ما قد يشير إلى حالة صحية أعمق تتطلب فحوصات دقيقة، بما في ذلك تحاليل الدم أو صور الأشعة.

يعتمد تشخيص اللحميات خلف الأذن على الفحص السريري في البداية، حيث يقوم الطبيب بتحسس العقد اللمفاوية وتقييم حجمها، ملمسها، وأي علامات مرافقة. في بعض الحالات، قد يُطلب إجراء فحوصات إضافية مثل فحص دم كامل، أو تصوير بالموجات فوق الصوتية لتقييم طبيعة الكتلة.

أما العلاج، فيختلف بحسب السبب. فإذا كانت اللحميات ناتجة عن عدوى فيروسية بسيطة، فعادةً ما يُنصح بمراقبة الحالة دون تدخل دوائي، مع إعطاء الطفل مسكنات خفيفة إذا لزم الأمر. في حالات العدوى البكتيرية، قد يُوصف مضاد حيوي مناسب. وإذا تبين أن السبب أكثر تعقيدًا، فقد يتم توجيه الطفل إلى أخصائي أطفال أو جراحة عامة لإجراء تقييم أدق وربما أخذ عينة للفحص.

أخيراً، إنّ اللحميات خلف الأذن لدى الأطفال هي ظاهرة شائعة غالبًا ما ترتبط بعدوى بسيطة، لكنها قد تُشير في بعض الحالات إلى أسباب أكثر خطورة تستدعي المتابعة الطبية. يبقى التشخيص المبكر هو المفتاح الأساسي لتفادي المضاعفات وضمان سلامة الطفل، لذا يُنصح الأهل بعدم التهاون مع أي تغيرات مفاجئة أو غير مبررة في جسم الطفل، ومراجعة الطبيب عند الشك أو استمرار الأعراض. 

الأكثر قراءة

مواجهة بلا سقف بين إيران و«إسرائيل»... وواشنطن على حافة التدخّل! سفير غربي يحذر من عمل عسكري «اسرائيلي» في الجنوب حتى الأولي برّاك بعد لودريان: لا اعذار للتاخير