غالبا ما ننظر إلى الطعام كوسيلة لسد الجوع أو تلبية الاحتياجات الجسدية، لكن الحقيقة أعمق بكثير. فبحسب ما أكدته أخصائية التغذية رولا سروع، فإن العلاقة بين ما نأكله وما نشعر به هي علاقة تفاعلية معقّدة، تبدأ من الدماغ ولا تنتهي بالمعدة. فهل تساءلنا يوما لماذا نميل لتناول الشوكولاتة عند الشعور بالحزن؟ أو لماذا يفقد الطعام مذاقه حين نكون في مزاج سيء؟
المزاج يغيّر حتى طعم الأكل!
تشير دراسات حديثة أجريت في جامعة "وارزبورغ" الألمانية، إلى أن حالتنا النفسية تؤثر حتى على تذوقنا للطعام. فعندما نشعر بالحزن أو الفرح، تقل قدرتنا على تذوق الدهون، بينما ترتفع حساسيتنا تجاه المذاقات الحادة كالمرارة والحلاوة. هذا الاكتشاف يعزز فكرة أن ما نشعر به ينعكس مباشرةً على حاسة التذوق، وقد يكون تفسيرا وراء تغيير شهيتنا أو تفضيلاتنا الغذائية في مواقف مختلفة.
التغذية والمزاج: من الشوكولاتة الى فيتامين ب
بحسب رولا سروع، ما نأكله يؤثر بدوره على حالتنا النفسية. فعلى سبيل المثال، أثبتت دراسات أن تناول الشوكولاتة الداكنة يمكن أن يرفع من مستوى "السيروتونين" المعروف بـ"هرمون السعادة"، مما يساهم في تحسين المزاج والذاكرة معا.
أما فيتامينات B، فلها دور محوري في إنتاج المواد الكيميائية المسؤولة عن المشاعر الإيجابية في الدماغ. ويمكن العثور عليها في أطعمة طبيعية مثل الموز، البنجر، الفاصوليا، والخضروات الورقية. وتحديدا، فإن فيتامين B12 يُعتبر أساسيا لمعالجة مشاكل مثل التعب وضعف الذاكرة، بل وحتى الاكتئاب.
في المقابل، فإن نقص فيتامينات B، بحسب سروع، قد يؤدي إلى انخفاض ملحوظ في المزاج، وقد يُسبب اضطرابات نفسية إن استمر لفترة طويلة.
السكر والمضادات... ومزاجك في الميزان
الباحثة سوزان ديكنسون حذّرت من أن الإفراط في استهلاك السكر بشكل متكرر ضمن النظام الغذائي، يرتبط بزيادة احتمالات الإصابة بمشاكل في الصحة النفسية، بما في ذلك القلق والاكتئاب.
في المقابل، فإن مضادات الأكسدة تلعب دورا إيجابيا، إذ تعزز إنتاج السيروتونين والدوبامين، وهما ناقلان عصبيان يساهمان في إحساسنا بالسعادة. هذه المضادات تتواجد بوفرة في الخضار والفواكه الطازجة، والشاي الأخضر، وبعض التوابل كالكركم.
أوميغا 3… صديقك ضد الاكتئاب
عنصر آخر لا يقل أهمية هو الأوميغا 3، الذي يُسهم في تحويل الغذاء إلى طاقة، ويُعدّ ضروريا لصحة الدماغ. هذا العنصر له علاقة مباشرة بمستويات السيروتونين، الدوبامين، والنورأدرينالين، وكلها مسؤولة عن توازننا النفسي. مصادر الأوميغا 3 تشمل الأسماك الدهنية، المكسرات، البذور، البيض، وبعض أنواع اللحوم التي تتغذى على العشب. وقد أظهرت دراسات عديدة فعاليته في مكافحة الاكتئاب.
بكتيريا الأمعاء أيضا... لها كلمة!
وختاما، تشير سروع إلى أهمية البروبيوتيك والبريبيوتيك، وهي بكتيريا مفيدة للأمعاء، تُساهم في خفض معدلات الاكتئاب والتوتر، ورفع مستويات الراحة النفسية. هذه البكتيريا يمكن الحصول عليها من أطعمة مثل اللبن، والمخللات الطبيعية، وبعض المكملات الغذائية.
من هنا ، نعلم أن النظام الغذائي ليس مجرد وسيلة للحفاظ على الجسد، بل هو أيضا شريك أساسي في صحتنا النفسية والعاطفية. إن فهمنا لهذه العلاقة يمكن أن يحدث فرقا حقيقيا في حياتنا اليومية، من تحسين المزاج، إلى تعزيز التركيز، ومحاربة الاضطرابات النفسية. وكما تقول رولا سروع: "علاقتنا مع الطعام تبدأ من عقلنا قبل أن تصل إلى أطباقنا".
يتم قراءة الآن
-
إنذار سعودي أخير وخطير للبنان
-
المخاطر تتزاحم: «إسرائيل»... أمن المخيمات... والخطر السوري؟ واشنطن تصرّ على تهميش باريس... ولا تفعيل للجنة وقف النار تفاهم «ثلاثي» على تعيينات قضائية ومالية في الحكومة اليوم
-
لبنان بين الوصاية السوريّة والوصاية "الإسرائيليّة"
-
فضيحة "Bet Arabia" تتمدّد: رؤوس كبيرة في قبضة القضاء... وهشام عيتاني هارب الى قبرص
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
09:51
الأونروا: يجب رفع الحصار والسماح لنا باستئناف إيصال المساعدات الإنسانية بما في ذلك مستلزمات النظافة إلى غزة
-
09:34
مسيّرة "إسرائيلية" استهدفت بصاروخين بلدة الخيام جنوبي لبنان
-
09:29
وزير الخارجية الأوكراني: تعرض مدن تشيرنيفتسي ولفيف ولوتسك الغربية لهجوم مروع وتضرر مناطق أخرى بالقصف الروسي
-
09:10
المفوضية الأوروبية تقترح سقفاً للنفط الروسي أقل 15% من السعر العالمي
-
08:44
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف: نحذّر الولايات المتحدة وحلفاءها من خلق تهديدات أمنية لروسيا وكوريا الشمالية
-
23:51
بوليتيكو عن مصدرين: ترامب يدرس تقديم حزمة مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا بمئات الملايين من الدولارات.
