اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


ممّا لا شكّ فيه أنّ وضع الهيئة الناظمة لقطاع النفط في لبنان يحتاج إلى تصحيح. والقرار اليوم هو بيدّ مجلس الوزراء الحالي، المدعو إلى الإسراع في إطلاق الهيئة الجديدة وتطوير عملها، سيما أنها المعنية المباشرة بالتعامل مع الشركات النفطية العالمية. فقطاع النفط في لبنان يواجه تحديات جيوسياسية وإقتصادية ومالية، غير أنّه يستطيع رغم ذلك، مساعدة وإنقاذ البلد من أزماته الحالية، إذا ما امتلك العوامل المناسبة لجذب شركات البترول.

فما هو وضع هيئة إدارة قطاع النفط في لبنان، وكيف تستمرّ في عملها في طلّ مغادرة نحو 70 في المئة من العاملين فيها واستقالة ثلاثة من أعضاء مجلس إدارتها من رؤساء الوحدات؟!

تخضع الهيئة فعلياً، على ما تقول مصادر واسعة الإطلاع لمرسومين: الأول، يُنظّم عملها، والثاني، يتعلّق بتعيين الأعضاء الستة لمدّة ستّ سنوات، تُجدّد مرة واحدة فقط. ومنذ بداية عمل الهيئة في 4 كانون الأول من العام 2012 والى حين انتهاء ولايتها الأولى، في 4 ك1 من العام 2018، وحتى يومنا هذا لم يحصل لا التجديد ولا التمديد ولا إعادة تعيين هيئة جديدة باستثناء مرّة واحدة في عهد الوزيرة ندى البستاني. ففي العام 2019 حصل تعيين الأعضاء الستّة، من دون صدور قرار من مجلس الوزراء. فقد حصل خلاف يومذاك، يعود سببه إلى اعتراض الوزير محمد فنيش، بهدف التأكّد من أمر قانوني. فبحسب مرسوم تعيين الأعضاء، على العضو، المرشّح أو المعيّن، أن يكون سنّه، ما فوق الـ 35 عاماً وما دون الـ 58 عند التعيين. وكان أخد أعضاء الهيئة وهو الدكتور ناصر حطيط قد تخطّى السنّ القانونية لدى اقتراح التجديد للهيئة لولاية ثانية. وكان يودّ كذلك معرفة إذا ما كان هذا التجديد يُعدّ تعيينا جديداً أم لا فسُحب القرار، ولم يحصل التجديد بسبب هذا اللغط القانوني الذي حصل خلال الجلسة الأخيرة من حكومة الرئيس سعد الحريري قبل تقديم استقالته.

ولهذا تستكمل هيئة قطاع البترول عملها في "تسيير المرفق العام في النطاق الضيّق"، وليس في "تصريف الأعمال"، على ما تُؤكّد المصادر، بمن تبقّى من أعضاء مجلس إدارتها وطاقم عملها، وفق استشارة حصل عليها وزير الطاقة آنذاك سيزار أبي خليل، من "هيئة التشريع والإستشارات". ففي الهيئة ليس من نطاق ضيّق أو واسع للعمل، فالأعضاء يُبدون أراءهم ويرفعون التوصيات للوزير، ولا يُمكنهم في هذا الإطار تضييق نطاق عملهم، على غرار تصريف الأعمال. فعملهم هو في الدراسات والإستشارات والإتصالات وتحويل المراسيم وإرسالها إلى مجلس الوزراء، ولا يكمن في اتخاذ القرارات، إنّما في التوصية بشأنها. لهذا يتابعون عملهم من خلال القيام بالمهام نفسها تقريباً، ويقبضون رواتبهم، لأن "لا عمل من دون أجرة". علماً بأنّ رواتب الأعضاء أي رؤساء الوحدات لم يتمّ تحسينه حتى الساعة، لأنّ الأمر يحتاج إلى قرار من مجلس الوزراء. وبسبب انخفاض الرواتب نسبة إلى الأزمة المالية والاقتصادية، إذ أصبح راتب عضو مجلس الإدارة يساوي 300 دولار فقط، استقال ثلاثة أعضاء هم: د. ناصر حطيط (غادر للعمل في السعودية)، المهندس عاصم أبو إبراهيم (يعمل في مصر)، والأستاذ وليد نصر (عمل إستشاري). ويبقى ثلاثة هم: المهندسان وسام شباط، ووسام الذهبي، والمحامي غابي دعبول. ويعمل كلّ من هؤلاء على إدارة وحدتين من دون قبض راتبين على العمل الإضافي.

وجرت محاولات عديدة لتحسين رواتب أعضاء الهيئة، على ما تشرح المصادر المطلعة، لم تُفلح. وما يقبضه الأعضاء اليوم إلى جانب الراتب الأساسي، بعد سنتين من انتهاء ولايته، وسُمي "موجب الإمتناع عن العمل"، فهو راتب يُعطى للعضو كتعويض له، لأنّه يُمنع عليه العمل مع الشركات لمدّة سنتين بعد انتهاء عمله في الهيئة. وكونها هيئة ناظمة وُضع لها نظام يشبه "هيئة الرقابة على المصارف"، إذ يتمّ قبض راتب سنتين مسبقا، لأنّ الموظّف يبقى سنتين ممنوعا عن العمل في القطاع المصرفي لكيلا يحصل تضارب مصالح.

وفي مجلس الوزراء، عندما كانوا يقرّرون دفع تعويضات الهيئة، ارتأى وزير المال عدم دفع هذه الرواتب دفعة واحدة مع الراتب الشهري، إنّما نصفها معه، والنصف الآخر عند انتهاء الولاية.

وعن قيام بعض الأعضاء بعمل ثانٍ استشاري، بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة، فلا يبدو الأمر مستغربا، وفق المصادر، لا سيما عندما تسمح المؤسسة العسكرية لعناصرها بالقيام بعمل ثانٍ لتحسين وضعهم المعيشي، وخصوصا أنّ الأعضاء لا يُقصّرون بعملهم في الهيئة.

في حين طرأت بعض التعديلات على رواتب الموظّفين والعاملين معهم. بحسب المراسيم والقرارات التي حسّنت رواتب موظّفي القطاع العام. رغم ذلك، فمن أصل 30 شخص يعملون في الهيئة مع مجلس الإدارة يبقى اليوم، على ما تكشف المصادر، 30 في المئة منهم فقط. ما يعني أنّه في 6 وحدات تتألّف منها الهيئة يبقى 13 موظّفاً من رئيس الوحدة إلى المهندسين والكادر الإداري والمحاسب. في حين غادر 17 آخرين بهدف إيجاد فرص عمل أفضل.

ولهذا، فإنّ الهيئة، هي ربح للدولة، ولا تُكبّدها أعباء مالية، إذ لا تقوم بالمناقصات أو تلتزم التعهّدات، كما في تصريف الأعمال. فخلال 12 عاماً استطاعت أن تجني من بيع المسوحات الزلزالية، قبل حصول أي استكشافات، على ما أفادت، مبلغ 44 مليون دولار موجود اليوم في مصرف لبنان. فهي تجني الأموال أكثر ممّا تصرف، وهو أمر إيجابي. علماً بأنّه لم يُسمح للأعضاء بتطوير المؤسسة إذ عندما كانت تطلب موازنة معيّنة لذلك، تحصل على نصفها أو ربعها.

ويقول المنطق إذا كانت الحكومة الحالية تريد استمرارية في قطاع النفط، أن تعيّن هيئة جديدة، إن من خلال الإبقاء على الأعضاء الثلاثة الحاليين، وتعيين الآخرين، أو الإبقاء على واحد منهم على الأقلّ، بهدف نقل المعرفة التراكمية للأعضاء الجدد لعدم تعطّل القطاع وانتظار عامين أو أكثر لاطلاع هؤلاء على كيفية عمل الهيئة. فالوضع لا يحتمل هذا الأمر.

ولدى وزير الطاقة الحالي جو صدّي، الذي يحضّر ملفه لإعادة تعيين الهيئة الناظمة، النيّة في التجديد للأعضاء الثلاثة المتبقين. وكان طلب استشارة "هيئة التشريع والاستشارات"، بحسب المعلومات، لمعرفة إذا ما كان يمكنه قانونا القيام بذلك، وإذا ما كانت الفترة التي قضوها بين عامي 2018 و2024، هي ولاية ثانية؟ وبالتالي لا يحقّ لمجلس الوزراء التجديد للأعضاء مرّة أخرى، وحصل على الإجابة، وهي "أنّ التعيين والتجديد يحصلان في مجلس الوزراء". وهذا الأمر لم يحصل حتى الآن.

ولا يُعرف أيضاً كيف ينظر مجلس الوزراء حالياً إلى هذا الأمر، سيما أنّ هناك استشارة ثانية تقول "إنّ مجلس إدارة قطاع النفط قائم، ويمكنه استكمال عمله ورفع استشاراته إلى الوزير". فمجلس الوزراء هو سيّد نفسه، وعليه أن يُقرّر سريعا ما هو المناسب والأفضل لهذا القطاع، بعيدا عن المحسوبيات وعن الأطراف التي باتت أقوى أو أضعف وما إلى ذلك. فانتظام عمل الهيئة يُطمئن الشركات العالمية والمستثمرين في قطاع النفط، كونه الحدّ الأدنى للاستقرار والثبات الإداري في لبنان.

كما يُمكن الاستفادة من خبرة الأشخاص الذين خضعوا لتدريبات البرنامج النروجي في قطاع النفط بين عامي 2020-2022، بدلا من الإتيان بأشخاص لا يتمتعون بالكفاءة إنما "بالواسطة".




 

الأكثر قراءة

موقف لبنان من خارطة الخطوة مقابل الخطوة: فلتبدأ «اسرائيل» أولاً تأكيد رئاسي على رفض التهويل وجلسة بحث السلاح غير مطروحة محاولة قواتية لطرح اقتراع المغتربين في الخارج تهدد بـ«كهربة» جلسة الغد