اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


عندما يُذكر مرض هشاشة العظام أو مشاكل الهيكل العظمي، غالبًا ما يتبادر إلى الذهن أنه أمر يخص النساء فقط، وخصوصًا بعد سن اليأس. إلا أن هذه النظرة الشائعة تخفي جانبًا مهمًا: الرجال أيضًا معرضون لمشاكل صحية خطيرة تتعلق بالعظام، بل وقد تكون هذه المشاكل أكثر خطورة عند اكتشافها في مراحل متأخرة.

ورغم أن هشاشة العظام أقل شيوعًا لدى الرجال مقارنة بالنساء، إلا أن المضاعفات الناتجة منها تكون أكثر فتكًا في كثير من الحالات، خصوصًا بعد كسور الورك أو العمود الفقري. وتُظهر الإحصائيات أن نسبة الوفاة خلال عام واحد من الإصابة بكسر الورك عند الرجال تفوق نظيرتها عند النساء، ما يؤكد ضرورة إيلاء صحة العظام لدى الرجال اهتمامًا أكبر.

تعود قلة الاهتمام بهذا الجانب لدى الرجال إلى عدة أسباب، أهمها الافتقار إلى التوعية، حيث لا تُسلّط البرامج الصحية والإعلامية الضوء بما يكفي على مخاطر أمراض العظام لدى الذكور. كما أن الرجال عادةً لا يزورون الطبيب إلا عند ظهور أعراض واضحة أو إصابات خطيرة، مما يعني أن مشاكل العظام قد تتطور بصمت دون رصدها أو التعامل معها في مراحلها الأولى.

عامل آخر هو الفكرة النمطية بأن مشاكل العظام ترتبط فقط بتقدم السن أو بالنساء، بينما في الواقع قد تبدأ عملية فقدان الكتلة العظمية لدى الرجال من سن الأربعين، خصوصًا في حال وجود عوامل خطر مثل التدخين، قلة النشاط البدني، نقص فيتامين د، أو تناول الكحول بشكل مزمن.

هذا وهناك عدة عوامل تُساهم في تدهور صحة العظام عند الرجال، منها ما هو وراثي ومنها ما يرتبط بنمط الحياة. على سبيل المثال، يُعاني الرجال الذين لديهم تاريخ عائلي بهشاشة العظام أو كسور متكررة من خطر أعلى. كما أن نقص مستويات هرمون التستوستيرون، سواء بسبب التقدم في العمر أو لأسباب طبية، قد يؤدي إلى انخفاض كثافة العظام.

ومن العوامل السلوكية المهمة: قلة ممارسة التمارين الرياضية، خصوصًا تمارين المقاومة والحمل، والتي تُعد أساسية للحفاظ على قوة العظام. كذلك، سوء التغذية ونقص الكالسيوم وفيتامين D يساهمان بشكل مباشر في ضعف البنية العظمية.

المشكلة الأساسية في أمراض العظام أنها غالبًا ما تكون صامتة، ولا تظهر الأعراض إلا بعد حدوث الكسر أو فقدان كبير في الكتلة العظمية. لكن بعض العلامات التحذيرية تشمل: آلام مزمنة في الظهر، تقوس العمود الفقري، قصر القامة التدريجي، أو الإصابة المتكررة بكسور نتيجة حركات بسيطة. هذه الأعراض يجب أن تدفع الرجل إلى إجراء فحوصات كثافة العظام دون تأخير.

إنّ الوقاية تبدأ من أسلوب الحياة. إذ يُنصح الرجال باتباع نظام غذائي غني بالكالسيوم وفيتامين د، مثل الحليب، مشتقاته، والأسماك الدهنية. كما أن ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، خاصة تمارين المقاومة والمشي، تساعد على تقوية الهيكل العظمي.

ومن المهم تقليل العوامل السلبية مثل التدخين، الإفراط في تناول الكافيين، والكحول، بالإضافة إلى إجراء فحوصات دورية خاصة عند وجود تاريخ عائلي أو عند التقدم في العمر. وقد يوصي الطبيب بمكملات غذائية أو أدوية معينة في حال وجود ضعف في الكتلة العظمية.

رغم أن صحة العظام قد لا تكون على رأس أولويات كثير من الرجال، إلا أن إهمالها قد يؤدي إلى تداعيات خطرة تؤثر في نوعية الحياة وحتى على البقاء. ومع ارتفاع متوسط العمر المتوقع، تزداد الحاجة إلى تعزيز الوعي بهذه القضية الصحية الهامة. العظام القوية ليست فقط مسؤولية النساء، بل هي جزء أساسي من صحة الرجل وعافيته طول العمر.

الأكثر قراءة

بارّاك يعلن سياسة «العصا والجزرة» لإخضاع لبنان لخطة واشنطن توافق بين عون وبري على الرد اللبناني... وسلام اكثر تشدداً!