اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


ليس اصعب على اهل البيئة ومناصريها، من أن يقفوا امام غابات دهرية تلتهمها النيران وتقضي على ثروة وطنية هي اساس في دورة الحياة الطبيعية.

والاصعب حين تكون الغابة من الشوح الناريخي والصنوبر والسنديان واللزاب، فكيف بالحريق الاخير الذي كاد يطيح بغابة الشوح في القبيات لولا استنفار عام على كل المستويات واندفاعة بالغة الاهمية للجيش والدفاع المدني ومجلس البيئة في القبيات والاهالي الذين شكلوا فريقا انتحاريا لانقاذ غابتهم من نيران لا تزال التحقيقات جارية لكشف اسبابها سواء كانت عمدا او لاهمال، وكلاهما جريمة بحق البيئة والثروة الحرجية، توازي جريمة الخيانة العظمى.

لايام عدة، تضافرت الجهود فأخمد الحريق المتكرر، حيث يوضح رئيس مجلس البيئة في القبيات الدكتور انطوان ضاهر ان الحريق بدأ صغيرا وجرى اخماده، لكنه عاد فاشتعل بعد يومين،وايضا اخمد، ثم اندلع مجددا للمرة الثالثة، لعل السبب هبوب الرياح، وهذه المرة امتدت النيران من محلة نقل الصنوبر الى جورة الخيمة في غابات عكار على علو يتراوح بين 1300 الى 1500 م عن سطح البحر.

ويوضح ضاهر، انها المرة الاولى التي تصل النيران فيها الى غابة الشوح.

لا يستطيع ضاهر تحديد الاسباب عما اذا كانت بفعل فاعل، او بسبب الاهمال عن غير قصد، لكن في الواقع ان الجريمة قد وقعت، ولا بد من كشف الفاعلين، وقد توجهنا بطلب المساعدة من وزيري الداخلية والبيئة، لاجراء التحقيقات وجرى الادعاء من قبل بلدية القبيات مع طلب التشدد بالعقوبات".

حسب اوساط اهلية، ان موسم الحرائق في غابات عكار، خاصة في القبيات وعندقت، قد بدأ، وانه ليس بعيدا عن هذه الحرائق من هو بموقع الشبهة على مستويين:

المستوى الاول، هناك من يسعى لتوسيع اراضيه على حساب غابة مجاورة، والمستوى الثاني، تجار الحطب وهم موضع شبهة، بحيث يسعون للاستفادة من غابات محروقة لانتاج الفحم.

وهنا يرى الدكتور ضاهر، ان المطلوب من وزارتي الداخلية والبيئة حماية الغابات بمتابعة دقيقة ودؤوبة لملف الحرائق وكشف الفاعلين، وعلى يقين ان المتابعة لا بد ستفضي الى كشف الفاعلين، وإلا كيف تستطيع الدولة من توقيف اي مواطن خلال ربع ساعة عند ارتكابه هفوة شتم او ذم لسياسي؟ بينما مرتكب الحرائق يبقى دون ملاحقة؟ بل ويجهل رغم القدرة الفائقة على كشفه.

يكشف الدكتور ضاهر انه جرى انشاء برج مراقبة منذ ثلاثين سنة في غابات القبيات هو الاول من نوعه في لبنان، ويتولى العمل فيه اثنان يتناوبان على المراقبة في هذه الفترة، والحاجة ماسة الى ابراج مراقبة اخرى والى عناصر شرطة احراج للقيام بمهام المراقبة على مدار الساعة.

ويضيف ضاهر ان المطلوب هو منع تجار الحطب وكافة المواطنين من الدخول الى المواقع التي احترقت واصبحت هياكل من حطب محروق وذلك لمدة سبع سنوات لاتاحة الفرصة لاعادة انبات الشجر، ولمنع تجار الحطب من التسلل واقتطاع الحطب.

ويعول ضاهر كثيرا على وزارتي الداخلية والبيئة، لاتخاذ اقصى العقوبات بحق المرتكبين والعمل على كشفهم، ثم المطلوب زيادة عناصر حراس الغابات والتنسيق مع البلديات والجمعيات المعنية بالبيئة.

وفي هذا السياق اصدرت بلدية طرابلس بيانا اعلنت فيه عن سلسلة اجراءات فورية وخطوات على النحو التالي :

1ـ  تقدمت البلدية بشكوى أمام النيابة العامة الاستئنافية في الشمال، حيث تم مباشرة التحقيقات لكشف ملابسات الحريق وتحديد المسؤوليات.

2ـ  تكليف خبير متخصص بإعداد تقرير علمي شامل يوضح أسباب الحريق وتداعياته البيئية على المنطقة.

3ـ تأمين الدعم اللوجستي الكامل لفرق الإطفاء العاملة على الأرض، من آليات ومؤن وتجهيزات لازمة لضمان فاعلية التدخل.

4ـ تشكيل فريق مراقبة ميداني لمتابعة موقع الحريق بشكل دائم، بهدف منع تجدده وضمان السيطرة التامة عليه.

وسيُستتبع ذلك بإجراءات إضافية يُعلن عنها في الوقت المناسب.

وفي سياق متابعة تداعيات الكارثة البيئية، زارت وزيرة البيئة الدكتورة تمارا الزين موقع الحريق، يرافقها الدكتور شادي عبد الله، رئيس المجلس الوطني للبحوث العلمية. وكان في استقبالها نائب رئيس بلدية القبيات، إلى جانب عدد من أعضاء المجلس البلدي، رؤساء بلديات اتحاد عكار الشمالي، ورئيس مجلس البيئة، إضافة إلى عدد من الناشطين البيئيين.

والتقت الوزيرة والوفد المرافق بعناصر الدفاع المدني، ومأموري الأحراج، والمتطوعين، وعدد من أهالي القبيات، وشددت الوزيرة على ضرورة فتح تحقيق شفاف وشامل لتبيان أسباب الحريق، ومحاسبة كل من يثبت تقصيره أو تورطه، مؤكدةً أن أي تهاون سيتم التعامل معه بحزم وفق الأطر القانونية المرعية.

واكدت بلدية القبيات التزامها الكامل بحماية بيئتها وأهلها، داعية إلى تضافر الجهود الرسمية والشعبية لضمان عدم تكرار مثل هذه الكوارث، والعمل على وضع خطة استجابة متكاملة تحصّن المنطقة من المخاطر البيئية المستقبلية.

الأكثر قراءة

مقاتلو الإيغور على حدود لبنان:ما وراء الحشود السورية الغامضة؟