اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


يستمر مصرف لبنان في سياسة التعاميم التي تعتبر حلا مؤقتا لأزمة المودعين المستمرة منذ اندلاع الأزمة من حوالى ست سنوات، وذلك بانتظار الحل الشامل الذي من المفترض ان يرد كل أموال المودعين سيما الصغار منهم .

وبغض النظر عما إذا كانت هذه التعاميم حلا مؤقتا او الخيار الأفضل لرد ما يمكن رده من أموال المودعين إلا أنه لا بد من الاعتراف بأن هذه التعاميم ساهمت في رد جزء لا بأس به من أموال المودعين، وإن لم تكن على قدر الطموحات والحاجات ولم تكن الحل النهائي لهذا الملف الشائك والمتشعب والذي يحتاج الى تضافر جهود كل المسؤولين عن الأزمة من مصرف مركزي ومصارف ودولة .

و في هذا السياق قرّر مصرف لبنان تمديد العمل بالتعميمَيْن رقم 158 و166، كما تمّ رفع سقف السحوبات النقدية الشهرية الخاصّة بالتعميم رقم 158 من 500 دولار أميركيّ إلى 800 دولار أميركيّ نقدًا، والسحوبات النقدية الشهرية المرتبطة بالتعميم رقم 166 من 250 دولارًا أميركيًّا إلى 400 دولارٍ أميركيّ نقدًا، وذلك لمدّة سنة قابلة للتجديد ابتداءً من 1 تموز 2025 ولغاية 1 تموز 2026.

كما أصدر المركزي مؤخرا التعميم 169الذي يهدف إلى المساواة بين المودعين، ويمنع المصارف من تحويل أي وديعة إلى الخارج من دون إذن مسبق من مصرف لبنان.

حول أهمية هذه التعاميم وتداعياتها على المودعين وعلى الاقتصاد اللبناني تحدث للديار الباحث والخبير المالي والاقتصادي الدكتور محمود جباعي الذي اعتبر أن المصرف المركزي يسير على خطى متكاملة كانت مبنية في عهد الحاكم السابق منذ فترة ما بعد الأزمة حيث تم وضع عدة تعاميم أبرزها ١٥٨ و ١٦١، واستمرت في عهد الحاكم السابق بالإنابة الدكتور وسيم منصوري والتي بدأت بالتعميم ١٦٦ الذي سمح بسحب ١٥٠ دولارا للذين حولوا أموالهم من الليرة اللبنانية إلى الدولار الأميركي بعد الأزمة  والتعميم ١٥٨ سمح بسحب ٣٠٠ و ٤٠٠ دولار و من ثم تم وضع آلية بحيث أصبح التعميم ١٥٨ يسمح بسحب ٥٠٠ دولار و التعميم ١٦٦ يسمح بسحب ٢٥٠ دولارا، لافتا أن هذا الأمر ضمن آلية بانتظار الحل الشامل الذي إذا لم ينجز سيكون هناك تجديدات جديدة للتعميميمن.

وذكّر جباعي بفترة بداية الحرب الإسرائيلية على لبنان إذ عندها قام المصرف المركزي بدفع زيادة على التعاميم وصلت إلى دفعتين و ثلاث دفعات محاولةً منه لتقديم آلية معينة لحل أزمة المودعين قدر المستطاع، معتبرا ان المركزي ليس المسؤول الوحيد عن الأزمة ولكنه يحاول معالجتها وحيدا.

ويقول جباعي حاكم مصرف لبنان الدكتور كريم سعيد استكمل إجراءات المركزي السابقة كما اتخذ قرارا مهما جدا برفع سحوبات التعميم ١٥٨ إلى ٨٠٠ دولار والتعميم ١٦٦ إلى ٤٠٠ دولار، " وهذا من شأنه أن يضخ المزيد من الأموال إلى المودعين بحيث تضاعفت المبالغ عما كانت عليه منذ بداية الأزمة و بداية التعاميم"، معتبرا أن هذا أمر جيد يساهم في تأمين وفرة من الكاش في أيدي المودعين ويعود الفضل فيه إلى سياسة المصرف المركزي الذي يتبعها بالتماهي مع وزارة المال التي ثبتت سعر الصرف وتمكنت من تأمين ٢ مليار دولار تقريبا زيادة على الاحتياطي في مصرف لبنان الذي كان موجودا منذ سنتين .

وأشار جباعي أن هذه الزيادة في الاحتياطي تُمكٍن المركزي من استخدامها في دفع الزيادة على التعاميم و قد يتمكّن من استخدامها لاحقا في حل أزمة المودعين الشاملة، كاشفا أن المركزي مستمر في السياسات السابقة نفسها في ظل التماهي ببن وزارة المال و المصرف المركزي المبنية على السيطرة قدر المستطاع على الكتلة النقدية بالليرة بالتزامن مع حجم الدولار في السوق، لافتاً ان هذا سيساعد مصرف لبنان في تأمين المزيد من تجميع إحتياطاته و موجوداته في المرحلة المقبلة، و لاحقاً كذلك في حال عدم إيجاد حل شامل سيساعده في اللجوء إلى زيادة نسبة التعاميم الموجودة حاليا أو رفع قيمتها، معتبرا أن هذا الأمر جيد جدا في المرحلة الحالية لأنه يساهم مبدئيا بنسبة كبيرة في رد أموال المودعين سيما صغار المودعين أي ١٠٠ ألف دولار وما دون إذ أنه في حال استمرت هذه التعاميم ورفعت السحوبات لاحقا فسيتم خلال سنوات رد كافة الأموال. 

و إذ اعتبر جباعي أن الخطوات التي يقوم بها مصرف لبنان خيار إيجابي جدًا وخطوة إلى الأمام منه، قال: بحسب معلوماتي يعمل المركزي مع الحكومة اللبنانية على إعداد خطة متكاملة لمعالجة الفجوة المالية ولحل أزمة المودعين، متمنيا الوصول إلى هذا الحل في وقت قريب من أجل أن يكون التعاطي بشكل أفضل في ملف المودعين بشكل كامل  ومتكامل وشامل، " وهذا سيساعد المودعين في حل مشاكلهم".

أما بانسبة للتعميم ١٦٩ فيقول جباعي: حاكم مصرف لبنان الدكتور كريم سعيد أصدر هذا التعميم الذي أراه من منظور إيجابي في مكانٍ ما لأنه يخفف الاستنسابية التي كانت موجودة والمحسوبيات التي كانت تحصل في مكان معين والتي تمكن من لديه ( واسطة) أو قدرة في أن يرفع دعوى قضائية خارج البلد على بعض المصارف ويتمكن من تحصيل حكم قضائي في هذا الشأن، وهذا الأمر يتيح سحب الأموال من المصارف في الداخل من أجل دفعها خارج لبنان وهذا بدوره يؤثر على سيولة المصارف التي تستعملها في دفع أموال المودعين عبر التعميمين ١٥٨ و ١٦٦ .

ورأى جباعي أن سعيد ارتأى أن يصدر التعميم ١٦٩ من أجل المحافظة على السيولة الموجودة في المصارف التي توجد معظم موجوداتها في المصرف المركزي ومع الدولة، "و بالتالي المحافظة على السيولة الموجودة لديها أمر جيد من أجل الاستمرار في تمويل التعاميم وممكن لاحقا الاستمرار في دفع النسبة الكبرى من الودائع في حال زادت نسبة السحوبات وفق التعاميم".

من ناحية أخرى يرى جباعي أن مصرف لبنان بحاجة الى إجراءات متكاملة معه تحمي المودعين وتحمي حق المودع في المطالبة بحقوقه في المرحلة المقبلة وهذا واجب على الحكومة اللبنانية بأن تتعاون مع المركزي، مشددا على ضرورة الإسراع من قبل الجميع في وضع خطة شاملة لملف المودعين من أجل الانتهاء من موضوع التعاميم التي تصبح في حكم الملغاة في حال وجود خطة شاملة وحل لأزمة المودعين، "وبالتالي كل هذه التعاميم المؤقتة يمكن إلغاؤها عند إقرار خطة واضحة للانتظام المالي وإعادة هيكلة القطاع المصرفي مما سيساهم فعليًا في تحسين أوضاع المودعين بشكل عام. 

الأكثر قراءة

بري الذي أذهل المبعوث الأميركي