اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

انشغلت وسائل التواصل الاجتماعي، وفي اليوم التالي لرحيل الفنان المبدع زياد الرحباني، بالاتصال الهاتفي المسجّل الذي جرى في العام 1996، بين الطفلة بيسان زيات (6 سنوات) من جنوب لبنان وزياد الرحباني، اجرته الاعلامية ضحى شمس، عبر اذاعة "صوت الشعب"، وخلال الاتصال تعهد زياد الرحباني لبيسان، بعدما ادت أغنيته "رفيقي صبحي الجيز"، ولاقى اداؤها استحسانا لدى زياد، وهي من الاغنيات الصعبة، باعداد جديد للاغنية بصوت السيدة فيروز، لانه برأي بيسان "اذا غنتها فيروز بتوصل للناس اكتر". وبعد سنوات قليلة، وفى زياد بوعده، وادت السيدة فيروز الاغنية، وهي الاغنية التي كانت واحدة من العلامات البارزة في مسيرة السيدة فيروز مع نجلها زياد، الذي قدم لها مجموعة من اجمل الاغنيات. واغنية "صبحي الجيز"، عامل التنظيفات، الذي ترك في يوم ما مكنسته ومات، وعنه كتب زياد الاغنية، وعن ملايين المساكين، .."منمشي ومنكفي الطريق..يا رفيق".

وكانت بيسان تعرفت الى زياد الرحباني "صوتيا"، من خلال بث مباشر يحضره زياد مع الاعلاميتين فاتن عزام وضحى شمس، خلال يوميات العدوان "الاسرائيلي" على لبنان في نيسان العام 1996. الطفلة بيسان اصبحت اليوم اما لطفلين، ما تزال تُردد معهما "رفيقي صبحي الجيز"، وهي كتبت بتأثر كبير عن رحيل زياد، واستعادت بعضا من لحظات عمرها 29 عاما.

بيسان زيات

زياد... خبر وفاتك كتير صعب، عليّي وعلى كتار ربيو معك، مع فنّك وأفكارك.

مش رح كتر حكي (رح حاول)، بس باختصار مفيد...

أنا خلقت وربيت ببيت لبناني وطني مقاوم، كنّا نسمع فيروز وزياد كل الوقت، وربينا على أفكارك وموسيقتك الحلوة. بفتخر وممنونة إني ربيت بهيك بيئة...

خيّي يلي أصغر منّي اسمو "زياد" على اسمك. أنا ويّاه كتير تأثّرنا بمسرحيّاتك، وتعلّمنا منّك ومن أهلنا الحلوين شو يعني وطنية، وشو يعني إنو كل الطوايف وكل الأديان متل بعض، تعلّمنا نكون أشخاص مناح، وإنو هيدا الشي ما إلو علاقة لا بالدين ولا بالطايفة.

تعلّمنا يكون إلنا أصحاب من كل المناطق، ومن كل الطوايف، وتعلّمنا نكبّر عقلنا ونوعى على أشياء كتيرة بعد...

بتذكّر إنو ما كنّا نعرف نحنا من أي دين أو أي طايفة، وبتذكّر كتير منيح لمّا كانوا رفقاتي بالمدرسة يسألوني: "إنتِ شو؟"، كنت قلّن: "أنا لبنانية!"

بتذكّر كتير أول مرة حملت ما يُسمّى "إخراج القيد" لمّا كنت عم قدّم البريفيه، وقتها عرفت أنا "شو" - من أي طايفة، ومع هيك ما فرقت معي، وما تغيّر عليّي شي.

هيدا مثل بسيط جدًّا عن قديش أثّرت فينا.

جرّبنا نغيّر هالبلد، نثور، ما نفع. طلع "شي فاشل" بهيك بلد...

بس المهم إنو البلد ما يغيّرنا، وأكيد "في أمل".

زياد، شفت قصص وخبريات كتيرة على السوشال ميديا من ناس بعرفن وناس ما بعرفن، وكل مين عندو صورة معك عم ينشرا...

الفيسبوك والعالم الافتراضي مليان صورك، شوف قديش الناس بتحبّك، وأكيد إنت كنت بتعرف هالشي...والعالم الحقيقي كمان مليان قلوب حزينة اليوم على فُقدانك، انت جمعت الناس بمختلف انتماءاتها، طوايفها، مناطقها. الكل بكي عليك، انت اكيد ارتحت، بس منزعل ومنبكي ع حالنا، إنت بعدك ورح تضل عايش معنا بقلوبنا، وبكل ذكرياتنا — الحلوة والبشعة — وأنا متأكدة إنو أجيال كتير لقدّام رح تضل تردّد أغانيك، وأقوالك، ومزحاتك!

قصتي معك شوي مختلفة، وبالنسبة إلي بشوفها مميّزة، وهيدي أول مرة بنشر هالتسجيل... كنت بنت صغيرة دايما إسمع وشارك ببرنامج "سهرية" للعزيزة فاتن عزام يللي بحبها كتير، على إذاعة "صوت الشعب"، وبيوم من الأيام كنت إنت ضيف مع العزيزة جدا ضحى شمس سنة ١٩٩٦، تلفنت تا إحكيك، وكان هيدا الحوار الحلو يلي بيعنيني كتير وغالي على قلبي.

وكتير انبسطت لمّا كبرت وسمعت لاول مرة عالراديو فيروز عم تغني "رفيقي صبحي الجيز"... وإنت متلي، كان هدفك إنو الغنيّة توصل أكتر للناس، وهيك صار.

بس بتمنّى لو شفتك "شي مرّة" عنجد... يمكن هلّق بندم إني ما أصرّيت وحاولت إني شوفك. ما شفتك غير مرّة وحدة من بعيد، بحفلة فيروز ببيت الدين، كانت أول مرة منسمع "كان غير شكل الزيتون"...

زياد... فلّيت قبل ما نعرف بالنسبة لبكرا شو، بس الأكيد إنو بكرا من دونك مش متل أيّام قبل!

كتير خبر وفاتك صعب، وإنت أكبر بكتير من إنو ينعملك يوم حداد، أهم من الزعماء إنت، وأهم من هالحركات كلها...

رح نضل نربّي ولادنا على مسرحيّاتك يلي ما بتموت.

زياد، إنت إنسان أكبر من بلدك، بتمنى تكون صرت بمحل أحسن من هالدني، وتكون روحك مرتاحة...

منحبّك كتير، بلا ولا شي... 

الأكثر قراءة

عون في مُواجهة المخاطر: اشهد اني قد بلّغت لبنان بين خطابين... تباين لكن لا صدام داخلي إسرائيل تصعد...واتصالات لمنع انفجار الحكومة