اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب



في قلب سهلٍ لطالما عُرف بخصبه، تتراجع الحياة قطرةً بعد أخرى. نحن نتكلّم على البقاع، الذي يعاني من أزمة صامتة لكنّها خانقة، ألا وهي شحّ في المياه. ولسوء الحظ، ما كان يومًا نهرًا يروي الحقول، أصبح سرابًا يهدد الزراعة، ويُنذر بعطش الأرض والناس. فبين مواسم الجفاف، وتردّي البنية التحتية، والتغير المناخي المتسارع، يجد البقاع نفسه في مواجهة مع واقع مائيّ قاسٍ لا يرحم. فهل من حلول قبل أن يُرفع العطش إلى مستوى الكارثة؟

تعاني منطقة البقاع في لبنان منذ سنواتٍ من شحٍ في المياه، وهو أمر يزداد سوءًا مع تغيّر المناخ، والضغوط السكانية، وسوء إدارة الموارد. فما هي الأسباب الرئيسية التي أودت بنا إلى هذا الطريق؟

- قلّة الأمطار والثلوج وتراجع معدّلها، ما أثّر بذلك في المياه الجوفية والسطحية.

- الاستهلاك الزائد، بسبب الكثافة الزراعية العالية في البقاع، يُستخدم جزء كبير من المياه للري (أحيانًا بطرقٍ غير فعّالة للأسف).

- ضعف البنية التحتية لأن هناك تسرّبا كبيرا في شبكات المياه، ونقصا في محطات المعالجة، ما يؤدي إلى فقدان كميات كبيرة.

- تلوث المياه الجوفية والسطحية وتعرّضها للتلوث من مياه الصرف الصحي غير المعالجة والمبيدات الزراعية.

- اللجوء السوري، لأنّ الزيادة السكانية الناتجة من النزوح السوري أدت إلى ارتفاع استهلاك المياه بشكلٍ ملحوظٍ.

تداعيات الأزمة

- تهديد الزراعة التي تشكل النشاط الأساسي في البقاع.

- انخفاض مستوى المياه الجوفية، ما يزيد من كلفة استخراجها.

- مشاكل صحية نتيجة الاعتماد على مصادر مياه ملوثة.

- هجرة سكان الريف إلى المدن أو إلى خارج البلاد بحثًا عن فرص أفضل.

وفي السياق، يشير رئيس تجمّع الفلاحين في البقاع ابراهيم الترشيشي، إلى أنّ "معدّلات العام هذا، كانت متدنية كثيرًا فلم نصل إلى 30% من المعدّل الماء الطبيعي، فإذا كان المعدّل 600 ملم في تل عمارة، هذا العام لم تصل المياه إلى أكثر من 220 ملم. وهنا في هذه الحالة، ما من تغذية في الينابيع والأنهر ولا الآبار الارتوازية، فمن شهر 2 و3 كنّا متوقّعين أننا سنصل إلى هذه المصيبة. بالإضافة إلى آثار الحرب التي أثرت أيضًا في المساحات الخضراء".

وأضاف:" المشكلة أن المزارع بقي متأملًا رغم وجود مصائب بقاعية مثل تدنّي مستوى المياه في بحيرة القرعون الى أدنى مستوى منذ تاريخ بحيرة القرعون وصولًا لليوم. من 50 عامًا، مارسنا العمل الزراعي ولم نشهد هذا الشح من الأخبار".

كيف أثّر ذلك في الزراعة؟

الترشيشي يعتبر أنّ الشح في المياه أثّر في الزراعة، من خلال" رفع كلفة إنتاج الرّيّ من 7 % إلى 30%. ومن هنا ستزداد الخسائر لدى المزارع، وبالتالي كثرٌ من المزارعين (20% منهم) عانوا من تلف في مزروعاتهم، و30 % سقوا أراضيهم نصف الكمية المطلوبة، لذلك الإنتاج لم يكن كافيًا. و50% سقوا مزروعاتهم بالكمية المطلوبة ولكن بكلفة عالية جدًا مع خسارة في الرأسمال. واليوم، مع قلّة تصريف الإنتاج وكساد الأسعار مثل البطيخ، البطاطا والبصل باتت أسعارها أقلّ من كلفتها بكثير. لذلك، علت صرخة المزارع أكثر وأكثر.

بحيرة القرعون، التي لطالما كانت فخرًا للقطاع الزراعي ومصدرًا حيويًا لمياه الري والطاقة، تلفظ أنفاسها الأخيرة تحت وطأة الجفاف والتلوّث والإهمال. مياهها انحسرت، وروائحها باتت خانقة، والأسماك التي كانت تسبح في أعماقها اختنقت بسموم الصرف الصحي والصناعي. ما يجري اليوم ليس مجرد أزمة مياه، بل انهيار بيئي خطر يهدد التنوع الحيوي، الأمن الغذائي، وصحة سكان المنطقة. فمن سيحلّها؟

الأكثر قراءة

إنذار سعودي أخير وخطير للبنان