يبقى التجديد الدوري لقوّات الطوارىء الدولية العاملة في جنوب لبنان (اليونيفيل)، الذي يحصل في مجلس الأمن الدولي بشكل دوري نهاية شهر آب من كلّ عام، "فرصة سانحة" للعدو "الإسرائيلي " لمحاولة تغيير الواقع الأمني والعسكري في المنطقة الجنوبية. وهذه المرة يأمل العدو أن يُحقّق ما عجز عن تحقيقه خلال السنوات السابقة، من إدخال مهام "اليونيفيل" تحت "الفصل السابع" من ميثاق الأمم المتحدة، والذي يتيح لها الدخول إلى مناطق معيّنة واستخدام القوّة للحفاظ على الأمن والسلم الدوليين في المنطقة، ما يعني فرض السلام بالقوّة. ويشمل هذا الأمر توسيع مهامها، ما يمكّنها من اقتحام مستودعات الأسلحة التابعة لحزب الله في منطقة الليطاني، إلى جانب القيام ببعض المهام من دون التعاون والتنسيق مع الجيش اللبناني.
أما مع نشوب الحرب الأخيرة بين لبنان و"إسرائيل"، ومحاولة العدو السيطرة العسكرية في منطقة جنوب وشمال الليطاني أيضاً، بحجة تطبيق ما ينصّ عليه القرار 1701 لجهة خلق منطقة عازلة فيها، متجاهلا بند الانسحاب من الأراضي المحتلّة، فقد بدّل موقفه من قوّات "اليونيفيل"، وحاول التضييق عليها من خلال قصف مقرّها تارة، والطلب منها إخلاء بعض المواقع طورا، وصولا إلى طلب إنهاء مهامها بشكل كامل في لبنان، لكيلا يبقى هناك أي شاهد ومراقب للاعتداءات والاغتيالات "الإسرائيلية" التي لا يزال العدو يمارسها في المنطقة الجنوبية، منذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ في 27 تشرين الثاني الفائت، وحتى يومنا هذا.
وتوافق الولايات المتحدة "إسرائيل" على موقفها هذا، ما يجعلها تطالب بخفض عديد هذه القوّات، ما دام لا جدوى من عملها من وجهة نظرها، واستبدالها بقوّات أجنبية أخرى تنضوي تحت جناح آلية الإشراف على وقف النار.
لهذا تعمل الديبلوماسية اللبنانية، على ما أكّدت أوساط ديبلوماسية مطلعة، لا سيما بعد أن قدّم لبنان الطلب الرسمي للتجديد لليونيفيل لسنة إضافية تنتهي في 31 آب 2026، على التأكيد على تمسّك لبنان أولاً ببقاء هذه القوّة الدولية في الجنوب لتثبيت الاستقرار فيه، وكون وجودها هو أحد مقتضيات القرار 1701، المطلوب تنفيذه بالكامل من قبل الحانبين.
وقد طلب لبنان في هذا الإطار تمديد ولاية "اليونيفيل"، من دون أي تعديل في مهامها وطبيعة عملها، أي بالشروط نفسها التي اعتمدها القرار الأممي السابق. علماً بأنّ مسألة قيام "اليونيفيل" ببعض العمليات في منطقة الجنوب من دون إبلاغ الجيش اللبناني، جعلها تتعرّض لمضايقات عديدة من الأهالي الذين يريدون رؤية الجيش اللبناني دون سواه، يبسط سيطرته العسكرية والأمنية في القرى الجنوبية.
وإذ تسعى واشنطن لطرح خفض عديد قوّات "اليونيفيل"، على ما تريد "تلّ أبيب" حاليا، أو إنهاء مهامها واستبدالها بقوّات أخرى، تُمنح صلاحيات استخدام القوّة تحت الفصل السابع، وتعمل تحت إشراف واشنطن التي ترأس لجنة وقف إطلاق النار، تقول الأوساط انّ فرنسا بصفتها حاملة القلم، هي حاليا بصدد صياغة مسودة مشروع قرار التمديد لليونيفيل، ترفض هذا الأمر كما لبنان، كونها تجده غير واقعي، لا سيما في ظلّ الظروف الأمنية التي يعاني منها لبنان. الأمر الذي يجعلها ترفض خفض العديد وتطالب بزيادته، لا سيما أنّ القرار 1701 يعطي "اليونيفيل" هامشا أوسع، إذ ينصّ على إمكان وصول عديدها إلى 15 ألف جندي. في حين أنّ عديدها اليوم (حتى 1 أيار الماضي) يبلغ 10,389 جنديا لحفظ السلام من 47 دولة تشارك فيها.
غير أنّ لا هذا ولا ذاك يطالب به لبنان، على ما تلفت الأوساط، لأنّ خفض العديد من شأنه إضعاف دور "اليونيفيل" في الجنوب، وهو ما لا يريده لبنان حاليا قبل انسحاب "إسرائيل" من التلال الخمس الحدودية، ومن مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء الشمالي من بلدة الغجر، وتسلّم الجيش اللبناني بالتالي لهذه المواقع. كما يعلم بأن رفع عديد "اليونيفيل" قد يتسبّب بزيادة أعباء إضافية على ميزانية حكومات الدول المشاركة فيها، والتي تعاني غالبيتها من أزمات إقتصادية، ما يؤثّر في قرارها في حال أرادت أي منها زيادة عديد كتيبتها في "اليونيفيل".
وبطبيعة الحال، فإنّه لا يمكن الآن الاستغناء عن "اليونيفيل" في جنوب لبنان، على ما تؤكّد الأوساط، رغم ما تعانيه من انزعاج "إسرائيل" منها من جهة، أو من بعض الجنوبيين من جهة ثانية، الذين يحاولون تقييد حركتها في حال قيامها بعمليات من دون مرافقة الجيش اللبناني لها.
ويعمل لبنان الديبلوماسي في أروقة الأمم المتحدة، من أجل الحصول على التصويت لمصلحته في قرار التمديد لليونيفيل، الذي وضعته فرنسا على غرار القرار في العام السابق، وبالشروط نفسها التي تعمل "اليونيفيل" على أساسها في جنوب لبنان. كما يعتمد على حقّ كلّ من الصين وروسيا في استخدام حقّ النقض "الفيتو"، في حال لجأت الولايات المتحدة الأميركية لاستخدامه، منعا لتمرير التجديد للقوّة الدولية. كما يمكن لأي دولة لا تريد أن تُحرج لسبب أو لآخر، الامتناع عن التصويت.
وتتوقّع الأوساط الديبلوماسية ألّا يمرّ قرار التمديد لليونيفيل هذا العام بسلاسة وهدوء، لا سيما مع المطالبات "الإسرائيلية" المتكرّرة بإنهاء دور هذه القوّات. وتشير الاوساط إلى أنها قد تكون مناورة من قبل "إسرائيل" لجعل الدول الأعضاء توافق على بقائها، وتعديل مهامها وطبيعة عملها ورفع عديدها، ومنحها المزيد من الصلاحيات (من الفصلين السادس والسابع)، بحجة المحافظة على الأمن والسلم الدوليين.
إلى ذلك، فإنّ الاتصالات التي يجريها لبنان، كما فرنسا التي توافقه الرأي، لا تزال قائمة في الأمم المتحدة لضمان التجديد لليونيفيل، من دون أي تعديلات تمسّ بجوهر عملها، ولا سيما أنّ بقاءها ضروري حاليا لتطبيق بنود القرار 1701 كاملة. ويبقى أمامهما أكثر من شهر ونصف لضمان تمرير التجديد مع تعديلات طفيفة، ربما تتناسب مع الظروف الإقليمية والدولية الراهنة. علما بأنّ أي تعديلات أخرى تُخرج أصحاب القبعات الزرق من أداء مهامهم الأساسية، وهي الحفاظ على السلام والأمن في المنطقة، من شأنها تعريضها للمخاطر. والمتابعة والمراقبة والتدخّل عند الحاجة، تبقى أمورا أساسية لأداء المهام، من دون استخدام القوّة بشكل استنسابي مع طرف دون الآخر، لأنه عندئذ فقط ينتفي دور هذه القوّات كحفظة سلام.
يتم قراءة الآن
-
ايجابيات وسلبيات التعميمين 158 و166 غبريل للديار : اتخذ مصرف لبنان قرار رفع سقف قيمةً السحوبات لان الحل الشامل للودائع متأخر
-
بري الذي أذهل المبعوث الأميركي
-
برّاك يطرح تسوية صعبة والحكومة على مفترق طرق تحويلات المغتربين تبقي الاقتصاد حيًّا رغم الأزمات انطلاق الامتحانات الرسمية وسط احتجاجات وتحديات تربوية
-
أين إيران في تغيير الشرق الأوسط؟
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
10:34
إشكال في بلدة عيتيت بين الأهالي واليونيفيل
-
10:04
وسائل إعلام إسرائيلية: وزير المالية بتسلئيل سموتريتش يعقد مشاورات على خلفية التقارير عن التقدم في الاتصالات للتوصل إلى صفقة
-
09:24
ينفذ موظفو "ألفا" و"تاتش"، بدعوة من "نقابة موظفي ومستخدمي الشركات المشغلة للقطاع الخلوي"، وقفة إحتجاجية، العاشرة من قبل ظهر اليوم أمام مبنى "تاتش" في بيروت، "حماية للحقوق والمكتسبات ورفضا للمماطلة ونسف الوعود المقطوعة من الجهات المعنية".
-
09:04
المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي: قتلنا فلسطينيا بعد أن طعن جنديا خلال عملية عسكرية في قرية رمانا في جنين
-
09:03
الجيش الإسرائيلي: إصابة جندي بجروح متوسطة إثر تعرضه للطعن خلال عملية في قرية رمانة قرب جنين والقضاء على المنفذ
-
08:54
"الميادين": قصف مدفعي للاحتلال يستهدف أطراف بلدة شبعا
