اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


عاد ملف الموقوفين السوريين في السجون اللبنانية إلى الواجهة، بعد سقوط النظام السوري السابق وتولّي أحمد الشرع رئاسة سوريا، وبدء التنسيق بين البلدين وفتح صفحة جديدة من العلاقات. وقد تم التطرّق إلى هذا الملف خلال اللقاء الذي جمع مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان مع الرئيس الشرع السبت الماضي في دمشق، حيث طالب الأخير بالإسراع في إطلاق سراح الموقوفين السوريين وترحيلهم إلى بلادهم. وهذا ما سيسعى إليه وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني خلال زيارته المرتقبة إلى لبنان، لبحث الملفات العالقة بين البلدين.

كما سُرّبت معلومات عن وجود مسعى لعفو عام يشمل الموقوفين، بمن فيهم الإسلاميون، وفق مصدر نيابي سنّي، لكنّ مصدرا قضائيا نفى ذلك وقال لـ"الديار": "ما ذُكر مستبعد جدا وبعيد عن أرض الواقع".

إلى ذلك، نُقل عن بعض المشاركين في اللقاء الذي جمع دريان والشرع أنّ هذا الملف أخذ حيّزا كبيرا من المحادثات، إذ أصرّ الجانب السوري على ضرورة إطلاق سراحهم، في خطوة قد تنذر بتوتّر سياسي مع الحكومة اللبنانية ، ومخاوف من عودة العلاقات الثنائية إلى سابق عهدها، بعدما شهدت بعض التحسّن إثر زيارات مسؤولين لبنانيين إلى دمشق.

ومع عدم ظهور أجوبة إيجابية على طلب الشرع، بدأت تخرج تسريبات عن اتجاه سوري لفرض إجراءات مرتقبة تضرّ بالاقتصاد اللبناني، مثل فرض رسوم وقيود على حركة التصدير اللبناني عبر المعابر البرّية إلى الدول العربية، ما ينذر بتداعيات جديدة تزيد الشرخ بين البلدين.

في المقابل، شدّدت مصادر سياسية سنّية مؤيدة لإقرار العفو العام عن كل الموقوفين، بمن فيهم الإسلاميون، على ضرورة إطلاق سراح السجناء السوريين، خصوصا الذين لم يرتكبوا جرائم جنائية خطيرة، أي من تورّطوا في السرقات والاحتيال وتعاطي أو تهريب المخدرات. ويقارب عدد هؤلاء 700 موقوف يمكن تسليمهم إلى سوريا، في حال استوفوا الشروط القانونية لذلك. كما أشارت المصادر إلى أنّ رئيس الحكومة نواف سلام يبدي اهتماما بإيجاد حل يرضي الطرفين.

في المقابل، يرفض معظم المسؤولين اللبنانيين إطلاق سراح المتشدّدين الإرهابيين الذين ارتكبوا جرائم كبيرة، من بينها قتل عسكريين لبنانيين والانتماء إلى تنظيمات متطرّفة، وأُحيلوا إلى المحكمة العسكرية، ومنهم متّهمون بشنّ هجمات ضد الجيش اللبناني في المناطق الحدودية مع سوريا، ما يجعل الموافقة على ترحيلهم شبه مستحيلة، خصوصا من قبل رؤساء الأجهزة الأمنية.

وفي السياق، أفيد وفق معلومات مصدر أمني لبناني بأنّ أهالي الموقوفين السوريين كانوا بصدد إقفال طريق المصنع قبل فترة وجيزة، لكنّ التدخّلات جرت سريعا لمنع تفاقم الأمور وحدوث أزمة جديدة بين بيروت ودمشق، ما أدّى إلى غضّ النظر حينها. وأوضح المصدر أنّ الجانب اللبناني لن يسمح لهم بالقيام بهذه الخطوة المرفوضة، وأنّه قد يتم تسليم فقط مَن تورّط في السرقات لترحيلهم إلى سوريا.

وعلى خط السجون اللبنانية، التي تؤوي عددا كبيرا من الموقوفين السوريين، والذين وصل عددهم إلى 2,575 موقوفًا، أفيد بأنّ سجن رومية يضمّ العدد الأكبر منهم، فيما يتوزّع الباقون على السجون الرئيسية والمخافر في المدن والقرى اللبنانية، ما يساهم في اكتظاظ السجون ووقوع مشاكل يومية مع السجناء اللبنانيين وغيرهم.

ويُشكّل الموقوفون السوريون ما نسبته 32 في المئة من عدد السجناء في لبنان، بحسب إحصاء لجنة السجون في نقابة المحامين، التي أشارت إلى أنّ إجمالي عدد السجناء يبلغ 8,400 سجين، منهم 6,400 داخل السجون والباقون في النظارات، فيما تبلغ نسبة الموقوفين غير المحكومين 83 في المئة، ونسبة الأجانب 48 في المئة. وتكمن المشكلة الأساسية في الاكتظاظ بسبب بطء العمل القضائي وعدم تطبيق أصول المحاكمات الجزائية.

قانونيا، يطبَّق القانون اللبناني على كل سجين موجود في لبنان مهما كانت جنسيته، ولا يمكن إخلاء سبيله من دون محاكمة نهائية، ما يعني أنّ حلّ هذا الملف يعتمد على الأطر القانونية والاتفاقيات والتعاون الرسمي بين لبنان وسوريا.

الأكثر قراءة

بري الذي أذهل المبعوث الأميركي