لبنان مُطالب اليوم من واشنطن بتنفيذ ثلاثة بنود، لكي "يُسمح" له باللحاق بركب النهوض الاقتصادي، وإعادة إعمار منطقة الشرق الأوسط ككلّ بعد إحلال السلام فيها... وإلّا فإنّ تبعات عدم تطبيق هذه البنود ستكون باهظة لا يضمنها الأميركي نفسه. فعليه إذًا أن يختار... وبعد بندَي "حصرية السلاح"، و "اقتصاد الكاش"، يبرز بند "العلاقات اللبنانية – السورية". فهذا البند يحتاج إلى إعادة تنظيم ، لا سيما مع سقوط نظام بشّار الأسد وتسلّم أحمد الشرع قيادة البلاد خلال المرحلة الإنتقالية في سورية. فالعلاقات اللبنانية- السورية برمّتها، تحتاج اليوم إلى إعادة صياغة على أسس متينة وعلى الاحترام المتبادل بين كلا البلدين.
وما يُبشّر بالخير، على ما تقول مصادر سياسية مواكبة، هو أنّ الشرع أكّد لعدد من المسؤولين اللبنانيين الذين زاروا دمشق أخيرا، على "نهائية لبنان"، ما يعني أنّه يحترم سيادته واستقلاله، وأنّ زمن الوصاية السورية عليه قد ولّى إلى غير رجعة. إلّا أنّ كلامه خلال زيارة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان إلى دمشق، لدى سؤال مفتي حاصبيا ومرجعيون الشيخ حسن إسماعيل دلي عن مزارع شبعا، عن أنّه "عندما تنسحب "إسرائيل" منها، يمكن عندئذ الحديث عمّا إذا كانت لبنانية أم سورية. ولن تكون هناك مشكلة، فإذا كانت سورية نحن مستعدون للتنازل عنها للبنان، والعكس صحيح". فهذا الكلام لا يُطمئن. لماذا؟
لأنّه، بحسب المصادر، على سورية تأكيد لبنانيتها، عن طريق إرسال رسالة خطية إلى الأمم المتحدة، ما يجعل الاحتلال "الإسرائيلي" ينسحب منها، لدى تنفيذ مندرجات القرار 1701. فالنظام السوري السابق اكتفى بالاعتراف بلبنانية المزارع شفهيّا، ولم يُقدّم هذه الورقة لحلّ المسألة. وكان هناك إهمال واضح من قبل الدولة اللبنانية بالمزارع بين عامي 1967 و2000، إذ لم تُطالب الحكم السوري برفع يده عنها. ويتمّ اليوم ربط مزارع شبعا بالقرار 242، الذي يتصّ على أنّ وجود قوّات "الأندوف" في الجولان يشمل هذه المنطقة. في حين أنّ لبنان يرى أنّ مزارع شبعا التي تمتدّ بطول 24 كيلومترا تقريبا، ويتراوح عرضها بين 13 و14 كيلومترا، هي أرض لبنانية ويجب أن تشملها عملية الانسحاب بموجب القرار 425، الذي دعا الى انسحاب "القوات الإسرائيلية" من الأراضي اللبنانية المحتلّة. فلبنان يطالب "إسرائيل" اليوم بالانسحاب من مزارع شبعا، بناءً على القرار المذكور والقرار 1701، بينما هي ترفض ذلك وتعتبر المنطقة جزءا من مرتفعات الجولان.
ولبنان في ردّه الخطّي على "ورقة بارّاك"، دعا بالنسبة إلى بند 'العلاقات اللبنانية - السورية" إلى رعاية عربية لمسارها، على ما تؤكّد المصادر العليمة، بما يضمن عودة النازحين السوريين إلى بلادهم بصورة آمنة وكريمة. كما شدّد على ضرورة ضبط الحدود اللبنانية- السورية التي تمتدّ على مساحة 370 كلم٢2.
ولأن المجلس الأعلى اللبناني- السوري قد انتفى دوره، ولا بدّ من حلّه، تلفت المصادر إلى ضرورة تأليف لجنة خاصّة بين لبنان وسورية لحسم المواضيع العالقة بين البلدين، وأبرزها:
1 - مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والقسم الشمالي من بلدة الغجر. و "إسرائيل" مطالبة اليوم بالإنسحاب منها، ومن المناطق المتنازع عليها، كما من التلال الخمس التي باتت أكثر بكثير مع توسّعها ضمن الأراضي اللبنانية، وصولا إلى المزارع والجولان السوري وجبل الشيخ، تنفيذا للقرار 1701، والقرارات الأممية ذات الصلة.
2 - مسألة ضبط الحدود والمعابر غير الشرعية والتهريب عبرها، ووقف تدخّلات حزب الله في سورية.
3 - ترسيم الحدود اللبنانية- السورية بمساحة 370 كلم2، بما فيها الحدود الشمالية البحرية، لاستئناف التنقيب في البلوكات البحرية هناك.
4 - إيجاد الحلّ المناسب للودائع السورية في لبنان، والتي ذكر الشرع سابقا أنّها تبلغ نحو 70 مليار دولار. في حين أنّ هذا الرقم مبالغ به كثيرا. فالتقديرات، بحسب بعض المصادر المصرفية اللبنانية تشير إلى أنّها تتراوح بين 8 و10 مليارات دولار، أي ما يقارب 10% من حجم الودائع في البنوك اللبنانية، الأمر الذي يحتاج إلى توضيح ونقاش مفصّل لحلّه.
5 - النازحون السوريون في لبنان الذين يتجاوز عددهم مليونين ومئة ألف. ولا بدّ من التوافق بين البلدين على خطة شاملة لتأمين عودتهم. علماّ بأنّ أول خطة مدعومة من الأمم المتحدة، تقدّم حوافز مالية، بعد أن أبدت الحكومة السورية ترحيبها بعودة جميع المواطنين إلى بلدهم، ستبدأ قريبا. وسيحصل السوريون العائدون بموجبها، وفق المعلومات، على 100 دولار لكل منهم في لبنان و400 دولار لكل أسرة عند الوصول إلى سورية.
وكان نحو 11 ألف نازح سوري قد سجلوا أسماءهم للعودة من لبنان في الأسبوع الأول، على أن ترتفع الأعداد، على ما هو متوقّع خلال الأسابيع المقبلة. وتستهدف الحكومة بموجب هذه الخطة أن يتراوح عدد العائدين بين 200 و400 ألف هذا العام. غير أنّ هذه الخطة تحتاج إلى متابعة من قبل البلدين لإعادة النازحين السوريين بالكامل، إذ لم يعد هناك من مبرّر لبقائهم في لبنان.
6 - قضية الموقوفين السوريين في سجن روميه وسواه. فالشرع يرى أنّ على الدولة اللبنانية إطلاق سراحهم وترحيلهم إلى سورية، لأنهم كانوا يحاربون النظام السابق وقد سقط ، وبالتالي لم يعد من مبرّر للاستمرار في توقيفهم. ومن المتوقّع أن يتمّ بحث قضية الإسلاميين خلال زيارة وزير خارجية سورية أسعد الشيباني المرتقبة إلى لبنان، كونها تحتاج إلى حلّ سريع، قد يسبق الاتفاق على تشكيل لجنة ثنائية خاصّة، لمعالجة الملفات العالقة بين لبنان وسورية.
وترى المصادر أنّ عدم الخوض الجدّي من قبل البلدين في عناوين هذه العلاقات، لإيجاد الحلول المناسبة والسريعة لها، قد يعيق تنفيذ ورقة واشنطن التي حملها المبعوث الخاص إلى سورية والمكلّف حالياً بالملف اللبناني توم بارّاك إلى المسؤولين اللبنانيين، وتسلّم الردّ اللبناني الخطّي عليها والذي تألّف من 7 صفحات، على أن يعود قريبا لاستكمال المحادثات بشأنها.
علماً بأنّ الموقف الأميركي يتجه نحو فرض معادلة جديدة تقوم على دعم الدولة اللبنانية، مقابل تطبيق بنود الورقة. الأمر الذي يُحتّم على الدولة اللبنانية اتخاذ قرارات عاجلة، وتفعيل فعلي بين رئيسي الجمهورية جوزاف عون والحكومة نوّاف سلام، وحراك سياسي وديبلوماسي واسع النطاق لترتيب العلاقات اللبنانية- السورية في أسرع وقت ممكن.
يتم قراءة الآن
-
عون في مُواجهة المخاطر: اشهد اني قد بلّغت لبنان بين خطابين... تباين لكن لا صدام داخلي إسرائيل تصعد...واتصالات لمنع انفجار الحكومة
-
هل تغزو الفصائل السوريّة البقاع؟
-
جهد رئاسي للوصول الى صيغة توافقيّة لحصريّة السلاح... وإلّا المجهول؟ حزب الله يزور عون في الرابية الاثنين... ولقاء قريب مع جنبلاط الانتخابات النيابيّة مفصليّة: الحريريّون باشروا التحضيرات... وتحالف «الاشتراكي» و«القوات»
-
الطفلة التي حاورت زياد قبل 29 عاماً: "منحبّك كتير بلا ولا شي"...
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
11:16
القناة 13 الإسرائيلية: رئيس الأركان إيال زامير لا ينوي الاستقالة رغم ضغوط الحكومة واليمين عليه
-
11:02
الدفاع المدني أخمد سلسلة حرائق في بلدات الدبية والبرجين وبكشتين في الشوف وفي بدنايل ومجدليا – الكورة
-
10:47
الجيش اللبناني: ما بين الساعة 10.45 والساعة 16.00، ستقوم وحدة من الجيش بتفجير ذخائر غير منفجرة في حقل الدامور – الشوف".
-
10:39
"التحكم المروري":حركة المرور كثيفة من ذوق مكايل جونيه حتى مفرق غزير
-
10:32
النائب ابراهيم كنعان للـ LBCI: تبلّغت رسمياً من موفد الرئيس الفرنسي أن قانون اصلاح المصارف كما قانون السرية المصرفية قبله والانتظام المالي واسترداد الودائع شرط أساسي لعملية التعامل مع لبنان وتنظيم مؤتمر الدول المانحة للبنان في الخريف المقبل
-
10:26
استطلاع لصحيفة "معاريف" الإسرائيلية: 61% من الإسرائيليين قلقون من السفر إلى دول الإتحاد الأوروبي خشية التعرض لاعتداءات
