الحرب ليست مجرّد صراعٍ بين جيوش أو أطرافٍ متنازعةٍ، بل هي كارثة تصيب حياة الناس بشكلٍ مباشرٍ. فهي تزرع الخوف والدمار في قلوب الناس، وتترك آثارًا عميقةً تمتد الى سنواتٍ طويلةٍ بعد انتهاء الحرب.
ومحليًا، لم تكن المعاناة محصورة، بل انعكست على جوانب الحياة من خسارة البيوت والأرزاق، إلى تدهور الوضع المعيشي والصحي، ونزوح الآلاف من مناطقهم. وتبقى الآثار النفسية العميقة، خاصة على الأطفال والناجين، شاهدة على قسوة الحرب وما تتركه من جراح لا تُشفى بسهولة.
في التصعيد الأخير (2023–2025)، جُرح الاقتصاد اللبناني بنحو 14 مليار دولار كخسائر مباشرة، مع تقديرات تكلفة الإعمار بنحو 11 مليار دولار. وتراجع الإنتاج الزراعي نتيجة القصف والألغام، مع خسارة تُقدّر بنحو 80% إضافية ما بعد السنة الخامسة من الحرب بسبب الألغام غير المنفجرة .
أما السياحة فتقلصت بنسبة كبيرة، مع توقف واستنزاف الانتعاش الاقتصادي.
تدهور خدمات الحياة الأساسية
نشهد في أيامنا اليوم، انقطاعًا مستمرًا للماء والكهرباء والخدمات الصحية. مع انتشار أزمة سكن كبيرة، بحيث يوجد منازل مدمرة ولا يوجد بدائل مناسبة، مما يزيد الضغط على الأُسَر المستقرة. كما توقفت النشاطات الاقتصادية، وتقلصت القدرة الشرائية وسط تدهور حاد بالليرة.
شهد التصعيد الأخير، استهدافًا مكثفًا للمرافق الصحية، وتضررت عشرات المستشفيات، مع تسجيل مقتل كثير من الطواقم الطبية. لذلك، حذّر العديد من الأطباء، من تلوّث الأرض والمياه بالمواد السامة والأسبستوس، مما قد يؤدي إلى أمراض رئة وسرطانات مستقبلية .
دمّرت إسرائيل آلاف الدونمات من أراضي الزيتون الجنوبية (حوالى 12% من مَزارع الزيتون في جنوب وشرق البلاد أي حوالى 36% من الإنتاج الوطني). وأدّى القصف اليومي والمكثّف إلى إحراق وتلف وقطع أعداد كبيرة منها، وتلويث البعض الآخر، جرّاء المواد السّامة الناتجة من هذه الحرب. كما تلوّثت التُربة والأرض ما أدّى إلى صعوبة احتضان هذه الأراضي للأشجار.
وفي المقابل، بدأت أراضي البقاع الشمالي تستعيد الحياة مع تمدّد زراعة الزيتون بوتيرةٍ متسارعةٍ. فقد شكّل تراجع الإنتاج في الجنوب دافعًا للمزارعين في البقاع لاستغلال الأراضي المهملة، وتحويلها إلى بساتين زيتون، في مشهدٍ يعكس قدرة الطبيعة على التجدّد رغم كل الخسائر. فموسم الزيتون الذي كان يشكّل مصدر رزقٍ أساسيًا لأكثر من مئة ألف عائلة جنوبية في أوقات السلم، يسهم في توفير فرص عمل موسمية لآلاف العمال الذين يعملون على قطفه، أو يشتغلون في معاصر الزيتون المنتشرة في المنطقة.
وبالإضافة إلى قيمته الاقتصادية داخليًا، كان موسم الزيتون أسهم في تحسين وضع صادرات البلاد عبر تصدير كميات كبيرة من الزيت والزيتون إلى الخارج لتأمين حاجات اللبنانيين المغتربين المنتشرين في الدول العربية والأميركيتين.
وبحسب ما كان قد أشار إليه ابراهيم الترشيشي، رئيس تجمّع مزارعي وفلّاحي البقاع، "المزارع اللبناني لم يعد باستطاعته الاعتناء بأرضه كما في السابق، فقسم كبير من الأشجار قد احترقت وأتلفت خلال الحرب سيّما في منطقة جنوب لبنان".
وأكّد في حديثه للدّيار، أنّ "شجرة الزيتون هي الشجرة الاولى التي تعرضت للتلف والقطع والتلوث. وهذا ما زاد لدى المزارع البقاعي، الرغبة في الاعتناء بهذه الشجرة المثمرة والجبّارة، سيّما في الهرمل وراس بعلبك وكل هذه المناطق البعلية التي تتمتع بقلّة في المياه".
وقال:" زراعة الزيتون في البقاع تشكل حوالى الـ10% من إجمالي الزراعات في لبنان، وبشكلٍ عامٍ تجددت هذه الزراعات في البقاع كونها تراثا دينيا وقد ذكرت في القرآن الكريم وفي الإنجيل المقدس، وباتت تأخذ طابعًا دينيًا تراثيًا للبلد. كما أنّ زيت الزيتون البقاعي هو "أدسم من غيره" لأنّ أغلب حقول الزيتون الموجودة في البقاع خاصة في البقاع الشمالي، هي زراعات بعلية تعتمد على شتاء المطر من دون أي ري. ومن المتعارف عليه أنّ كل 5 كيلو زيتون تنتج كيلو زيت واحد وشجرة الزيتون تعمّر حوالى آلاف السنين رغم أنها لا تعطي ثمارًا قبل 4 أو 5 سنوات. ونعاود بيع الكميات الكبيرة منها، لأكثر من 22 دولة بأفضل نتيجة ممكنة، وأذوق توضيب ممكن".
الأشخاص ذوي الإعاقة يعيشون الحرب مرّتين
للأشخاص ذوي الإعاقة الحق الكامل في المشاركة السياسية، وعلى رأسها حقّهم/ـن في الاقتراع، تمامًا كما هو الحال لبقية أفراد المجتمع. هذا الحق لا يجب أن يُنظر إليه كامتياز، بل كجزءٍ أصيل من المواطنة. فالديمقراطية لا تكتمل إلا بمشاركة جميع الفئات، من دون استثناء أو تمييز. وتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة من التصويت يعني إزالة الحواجز التي تحول دون وصولهم/ـن إلى مراكز الاقتراع، وتوفير التسهيلات المناسبة لحالاتهم/ـن، سواء كانت جسدية، سمعية، بصرية أم ذهنية.
ركّزتُ على "حقّ الوصول إلى الترشّح والمشاركة في صنع القرار"، وانفهمتُ بأنني أستعطف الناس لأنني على كرسيّ.آمال الشريف، هي إحدى المرشّحات عن لائحة "بيروت مدينتي" وهي من الأشخاص ذوي الإعاقة، تتكلّم عن تجربتها وتقول:" إنّ الوضع المادي الصعب حلّ بشكلٍ مضاعفٍ على الأشخاص ذوي الإعاقة.
وتؤكّد في حديثها أنّ "البلديات هي جزء من هذه الكيانات التي من المفترض أن تطبّق القانون. والشقّ الذي يتعلّق بالبنية التحتية للبلديات، ملزمة بأن تطبّقه. عندما أشدّد أنا شخصيًا على حقّ الوصول إلى الترشّح والمشاركة في صنع القرار، لم أتكلم هنا فقط عن الأفراد ذوي الإعاقة، إنما أيضًا عن كبار السن، والمرضى، والأطفال الجالسين/ـات داخل عربياتهم/ـن، وكل من لم يتمكّن من استخدام الأدراج. ومن هذا المنطلق، تطبيق القانون 220 على 2000 لا يرتبط بالبلديات فقط، بل بالعمل البلدي، لذلك كنت أشدّد على حقّ الوصول، ليس لأنني على كرسي متحرّك لأستعطف الناس. وهذا ما كنت مستغربة منه. وهنا نتكلّم عن نسبة تتخطّى الـ 25% من سكّان البلد".
الشريف تشدّد على أنّ "انفجار المرفأ والحرب الأخيرة التي حصلت ما بين إسرائيل ولبنان، زادا من نسب الإعاقة في لبنان، وعلى هذا الأساس علينا تجهيز مراكز الاقتراع للجميع، لأنه حقٌّ مكتسب".
يتم قراءة الآن
-
إنذار سعودي أخير وخطير للبنان
-
المخاطر تتزاحم: «إسرائيل»... أمن المخيمات... والخطر السوري؟ واشنطن تصرّ على تهميش باريس... ولا تفعيل للجنة وقف النار تفاهم «ثلاثي» على تعيينات قضائية ومالية في الحكومة اليوم
-
لبنان بين الوصاية السوريّة والوصاية "الإسرائيليّة"
-
هل سيستقبل لبنان الشيباني بعد تهديدات الشرع؟ موسم الاصطياف ينعش لبنان رغم شائعات الحرب قانون الانتخابات محور الصراعات الكبرى والجنوب محاصر بالمسيّرات
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
11:58
وكالة "سانا": رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع يتوجه الى أذربيجان في زيارة رسمية
-
11:48
المكتب الإعلامي الحكومي في غزة: حالياً يعيش نحو مليون وربع المليون شخص في القطاع حالة جوع كارثي
-
11:48
المكتب الإعلامي الحكومي في غزة: يعاني 96% من سكان القطاع من مستويات حادة من انعدام الأمن الغذائي بينهم ما يزيد على مليون طفل
-
11:45
مكتب الإعلام الحكومي بغزة: خطر المجاعة يتفاقم والموت يهدد مئات الآلاف بينهم 650 ألف طفل وسط صمت دولي مخز.
-
11:45
مكتب الإعلام الحكومي بغزة: مليون وربع يعيشون جوعا كارثيا ويعاني 96% من السكان مستوى حادا من انعدام الأمن الغذائي.
-
11:41
الجيش الإسرائيلي: هاجمنا 250 هدفا في غزة خلال 48 ساعة
