رغم أن الحديد والزنك يحظيان بالاهتمام الأكبر في الحديث عن صحة الأطفال ونموهم، إلا أن عنصر النحاس لا يقل أهمية عنهما. يُعدّ النحاس من العناصر النادرة الأساسية التي تدخل في العديد من الوظائف الحيوية في جسم الإنسان، بما في ذلك تطور الدماغ، صحة الجهاز العصبي، تقوية المناعة، وتكوين العظام. غير أن فرط أو نقص النحاس قد يُفضي إلى أعراض جسدية وسلوكية خطيرة، لا سيما عند الأطفال، وغالبًا ما تمر دون تشخيص دقيق بسبب ندرة الفحوصات المرتبطة به.
يلعب النحاس دورًا رئيسيًا في تصنيع الإنزيمات التي تساعد على إنتاج الطاقة داخل الخلايا، وتحييد الجذور الحرة الضارة، كما يشارك في تكوين الميلانين (صبغة الجلد والشعر)، وتكوين الكولاجين الضروري لصحة الجلد والعظام. إضافة إلى ذلك، يُعد النحاس عنصرًا مهمًا في تطور الجهاز العصبي ووظائف الدماغ، إذ يدخل في عمليات تصنيع النواقل العصبية التي تنظم المزاج والتركيز والاستجابات العاطفية.
نقص النحاس في الجسم قد ينتج عن سوء التغذية، أو أمراض سوء الامتصاص مثل داء السيلياك أو مرض كرون، أو بسبب الاستخدام الطويل لبعض المكملات الغذائية الغنية بالزنك، إذ أن الزنك الزائد يعوق امتصاص النحاس. تظهر أعراض نقص النحاس عند الأطفال تدريجيًا، وقد تشمل ضعفًا في النمو، فقر دم غير مفسَّر رغم تناول الحديد، هشاشة في العظام، تأخرًا في النمو العقلي أو الحركي، ضعفًا في الجهاز المناعي، إضافة إلى مشكلات عصبية مثل الرنح (عدم التوازن) أو ضعف العضلات.
على الجهة المقابلة، قد يؤدي تراكم النحاس في الجسم إلى التسمم، وهي حالة تُعرف باسم داء ويلسون، وهو اضطراب وراثي يؤدي إلى تخزين النحاس في الكبد والدماغ والعينين. تظهر الأعراض عادة في مرحلة الطفولة المتأخرة أو المراهقة، وقد تشمل اصفرار الجلد والعينين (اليرقان)، مشاكل في الحركة والتوازن، تقلبات مزاجية شديدة، وتراجعًا في الأداء الدراسي. ويُعد التشخيص المبكر في هذه الحالة ضروريًا لتجنّب الأضرار الدائمة في الكبد أو الدماغ.
لا يُعتبر فحص مستوى النحاس ضمن التحاليل الروتينية التي تُجرى للأطفال، مما يجعل حالات النقص أو الفائض تمر دون ملاحظة. كما أن الأعراض غالبًا ما تكون غير نوعية ويمكن الخلط بينها وبين أمراض أخرى، مثل نقص الحديد أو اضطرابات النمو العصبي. لذلك، ينبغي التفكير في احتمال وجود خلل في مستويات النحاس عند وجود أعراض مركبة وغير مفسّرة، خاصة إذا كانت هناك عوامل خطر مثل اضطرابات الامتصاص أو التاريخ العائلي لأمراض التمثيل الغذائي.
لحسن الحظ، يمكن الوقاية من نقص النحاس من خلال نظام غذائي متوازن يحتوي على مصادر غنية به مثل المكسرات (اللوز، الكاجو)، البقوليات، الكبد الحيواني، الشوكولا الداكنة، الفطر، والحبوب الكاملة. ومع ذلك، يجب توخي الحذر في استخدام المكملات الغذائية، خاصة تلك التي تحتوي على الزنك أو النحاس، حيث أن التوازن بين العناصر الدقيقة في الجسم بالغ الحساسية.
إن نقص أو فرط النحاس لدى الأطفال ليس مجرد حالة نادرة، بل قد يكون أحد الأسباب الخفية وراء مشاكل صحية وسلوكية معقّدة. تجاهل هذا العنصر في التحاليل الغذائية والطبية يُشكّل فجوة في الوقاية والرعاية الصحية للأطفال. لذا، من الضروري رفع الوعي بين الأهل والأطباء حول أهمية النحاس، وتشجيع اعتماد نهج غذائي متوازن وفحوصات دقيقة في الحالات المشبوهة، لضمان نمو الأطفال بطريقة صحية متكاملة.
يتم قراءة الآن
-
لبنان الرسمي مُطالب بموقف حازم من تصريحات باراك جعجع: كلامه مسؤوليّة الحكومة والسلطات الرسميّة مُفاوضات غزة تترنح...حماس: وصلنا الى مرحلة صعبة
-
باراك يقدّم العصا على الجزرة وعلامات استفهام حول تهديد وجود لبنان تصريحات المبعوث الأميركي تتناقض مع أجواء زيارته إلى بيروت 3 انواع للموقوفين والسجناء السوريين وتواصل لبناني سوري لمعالجة الملف
-
ليكن عون قائدًا للمسيحيين والمسلمين
-
على برّاك أن يعتذر من الشعب اللبناني
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
17:10
وسائل إعلام مصرية: مصر وقطر تتفقان على أهمية التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في غزة وإدخال المساعدات والإفراج عن الأسرى والمحتجزين
-
17:09
وسائل إعلام مصرية: رئيس المخابرات المصرية يعقد لقاءات مع رئيس الوزراء القطري ووفود المفاوضات من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي
-
16:53
المتحدث باسم الداخلية السورية للتلفزيون العربي: تعزيزات من وزارتي الدفاع والداخلية تتجه إلى السويداء لحماية المدنيين
-
16:47
6 شهداء من جراء قصف إسرائيلي على خيمة للنازحين في بلدة القرارة شمالي مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة
-
16:47
فلسطين المحتلة: قوات الشهيد عمر القاسم: تفجير عبوة ناسفة معدة مسبقاً بجرافة عسكرية إسرائيلية من نوع "D9" شرق حي الشيخ ناصر بمدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة أمس وأصابوها إصابة مباشرة
-
16:46
شهداء وجرحى إثر استهداف مسيرة إسرائيلية خيمة للنازحين في منطقة الأرض الطيبة غرب مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة
