أنين المزارع وصرخة المستهلك... مَن يُنصِفهما؟

اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

ما إن خرج المزارع اللبناني منهوكًا من حرب إسرائيلية قوّضت قواه الإنتاجية، حتى دخل هذا العام في أزمة شحّ "موجِعة" زادت من "طين" ارتفاع الأكلاف الإنتاجيّة "بلّة".

هذا الواقع تسبّب بصرختَين متوازيتَين واحدة أطلقها المستهلك اللبناني من ارتفاع أسعار الخضر والفاكهة في السوق المحلية، وأخرى خرجت من عمق الفلاح المتألم من ارتفاع أكلاف الإنتاج.

رئيس "تجمّع مزارعي وفلاحي البقاع" ابراهيم ترشيشي يشرح لـ"المركزية" الحيثيات والتداعيات، ليقول: لقد سبق ونبّهنا إلى أنه اعتباراا من 1 تموز ستشهد السوق اللبنانية ارتفاعا في أسعار الخضر والفاكهة، لأن الأسباب كانت جليّة والتداعيات متوقَّعة، أما الأسباب فهي: أولاً: شحّ المياه، ثانيا: ارتفاع أكلاف الإنتاج، ثالثا: كساد المنتجات.

في ضوء هذه الأسباب، يتابع ترشيشي، "وقع المزارع اللبناني تحت عبء خسائر لا تُعَدّ ولا تُحصى من دون أن يهتم أحد من المسؤولين بواقعه الكارثي أو يسأله أي مساعدة أو دعم! بل العكس صحيح، أقدموا على رفع ضريبة المازوت على المزارع حتى "زادت الطين بلّة" بدل أن يقدّموا له هذه المادة مجانا. "

من هنا، يعزو ترشيشي ارتفاع أسعار الخضر والفاكهة، إلى "الارتفاع الجنوني في كلفة تأمين مياه الريّ بسبب الشحّ، ما أدّى إلى تقليص مساحة الريّ وتلف كميات كبيرة من المحصول نظرا إلى تعذّر تأمين المياه لكامل مساحة الأراضي الزراعيّة. إذ ارتفعت كلفة مياه الريّ من 7% إلى نحو 30% من مجموع كلفة الإنتاج. بنتيجة ذلك سيتراجع حجم العرض في السوق وبالتالي سترتفع أسعار المنتجات الزراعية بالتأكيد".

ويعتبر أن "من الإنصاف إعطاء الفلاح الحق في زيادة أسعار منتجاته في السوق في حال قرّر ذلك، نظرا إلى ارتفاع كلفة الإنتاج أضعاف الكلفة الطبيعية، بفعل ارتفاع كلفة الريّ إلى مستوى قياسي، وبالتالي لم يبقَ معه أي فائض مادي لتأمين ديمومة زراعته. لذلك مَن استمرّ في الإنتاج هم قلة، وما تبقى من المساحات المزروعة نسبة محدودة... وما ضاعف مَصيبة المزارع دخول منتجاته في ثلاثة أشهر من الكساد!".

أمام هذا الواقع، يختم ترشيشي، "وجد المزارع نفسه أمام خَيارَين: إما بيع منتجاته في السوق بسعر الكلفة من دون أي زيادة أو نقصان، أو رميها علفا للحيوانات... ففضّل الخَيار الأول لسبب إنساني وهو تأمين المنتجات الزراعية للمستهلك تجنّبا لأزمة فقدان أيّ منها...".