اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


يُعتبر ارتفاع سكر الدم من أخطر المشكلات الصحية التي يواجهها الأفراد المصابون بداء السكري أو حتى أولئك الذين يعانون من مرحلة ما قبل السكري دون علمهم. فعندما تبقى مستويات الجلوكوز مرتفعة في الدم لفترات طويلة، تبدأ آثارها السلبية بالظهور على مختلف أجهزة الجسم، ومن أكثر الأعضاء حساسية وتأثرًا بهذا الاضطراب هي العين. فالعين ليست فقط نافذة الإنسان إلى العالم، بل مرآة دقيقة تعكس حالته الصحية الداخلية، وقد تكون أول من يُظهر إشارات تحذيرية مبكرة للإصابة بداء السكري أو تفاقمه.

في حالات ارتفاع سكر الدم، يتعرض الجسم لحالة من الالتهاب المزمن وتلف الأوعية الدموية الدقيقة، لا سيما تلك الموجودة في شبكية العين، وهي الطبقة الحساسة للضوء في الجزء الخلفي من العين. تؤدي المستويات المرتفعة من الجلوكوز إلى إضعاف جدران الأوعية الدموية، ما يسمح بتسرب السوائل والدم داخل الشبكية. هذه الحالة تُعرف طبيًا باسم اعتلال الشبكية السكري، وهي من المضاعفات الشائعة والخطيرة التي قد تؤدي إلى فقدان البصر إذا لم تُشخّص وتُعالج في وقت مبكر.

مع مرور الوقت، قد تزداد الأوعية الدموية التلفًا وتُصبح أكثر هشاشة، مما يُحفّز نمو أوعية دموية غير طبيعية فوق سطح الشبكية، وهي أوعية ضعيفة ومعرضة للتمزق والنزيف. هذا النوع يُعرف باسم الاعتلال الشبكي السكري التكاثري، ويعدّ من المراحل المتقدمة والخطيرة التي قد تؤدي إلى انفصال الشبكية، أو نزيف في الجسم الزجاجي، أو حتى العمى الدائم. كما أن ارتفاع سكر الدم يزيد من خطر الإصابة بالماء الأبيض (الكاتاراكت)، وهو تغيم في عدسة العين، والزَرَق (الغلوكوما)، وهي حالة ناتجة عن ارتفاع ضغط العين قد تؤدي كذلك إلى تلف العصب البصري وفقدان الرؤية.

هذا وأظهرت الأبحاث الطبية الحديثة أظهرت بشكل قاطع أن التحكم بمستوى السكر في الدم يُساهم بشكل كبير في الوقاية من مضاعفات العين. فالمصابون بالسكري الذين يحافظون على مستويات طبيعية أو قريبة من الطبيعية للسكر في الدم، يقل لديهم خطر الإصابة باعتلال الشبكية بنسبة تتجاوز 50%. كما أن التحكم بضغط الدم ومستويات الكوليسترول له دور داعم في حماية العين، لأن هذه العوامل تسهم أيضًا في صحة الأوعية الدموية الدقيقة.

من أهم طرق الوقاية من مضاعفات ارتفاع سكر الدم على العين هو الفحص السنوي للعين، حتى في حال عدم وجود أعراض. فالكثير من التغيرات في الشبكية قد تحدث دون ألم أو فقدان واضح للرؤية في المراحل الأولى. ويتيح الفحص المنتظم الفرصة لاكتشاف أي تغيّر مبكر والتدخل السريع بالعلاج، سواء بالليزر أو بالحقن داخل العين، أو بالجراحة في الحالات المتقدمة. كذلك، يُنصح مرضى السكري بالتواصل الدائم مع طبيب العيون وطبيب الغدد الصماء لضبط الحالة العامة وتعديل العلاج عند الحاجة.

إلى جانب الأدوية والمتابعة الطبية، يُمثل نمط الحياة الصحي خط الدفاع الأول ضد أخطار ارتفاع سكر الدم. اتباع نظام غذائي متوازن منخفض السكريات والكربوهيدرات السريعة الامتصاص، ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، والحفاظ على وزن صحي، كلها عوامل تؤثر بشكل مباشر في استقرار نسبة السكر في الدم، وتنعكس إيجابًا على صحة العين وباقي أعضاء الجسم. 

الأكثر قراءة

مفاوضات بين أميركا وحزب الله؟