هل يُعقل ان يُختصر لبنان بتاريخه وهويته المفعمة بالنضال السياسي والثقافي، ومناهضته للاحتلال ولاي هيمنة، بتوصيف يعود به الى كنف «بلاد الشام»، كأنه مجرد ولاية هامشية؟ لماذا يقارب الموفد الاميركي توم باراك الدول العربية على انها امارات قابلة للتغيير في أي وقت، متى اضحت تمثل عقدة صعبة في وجه المخطط الاميركي المرسوم للمنطقة؟ وهل يمكن أن يُحلّ ملف بالغ التعقيد كسلاح حزب الله بهذه البساطة الابتزازية: إما نزع السلاح او العودة الى زمن التبعية الاقليمية؟
ان التهديدات والضغوطات على لبنان تتكاثر في الاونة الاخيرة. فمن جهة يصعّد الرئيس السوري بتهديد ديبلوماسي واقتصادي، اذا لم يسلم لبنان الموقوفين السوريين الى سورية، رغم انهم متهمون بجرائم قتل لبنانيين، تزامنا مع تصريح باراك «الوقح»، ان» لبنان سيعود الى بلاد الشام اذا لم يجد حلًا لسلاح حزب الله»، ليزيد الطين بلة، وليجعل سبل التفاوض مع واشنطن صعبة، ما دام اتخذت هذا الموقف العلني السلبي تجاه لبنان.
هذا التصريح الفج لباراك، ينبع من منطق الضغط المتعالي والتهديد المقنع، كما يشير الى قراءة خاطئة لطبيعة اللبنانيين، الذين بذلوا الغالي من اجل صون بلدهم والحفاظ على سيادته وحريته. نعم هذا التصريح تجاوز كل حدود اللياقة الديبلوماسية، وعبّر بشكل فاضح عن نزعة استعمارية اميركية مبطنّة، تتجاهل تماما لبنان كوطن نهائي.
طبعا، نحن ندرك جيدا انحياز واشنطن الى «اسرائيل»، ودفاعها المستميت عن كل ما يهدد امنها. ولذلك نعلم مسبقا انها لن تتعامل مع لبنان بعدالة، ولكن لم نتوقع ان تصل السياسة الاميركية الى حد التهديد بالغاء لبنان وهويته.
وفي الوقت ذاته، اذا نظرنا الى الحلول التي وضعتها الولايات المتحدة في الشرق الاوسط، في سياق معالجة التهديدات او الازمات والعقد، نرى انها زادت من الازمات تعقيدا، ورفعت منسوب التوتر والقتل والفوضى في كل بلد عربي تدخلت فيه، على غرار العراق وليبيا. ذلك ان اميركا وكل حلولها في المنطقة، لم تؤد الا الى تفاقم الازمات، حيث ان استراتيجيتها تفتقد رؤية واضحة ومقاربة عملية، ولذلك يبقى الشرق الاوسط يتخبط دوما في صراعات مزمنة لا تنتهي.
من هنا، ما قاله الموفد الاميركي توم باراك هو خطر ومهين للبنان، ولا يأخذ في عين الاعتبار تركيبة لبنان المعقدة، ولا الواقع السياسي الداخلي، ولا الهواجس التي دفعت شرائح لبنانية الى احتضان مقاومة مسلحة في وجه عدو خارجي.
والأخطر من ذلك، ان هذا المنطق يقوّض اي امكان لحوار داخلي لبناني جدي لحلّ معضلة السلاح، ويُعطي الذريعة للتمسك به، باعتبار ان التخلي عنه سيكون استجابة لتهديد خارجي كضم لبنان الى بلاد الشام، لا لتفاهم وطني جامع.
وعليه، عندما يأتي الحل على شكل تهديد، فهذا «حلّ» يكون أقبح من الجرم نفسه. لانك لا تُزيل سلاحا بهذه الطريقة، بل تُعزز اسبابه، ولا تُضعف حزبا بتهديد طائفته وبيئته ومكوّناته، بل تُقوّيه بمنحه حجّة وجود اضافية.
اللبنانيون لا يحتاجون الى وصاية جديدة، بل الى احترام لتاريخهم، ودعم حقيقي لسيادتهم، ومساعدة في بناء مؤسسات قادرة. أما التلويح بإعادة لبنان الى «بلاد الشام»، فهو اهانة مرفوضة لا تزيد الا في تعقيد الازمة، وتعميق الفجوة بين الداخل والخارج.
يتم قراءة الآن
-
جلسة السلاح تحرّك العاصفة... وماكرون يتدخّل لتفادي الانفجار برّاك ينسحب إلى موناكو ورسائله تربك بيروت بإنتظار التشكيلات القضائية: ملفات حساسة وشخصيات نافذة على الطاولة
-
هكذا الإعداد لحرب أهليّة في لبنان
-
الأنظار الى <جلسة الثلاثاء> و<الحزب> مُلتزم بالحوار مع الرئيس عون قادة حزبيون هددوا بتفجير الشارع: الاصبع على الزناد قاسم: لن نقبل أن يكون لبنان ملحقاً بإسرائيل والبلد معرض لخطر وجودي من إســرائيل وداعــش
-
الشرع ونتنياهو يلتقيان في لبنان؟
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
23:31
الممثل الإقليمي لمنظمة الفاو للجزيرة: فتح ممرات قليل جدا مقارنة بما يحتاجه قطاع غزة من مساعدات.
-
23:31
93 نائبا ديمقراطيا في رسالة لروبيو: تقديم مساعدات بشكل آمن وفعال للفلسطينيين التزام أخلاقي وضرورة لأمن إسرائيل.
-
23:01
أكاديمية العلوم الروسية: تسجيل 6 هزات أرضية جديدة قوتها بين 4.8 و6 درجات في شبه جزيرة كامتشاتكا بالمحيط الهادئ.
-
23:01
جيروزاليم بوست عن مصادر: حماس أبلغت الوسطاء أنها لن تدخل في مفاوضات حتى يتحسن الوضع الإنساني في غزة.
-
22:31
أشغال على جسر الهوم سيتي - جونية - المسلك الغربي وحركة المرور كثيفة ودراج من مفرزة سير جونية يعمل على تسهيل السير في المحلة.
-
22:08
الخزانة الأميركية: فرضنا عقوبات على عشرات شركات الشحن والناقلات والأفراد الذين يصدرون النفط من إيران وروسيا.*
