قبل أيام، ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي بفيديو صادم يُظهر جفافًا غير مسبوق في أحد ينابيع نهر العاصي. ومع أن البعض تعامل مع الفيديو كـ "مبالغة"، إلا أن الواقع على الأرض يبدو أكثر خطورة مما ظهر. "عين الزرقاء" – المنبع الأساسي لنهر العاصي – التي لم تتوقف يومًا عن التدفق حتى في أقسى سنوات الجفاف، تقف اليوم على حافة الجفاف الكامل، لتفتح أبواب التساؤلات والقلق حيال مصير المياه والزراعة والبيئة في منطقة البقاع، وربما في لبنان بأكمله.
تراجع... لا جفاف؟
رئيس بلدية الهرمل، علي حسن طه، حاول طمأنة الناس، موضحًا أن ما يحدث ليس جفافًا تامًا بل "تراجع في غزارة المياه"، سببه الأساسي هو انخفاض كمية المتساقطات هذا العام، وهو ما انعكس على معظم الأنهار في لبنان.
وفي تصريح خاص لجريدة "الديار"، قال طه:"هنالك تراجع في مستوى نهر العاصي نتيجة تراجع الأمطار. وهذا الأمر لا يقتصر على العاصي فقط، بل يشمل كافة الأنهار اللبنانية."
وأشار طه إلى دراسة أعدتها المصلحة الوطنية لنهر الليطاني، توصلت إلى أن العام الحالي يُعدّ "استثنائيًا من حيث الجفاف". فقد سجلت كميات الأمطار نسبًا دون المعدلات الطبيعية، ما أدى إلى ضعف كبير في تغذية الطبقات الجوفية التي ترفد الينابيع.
الدراسة قارنَت الوضع الحالي بسنوات جفاف سابقة مثل 1957–1958 و2013–2014، لتُظهر أن الأزمة اليوم ليست طارئة فحسب، بل قد تكون بداية لسلسلة طويلة من التراجع المناخي والمائي.
فالدراسة بيّنت تراجعًا خطرًا في تدفق ينابيع رئيسية تغذي منطقة البقاع، نذكر منها:
-نبع رأس العين (بعلبك): المصدر الحيوي للمدينة وبساتينها، انخفض تصريفه من 7.266 مليون م³ في 1991–1992 إلى 5.517 مليون م³ في 1998–1999، أي بنسبة تراجع بلغت 24%. واليوم، جفّ النبع نهائيًا.
-نبع عين الزرقا (شمال البقاع): وهو الشريان المغذي الرئيسي للعاصي، تراجع متوسط تدفقه السنوي من 76.636 مليون م³ إلى 56.219 مليون م³، بانخفاض يقارب 27%.
أصحاب المطاعم: "العاصي ما زال حيًّا"
لكن الصورة ليست موحدة. فبينما تحذّر الدراسات من أزمة بيئية ومواردية، يُصرّ بعض أبناء المنطقة على أن نهر العاصي ما زال حيًّا.
عباس الهق، صاحب مطعم "النوفرة" على ضفاف النهر، يرى أن ما حصل لا يُعد سابقة، قائلا: "العاصي لديه مئات العيون، وأشهرها العين الزرقاء والدفاش. الجفاف اقتصر فقط على العين الزرقاء، وهذه الظاهرة حصلت كثيرًا، كل أربع أو خمس سنوات يجفّ النبع، لكنه يعود للتدفق مجددًا."
ويؤكد أن نبع "الدفاش" ما زال قويًا وسريع التدفق، وأن العديد من الينابيع لا تزال تضخ المياه في مجرى العاصي.
بدوره، يوضح محمود الساحلي، وهو صاحب مطعم آخر في المنطقة، أن الفيديو المنتشر تم تضخيمه عمدًا، قائلاً: "الفيديو يصوّر نبعًا واحدًا فقط. الهدف منه إيذاء صورة المنطقة. صحيح أن العاصي تراجع بنسبة ربع تقريبًا، لكن هذا حصل سابقًا في أعوام مثل 1997، 2003، 2013، و2025."
ويضيف: "العين الزرقاء تتأثر بتراجع الأمطار والثلوج على مدى سنتين متتاليتين. أما الينابيع الأخرى التي تغذي العاصي، فمصدرها ليس لبنان فقط، بل تركيا وروسيا. ولو كانت من لبنان، لجفّت أيضًا."
موسم سياحي في مهبّ الجفاف
لكن رئيس البلدية لا يُخفي قلقه من التبعات الاقتصادية للجفاف، مشيرًا إلى أن أشهر الصيف عادةً ما تشهد ذروة الموسم السياحي على نهر العاصي، لكن هذا العام هناك تراجع ملحوظ في النشاط، ما يضع المنطقة أمام تحديات اقتصادية واجتماعية في حال استمر هذا الانحدار.
يتم قراءة الآن
-
عون في مُواجهة المخاطر: اشهد اني قد بلّغت لبنان بين خطابين... تباين لكن لا صدام داخلي إسرائيل تصعد...واتصالات لمنع انفجار الحكومة
-
هل تغزو الفصائل السوريّة البقاع؟
-
جهد رئاسي للوصول الى صيغة توافقيّة لحصريّة السلاح... وإلّا المجهول؟ حزب الله يزور عون في الرابية الاثنين... ولقاء قريب مع جنبلاط الانتخابات النيابيّة مفصليّة: الحريريّون باشروا التحضيرات... وتحالف «الاشتراكي» و«القوات»
-
الطفلة التي حاورت زياد قبل 29 عاماً: "منحبّك كتير بلا ولا شي"...
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
10:32
النائب ابراهيم كنعان للـ LBCI: تبلّغت رسمياً من موفد الرئيس الفرنسي أن قانون اصلاح المصارف كما قانون السرية المصرفية قبله والانتظام المالي واسترداد الودائع شرط أساسي لعملية التعامل مع لبنان وتنظيم مؤتمر الدول المانحة للبنان في الخريف المقبل
-
10:26
استطلاع لصحيفة "معاريف" الإسرائيلية: 61% من الإسرائيليين قلقون من السفر إلى دول الإتحاد الأوروبي خشية التعرض لاعتداءات
-
09:56
"يسرائيل هيوم": بعض المواقع الإسرائيلية توقفت إثر الهجوم السيبراني وأخرى نشرت فيها رسائل سياسية
-
09:55
"يسرائيل هيوم": تعرض مواقع رياضية إسرائيلية معروفة لهجوم سيبراني واسع مصدره قطاع غزة
-
09:39
وزارة الصحة في غزة: "شاحنات تحمل أدوية ومستلزمات طبية ستدخل القطاع اليوم
-
09:36
مدير الإغاثة الطبية بغزة للجزيرة: أدوية مرضى السكري لا تدخل والكثير من النساء الحوامل يعانين من سوء التغذية
