على الرغم من الترحيب الذي لاقاه إعلان وقف إطلاق النار في السويداء بعد أسبوع دام كانت حصيلته «940 من الضحايا» و«87 ألف من النازحين»، وفقا لآخر تحديثات «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، إلا أن الاتفاق الذي شهد اختباره الأول، صبيحة الأحد، كان قد شابه أمران، أولاهما تأكيد استشهاد القس خالد مزهر، الذي جرى أمس السبت، مع 12 من أفراد عائلته، لكن الخبر لم يتأكد إلا صباح يوم «الاختبار». والجدير ذكره أن مزهر ينتمي إلى عائلة درزية من السويداء، وقد اعتنق المسيحية منذ سنوات طويلة، بل وأصبح راعي كنيسة «الراعي الصالح الإنجيلية»، وثانيهما ظهور جمال الفريد، وهو قيادي في عشائر حوران، في مقطع مصور، ومن حوله عشرات المسلحين، ليؤكد إن «قواته لا تزال في قلب مدينة السويداء»، بل إن الفريد طالب في ذلك الفيديو بـ«تشكيل غرفة عمليات عسكرية لقيادة العمليات»، في خطوة كان يمكن لها أن تثير الكثير من الشكوك بين حكومة دمشق وبين أهالي المدينة، خصوصا أن نور الدين البابا، المتحدث باسم وزارة الداخلية السورية، كان قد أكد على «خروج جميع قوات العشائر من المدينة» .
صباح الأحد، اليوم الأول لنفاذ وقف اطلاق النار، قالت «وكالة الصحافة الفرنسية» في تقرير لها «سيطر الهدوء على أجواء مدينة السويداء بعد ساعات من إعلان الحكومة السورية وقف إطلاق النار»، وأضافت إن «مجموعات درزية استعادت السيطرة على المدينة»، في حين «أعادت القوات الحكومية انتشارها في محيطها»، كما أكد ناشطون على صفحاتهم «خلو طريق السويداء - دمشق من مقاتلي العشائر»، تزامنا مع «انتشار كثيف لقوات الأمن، الحكومية، في محيط المدينة، من دون وجود ملحوظ لتلك القوات في داخلها».
كان الطرفان، الحكومي والمقاتلون الدروز، مدركين جيدا لحساسية اليوم الأول ومحوريته في تثبيت، وصمود، وقف إطلاق النار، خصوصا في ظل انعدام للثقة بين الطرفين، ولذا فقد مضت الرئاسة الروحية للموحدين الدروز، ممثلة بالشيخ حكمت الهجري، ظهيرة الأحد، نحو إصدار بيان قالت فيه «ندعو بكل وضوح وحزم للوقف الفوري للهجوم الغاشم على محافظة السويداء»، و«وقف حملات التضليل الإعلامي وبث الإشاعات المغرضة التي تهدف الى تأجيج العنف والكراهية». وأضاف البيان «نؤكد مجددا أن لا خلاف لنا مع أحد على أي أساس ديني أو عرقي». ومن الواضح أن البيان كان قد عمد إلى تصدير «شكواه» من حملات «التحريض» و «التشويه» التي تعرض لها، ولا يزال، أبناء الطائفة الدرزية، ولربما كان في الأمر الكثير مما يدعو إليه، وصفحات «المربع الأزرق» السوري التي تنحو بذاك الاتجاه تعد بالآلاف، وفي الغضون أعلن وزير الصحة السوري عن إن «قافلة المساعدات وصلت إلى بلدة القريا (بلدة سلطان باشا الأطرش زعيم الثورة السورية الكبرى)»، وأضاف أن «(الشيخ) حكمت الهجري يعارض دخولنا إلى السويداء، ووصلتنا رسائل تحذيرية»، وقال إنه «تم التواصل مع عدة جهات لإدخال القافلة، إلا إن الهجري متعنت». والجدير ذكره في هذا السياق هو ان الشيخ الهجري كان قد طالب في اليوم الثاني لاندلاع الصراع بـ«فتح ممرات آمنة تصل السويداء بمناطق شرق الفرات السوري»، كما طالب «قوات سورية الديموقراطية - قسد» بالوقوف إلى جانب السويداء المنكوبة، الأمر الذي عبرت هذه الأخيرة عن استعدادها للقيام به، لكن في مقلب آخر كان من المؤكد أنها سعت للـ« الاستثمار فيه»، إيمانا منها بإن «البادئ بالسويداء سوف يثني بالقامشلي»، ولذا فق ذهب الكثير من «أذرعها» نحو محاولة استقراء المتغيرات الحاصلة على الضفاف الأميركية بالدرجة الأولى، إن كان هناك شيء منها، بعيد اندلاع الصراع في السويداء يوم الأحد الماضي، خصوصا إن المبعوث الأميركي توم براك كان قد أطلق تصريحات لا يمكن النظر إليها، من زاوية «الإدارة الذاتية» إلا على إنها تمثل تحولا كبيرا في الموقف الأميركي الذي كثيرا ما دعا إلى قيام نظام «لا مركزي سياسي» في سورية، انطلاقا من كون هذا الأخير هو الذي «يمثل الضمانة الحقيقية للأقليات»، وفقا لما ورد على لسان وزير الخارجية الأميركي جون كيري مطلع العام 2017، وتلاه العديد من التصريحات التي وردت على ألسنة مسؤولين أميركان، وكانت جلها تصب في الاتجاه عينه، ومن المؤكد ان تصريح براك الذي قال فيه إن «بلاده تريد سورية موحدة، ودستورا يضمن وجود برلمان يمثل الجميع»، كان يمثل انقلابا على السياسات الأميركية المعلنة، بهذا الخصوص، على امتداد السنوات العشر المنصرمة.
نشرت شبكة «روداو» الكردية، يوم الثلاثاء الماضي، نص مقابلة مع وليد فارس، المستشار السابق للرئيس دونالد ترامب، ومستشار العديد من مرشحي «الحزب الجمهوري» لانتخابات الرئاسة الأميركية، وفيها قال ردا عن سؤال يتعلق باحتمالية قيام واشنطن بسحب قواتها من سورية، إن «هناك أكثرية أميركية بسيطة، أو واضحة، لا تريد ذلك، إلا إذا ثبت لها إن هناك نظاما تعدديا وآمنا يشمل الجميع». وأضاف «لماذا الفيدرالية مستحيلة في سورية ؟ لقد دعمت واشنطن ذلك في كوسوفو، ودعمته في البوسنة، وتيمور الشرقية، وجنوب السودان»، ليخلص إلى نتيجة مفادها إن «هناك اجتهاد قانوني وسياسي أميركي يقبل مطالب تقرير المصير»، ولربما كانت أجوبة فارس، القريب من دوائر صنع القرار في «الكونغرس» الأميركي، والتي نشرت بعد 48 ساعة على اندلاع الصراع في السويداء، وبعد أيام على تصريحات توم باراك آنفة الذكر، مثيرة للاستغراب من نواح عديدة، من نوع توقيتها و تناقضها مع هذه الأخيرة، بل وترمي بشكوك حول إذا ما كانت الولايات المتحدة تمارس «التقية» السياسية، التي تبيح لها «أن تضمر شيئا وتعلن عكسه».
يتم قراءة الآن
-
بعد تألقه عبر مواقع التواصل الإجتماعي..هذه هي نصائح عيسى شما للشباب!
-
إذا لم تضمن أميركا... من يمنع الحرب المقبلة؟ واشنطن تنسحب مالياً من اليونيفيل وفرنسا تتحرك للإنقاذ منصب مدعي عام جبل لبنان يعرقل التشكيلات القضائية؟
-
كيف يمنع بري إزالة الشيعة؟
-
هذا ما قصده الموفد الأميركي من زيارته الى لبنان بري طالبه بضمانات... وبراك تنصّل: المطلوب سلاح حزب الله
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
23:21
أ.ف.ب: واشنطن توافق على بيع أوكرانيا صواريخ للدفاعات الجوية ومركبات بقيمة 322 مليون دولار.
-
23:19
مندوبة قطر في الأمم المتحدة: تهجير الفلسطينيين بأي شكل من الأشكال انتهاك سافر للقانون الإنساني الدولي.
-
22:52
الخارجية البرازيلية: لا يمكن للمجتمع الدولي أن يظل مكتوف الأيدي في مواجهة الفظائع المستمرة في غزة، ونحن بالمراحل الأخيرة من تقديم طلب الانضمام لقضية الإبادة في غزة بمحكمة العدل الدولية.
-
22:21
رئيس الوفد الأوكراني في محادثات اسطنبول: كييف مستعدة لوقف إطلاق النار الآن وعلى روسيا أن تظهر نهجا بناء.
-
22:21
رئيس الوفد الروسي المفاوض في اسطنبول: روسيا وأوكرانيا أنهتا تبادل جثث الجنود القتلى.
-
22:20
محافظ السويداء للجزيرة: الهدوء يسود حاليا في المحافظة وقوى الأمن الداخلي تحافظ على حواجز فض النزاع، واليوم بدأنا بإدخال القافلة الثانية من المساعدات إلى المحافظة.
