اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


يعتبر القولون العصبي (IBS) من الاضطرابات الهضمية المزمنة التي تؤثر على الأمعاء الغليظة، وتتميّز بمجموعة من الأعراض مثل الانتفاخ، التقلّصات، الغازات، الإسهال أو الإمساك. ورغم أن هذه الحالة لا تُعتبر خطرة من الناحية الطبية، إلا أنّها تُسبب انزعاجا كبيرا وتؤثر في جودة الحياة اليومية، خصوصا عندما تتزامن مع فترة الحمل. إذ تشهد هذه المرحلة الحسّاسة في حياة المرأة تغيّرات جسدية وهرمونية كبيرة، ما يجعل التفاعل بين الحمل والقولون العصبي أكثر تعقيدًا.

خلال فترة الحمل، تطرأ تغيّرات هرمونية وجسدية كبيرة في جسم المرأة، خصوصا ارتفاع مستويات هرموني البروجستيرون والإستروجين، مما يؤدي إلى تباطؤ حركة الجهاز الهضمي. هذا التباطؤ يمكن أن يُفاقم أعراض القولون العصبي، خاصة الإمساك والانتفاخ. كما أن ازدياد حجم الرحم وضغطه على الأمعاء يساهم في الشعور بعدم الراحة واضطراب في حركية القولون.

إضافة إلى ذلك، تعاني الحامل من تغيرات نفسية مثل التوتر والقلق، وهما عاملان معروفان في تحفيز أعراض القولون العصبي، ما قد يؤدي إلى نوبات أكثر تكرارا أو حدة خلال الحمل.

رغم الانزعاج الذي تسببه أعراض القولون العصبي للأم، إلا أنّ الدراسات تشير إلى أن هذه الحالة لا تؤثر بشكل مباشر في صحة الجنينن، أو على نموه داخل الرحم. ولكن، يمكن أن تؤثر بشكل غير مباشر من خلال تقليل الشهية، وسوء امتصاص بعض العناصر الغذائية، أو الإسهال المزمن الذي قد يؤدي إلى جفاف عند الأم. لذا من المهم أن تتابع المرأة الحامل حالتها الصحية بشكل منتظم وتتأكد من حصولها على تغذية كافية ومتوازنة.

تعتمد إدارة القولون العصبي أثناء الحمل على التوازن بين العناية بالتغذية السليمة، وتجنب المحفزات، والتحكم بالتوتر. يُنصح بتناول وجبات صغيرة ومتكررة، وتجنّب الأطعمة التي تُثير الأعراض مثل الأطعمة الدسمة، الحارة، الغنية بالكافيين، أو التي تحتوي على اللاكتوز. كما يُفضّل إدخال الألياف تدريجيًا في النظام الغذائي، وشرب كميات كافية من الماء.

من جهة أخرى، يُعتبر النشاط البدني المعتدل مثل المشي وسيلة فعالة لتحفيز حركة الأمعاء والتقليل من التقلّصات. كذلك، يُمكن أن تساعد تقنيات الاسترخاء مثل التأمل أو تمارين التنفس العميق في التخفيف من التوتر النفسي المرتبط بالقولون العصبي.

أما فيما يخص العلاج الدوائي، فيجب أن يتم تحت إشراف الطبيب المختص، حيث أن بعض أدوية القولون قد لا تكون آمنة خلال الحمل.

رغم أن أعراض القولون العصبي يمكن التعايش معها في معظم الحالات، إلا أنّه من الضروري مراجعة الطبيب في حال ظهور أعراض غير مألوفة، مثل فقدان شديد في الوزن، وجود دم في البراز، أو آلام شديدة متكررة تمنع الأم من النوم أو القيام بأنشطتها اليومية. فهذه الأعراض قد تشير إلى حالات أخرى أكثر خطورة تتطلب تقييمًا دقيقًا.

إلى ذلك، إنّ القولون العصبي خلال الحمل قد يزيد من متاعب الأم الجسدية والنفسية، إلا أنه لا يشكل خطرا مباشراً على الجنين. تكمن أهمية التعامل مع هذه الحالة في تحسين جودة حياة الحامل من خلال اتباع نمط حياة صحّي، والحرص على التغذية الجيدة، واللجوء إلى الاستشارة الطبية عند الحاجة. بفهم العلاقة بين الحمل ومتلازمة القولون العصبي، يمكن للمرأة الحامل أن تخفف من حدة الأعراض وتخوض تجربة حمل أكثر راحة واطمئنانا.

الأكثر قراءة

حتى لو سقطت عروش العرب