اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


أثار قرار مجلس شورى الدولة بوقف تتفيذ فرض ضريبة على المحروقات بلبلة كبيرة ليس فقط لجهة أسعار السلع الاستهلاكية والغذائية التي لم تنخفض في حين أنها ارتفعت عند فرضها، بل أيضاً لجهة تخوف المواطنين من عدم توافر مادتي البنزين  والمازوت، إذ أشارت المعلومات أن الشركات المستوردة للنفط توقفت عن تسليم مادتيِ البنزين والمازوت ”. 

واعلن نقيب اصحاب محطات المحروقات جورج براكس أن محطات المحروقات تعرضت لخسائر تقدر بين مليون ومليون نصف دولار بسبب وجود كميات من المحروقات في خزاناتها على سعر ضريبة المحروقات وبالتالي كان من المفترض بوزير الطاقة أن يمهل المحطات ليومين إضافيين كي تبيع مخزونها القديم وتبدأ البيع على السعر الجديد.

مع الإشارة إلى أن هذه الضريبة فُرضت لتمويل المساعدات التي أعطيت للعسكريين في الخدمة و المتقاعدين حيث وقع وزير المالية ياسين جابر على دفع هذه المساعدات من خزينة الدولة. 

في هذا الإطار يقول الخبير الاقتصادي وعضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الدكتور أنيس بو دياب في حديث للديار: عندما قامت الحكومة بوضع الضريبة على المحروقات، تحرك الاتحاد العمالي العام بشكل فوري مطالبا بزيادة الرواتب بسبب ارتفاع أسعار السلع في الأسواق. اليوم، وبالرغم من قيام الحكومة بإلغاء هذه الضريبة،  فإن الأسعار لم تنخفض، مشدداَ على أنه يجب على حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد والاتحاد العمالي العام، أن يطالبا الهيئات الاقتصادية ونقابة اصحاب السوبرماركت، في إعادة خفض كافة الأسعار بعد أن تم إلغاء الضريبة.

وحول احتمال إلغاء المساعدة التي أقرت للعسكريين قال بو دياب: وزير المال أكد في تصريح، عدم إلغاء المنح المعطاة للعسكريين، والتي تبلغ قيمتها السنوية حوالى 250 مليون دولار، في حين كان متوقعا بأن تبلغ الايرادات على ضريبة النفط حوالى 400 مليون دولار.

وعن مصادر الدولة لتأمين الايرادات من أجل دفع المستحقات و الزيادات المرتقبة لموظفي القطاع العام ولاسيما أن رئيس الجمهورية وعد الاتحاد العمالي العام دراسة رفع أجور الموظفين، أسوة بالعسكريين وأفراد القوى الأمنية، قال بو دياب : نحن شهدنا حتى نيسان الفائت، زيادة مقدارها 3 أضعاف في الإيرادات الجمركية بعد ضبطها الى حد ما، ومن المتوقع خلال الأسبوعين المقبلين كأبعد تقدير، أن يتم تركيب كاشفين (سكانر)، أحدهما في مرفأ بيروت، والثاني في مرفأ طرابلس متوقعاً أن هذا الأمر من شأنه أن يسرع الأداء ويحسن الإيرادات الجمركية.

ووفقاً لبو دياب من المفترض تحسين الإيرادات، وليس فرض ضرائب جديدة، كما هو حال الضريبة التي فرضت مؤخرا على المشتقات النفطية، و حسناً فعل مجلس الشورى الذي أقر بعدم قانونية تلك الضريبة، وكذلك من الجيد استجابة الحكومة لقرار المجلس وأوقفت العمل بالضريبة.

وأشار بو دياب إلى أن هناك تهربا جمركيا وضريبيا كبيرا، وعلى الدولة، التي تمتلك الإمكانات، أن تحسن ضبط إيراداتها وتحسين الجباية، حتى تستطيع ان تؤمن الزيادة في رواتب جميع القطاعات العاملة في القطاع العام، الى جانب الزيادة التي أقرت للعسكريين، مؤكداً على ان تحسين إيرادات الدولة كفيل بزبادة الإنفاق على الرواتب دون أي زيادة في الضرائب.

ويُذكِر بو دياب الحكومة بأن المساعدات الاجتماعية لموظفي القطاع العام لا تكفي، بل يجب وضع سلسلة جديدة للرتب والرواتب بعد هيكلة القطاع العام، الذي يشكل بدوره نقطة الارتكاز لأي نمو اقتصادي مستقبلي على المدى القصير والمتوسط والطويل، موضحاً ان عملية وضع سلسلة رتب ورواتب جديدة وسريعة، تتطلب وضع دراسة مالية دقيقة تسبق موازنة العام 2026، "وهذا ما وعد به الرئيس عون خلال لقائه الاخير مع وفد الاتحاد العمالي العام وموظفي القطاع العام"، مشيراً إلى أنه في حساب الدولة رقم 36، هناك 2.7 مليار دولار. وبالتالي، "باستطاعتها تحسين الرواتب والأجور بالتوازن مع اعادة هيكلة القطاع العام".

و إذ رأى بو دياب أنه لا يمكن للقطاع العام ان يبقى مزرابا للهدر فلا بد من تحديد ملاكات الدولة ووقف كل العقود غير السليمة التي لا نعرف طبيعتها و لذلك يجب الانكباب فورا على هذه الهيكلة، اعتبر أنه لا يمكن للقطاع الخاص ان يقوم باستثمارات سليمة اذا لم يكن هناك قطاع عام متين، يقدم الخدمات العامة بشكل جيد وبإنتاجية مرتفعة، بحيث يؤدي الى تنافسية في القطاعات، وبالتالي تحسين القدرة الشرائية وتخفيض التضخم الحاصل، وخصوصا ان لدينا ارتفاعا شديدا في الخدمات العامة المقدمة من دون أي انتاجية، مؤكداً أن تحسين انتاجية القطاع العام يؤدي الى تحسين القدرة الشرائية للمواطنين بسبب تراجع الأسعار.

ويختم بو دياب بالقول :عندما تتحسن رواتب القطاع العام، سيؤدي ذلك حكما الى تحسن القدرة الشرائية لموظفيه، وبالتالي زيادة الاستهلاك وتحسين الدورة الاقتصادية، خصوصا وان ناتجنا المحلي مبني بأكثر من 70% على الاستهلاك.