منذ بدأت أعي قضايا الوطن والمقاومة، ومنذ أول لحظة انشدّت فيها روحي إلى معنى الحرية، كان اسم جورج عبدالله حاضراً، يرافقني كظلّ ثقيلٍ من المجد، من الألم، ومن الإصرار.
وقبل أن أدخل عالم الصحافة، وحتى حين كنت لا أزال طالبة تبحث عن ملامح وطنها بين السطور، كنت أسمع باسمه، كأنّه حكاية من زمن آخر، وكأنّه رجل من فولاذ يسكن زنزانة ويتنفّس كرامة. كنت أبحث عن صوره، عن صوته، عن ملامحه، أحاول أن أتخايل شكله، صلباً كما الصخر، هادئاً كما الليل المقاوم. ولم أكن أجد سوى صوره القديمة، وبيانات داعمة له من مجموعات سياسية أو نشطاء، وكنت أزداد إعجاباً كلّما قرأت عن صموده، عن رفضه المساومة على مبادئه رغم السنين الثقيلة التي حاصرته خلف قضبان فرنسية ظالمة.
لكن اليوم... اليوم تغيّر كلّ شيء.
رأيت جورج عبدالله أخيراً، لا في صورة باهتة ولا في سطر مكتوب، بل حيًّا يتحرّر على شاشات التلفاز، يخرج من السجن بعد أكثر من أربعين عاماً، يغطيه الشعر الأبيض الذي حمل معه أربعة عقود من الصبر، والكرامة، والتحدي. وبكيت.
بكيت كما لم أبكِ من قبل. بكيت لأنّ هذا الجبل الذي بقي واقفاً في وجه النظام العالمي لم ينكسر. بكيت لأنّ فرنسا، التي أسرته، لم تستطع أن تنتزع منه قناعته بأنّ المقاومة حق. بكيت لأنّ هذا الرجل الذي عاش خلف القضبان أطول ممّا عاش في الحرية، عاد إلى أرضه شامخاً، وكأنّ الوطن كان بانتظاره ليكتب معه فصلاً جديداً من التاريخ.
تحرير جورج عبدالله ليس مجرّد خبر عابر في النشرات، بل لحظة مفصلية في ذاكرة كلّ مؤمن بالكرامة، بكلّ صحافي كتب يومًا عن قضايا الأسرى والمقاومة. هو لحظة يلتقي فيها الحلم بالحقيقة، وتصبح الحرية أكبر من شعار، وأعمق من أمنية.
اليوم، وبعد أربعين عاماً، يعود جورج عبدالله إلى وطنه، ليس كهزيم يُعاد، بل كأيقونة تُستعاد. وكم هو مؤلم أن يتحرّر جسده بعد أن استُنزفت أجمل سنوات عمره، لكن كم هو جميل أن يظلّ إيمانه، وثباته، وهدوؤه الثوري حيًّا، كما عهدناه.
أما أنا، كصحافية لبنانية، وكإنسانة حملت قضيته في وجدانها، فلا يسعني سوى أن أقول له:
مرحباً بك في وطنك، يا مَن لم تغادره يوماً إلا بجسدك.
يتم قراءة الآن
-
صفا في بعبدا ورحال في عين التينة... طبخة بين «الاستاذ» و«العماد»؟ لقاءات براك ــ أورتاغوس الاسرائيلية «سلبية» والجواب الرسمي السبت السلاح الفلسطيني الى الواجهة: ضغط أم تهدئة أم توريط للدولة؟
-
سلام نتنياهو: لبنان مستوطنة "إسرائيليّة"
-
موفدان للرئيس الفلسطيني في لبنان لتنفيذ قراره بتسليم السلاح نجله ياسر يبحث عن العقارات... والفصائل المعارضة خارج القرار
-
مضمون ورقة الجيش يطمئن الثنائي ويرسم مسار المرحلة المقبلة خطاب مفصلي لبري في 31 آب... جعجع: للالتزام بقرارات الحكومة رفض اميركي للافراج عن ارهابيين يطالب بهم الشرع
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
23:37
الدوري الألماني لكرة القدم: فوز كاسح لبايرن ميونيخ على لايبزيغ (6-0) في افتتاح الموسم الجديد.
-
23:02
وزير خارجية بريطانيا: تحدثت والشركاء الأوروبيين مع وزير خارجية إيران لتجديد تأكيد مخاوفنا بشأن البرنامج، وعرضنا على إيران حلا دبلوماسيا يتضمن تمديد تخفيف العقوبات لكن الوقت ضيق.
-
23:02
بلومبرغ: وزير خارجية هولندا المستقيل يقول إنه لم يحقق توافقا بشأن إجراءات ذات معنى ردا على ممارسات "إسرائيل".
-
23:01
الرئيس الأميركي دونالد ترامب: لدى حماس الآن 20 رهينة لكن العدد في الواقع قد لا يكون كذلك لأن اثنين منهم ربما لم يعودا موجودين.
-
22:34
هيئة البث "الإسرائيلية": الجيش بدأ تنفيذ خطة احتلال غزة ووسع من نطاق عملياته في جباليا والزيتون.
-
22:34
الخارجية الإماراتية: الممارسات "الإسرائيلية" تمثل انتهاكات جسيمة للقانون الدولي ولقرارات الشرعية الدولية.
