اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


من ألمع القضاة في النيابات العامة، وفي المحاماة، يبرز إسم المحامي والقاضي الدكتور منيف حمدان - رحمه الله - والذي كانت لديه موهبة في فن المرافعة. يساعده على ذلك علم وفير، وجرأة مع حكمة، وشفافية مع صدق.

نعم. كان يتحلى بالجرأة فيقول ما له وما عليه. ألم يترافع مرة في محكمة الجنايات يوم كان محامياً عاماً ضد نفسه؟ ألم يترافع منيف حمدان ضد منيف حمدان؟ لماذا؟ لانه علم بوجود مستند في الملف كان في احدى طياته، وبعد ان طلب انزال عقوبة الاعدام بالمتهم، عاد ووقف وترافغ بعد ظهور المستند وطلب اعلان براءته.

في كتابه على يمين القوس، تبرز شخصية منيف حمدان الفذة، من خلال مرافعاته امام محكمة جنايات القتل في لبنان، ومواقفه من مختلف القضايا المطروحة. فيتكلم عن واقع المحاكم والقضاة والنيابات والعامة والمحامين، وعن بيروت ام الشرائع ويتكلم عن استبدال قانون اصول المحاكمات الجزائية بقانون الشرفاء.

في كتابه يعرف الانتحار والصداقة والحب والاعدام، والدفاع المشروع ومرض البارانويا، ويبرز فلسفة المتهمين خلال استجوابهم، وينتقد بعض آراء الاطباء النفسيين ويتساءل عما اذا كانوا اقوى من النيابة العامة.

..."ايها الزملاء، آن الاوان لأعلن امامكم، أن النيابة العامة القديمة مات، وماتت معها خصومتها الدائمة للمتهم، وصارت نصيرا عنيدا لكل حق، أكان هذا الحق هنا الى جانب المدعي أم كان هناك الى جانب المكبل بالاصفاد . وما وقوفي هنا على يمين المحكمة ويسار الادعاء، الا غلطة نجار خبير اطلعوه على ملف الاقوال في التاريخ"....

 ويتكلم عن بيروت فيقول: ..."بيروت، تلك العاصمة المغرورة، والتي يحق لها ان تكون مغرورة بما وزعت من مناقب، وما نشرت من كتب، وما استقطبت من ادباء ومفكرين وشعراء، وبما تختزن من قيم الجدود، وبكمية النور التي تسكبها في سماء الكون من غير ملل، وتترجمها حرية بلغت حدود الفوضويات، وعشقا لكل جديد كاد ان يعقد باريس. وصحافة رفعت الى مرتبة السلطة الدستورية. وصروحا علمية جاوزنا فيها الاثم البابلي، وعلما نازل علم الغرب في مستواه، وحماسة لقضايا الكون العادلة شدت بنا الى قنات النسور وكرستنا الامة الوحيدة التي يحق لها ان تكون في هذا الشرق أمة".

 وها هو يتكلم عن قضية معقدة حاول فك رموزها فتعب كانسان ولم يتعب كقاض فيقول: "أن كثرة الاسئلة في هذه القضية اتعبتني كانسان، لكنها لم تتعبني حتى الان كقاض عشق القيم من دون حدود، واحترق في اتونها حتى استقوى على كل احتراق، فادرك انه لا ابهى من العدالة، ولا اصدق من الحقيقة، ولا ابقى من راحة الضمير، ولا اصعب من بلوغ هذه، وكشف تلك وتأمين التي سبقت".

*نقيب المحامين السابق في بيروت

الأكثر قراءة

جلسة السلاح تحرّك العاصفة... وماكرون يتدخّل لتفادي الانفجار برّاك ينسحب إلى موناكو ورسائله تربك بيروت بإنتظار التشكيلات القضائية: ملفات حساسة وشخصيات نافذة على الطاولة