اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

في عالمٍ تزداد فيه درجات الحرارة ويطول فيه التعرض لأشعة الشمس، بات من الضروري الحديث عن أحد التحديات الجلدية التي يعاني منها الكثيرون، وهي "حساسية الشمس". قد يظن البعض أن الأمر لا يتعدى مجرد احمرار بسيط أو اسمرار طبيعي للبشرة، إلا أن الحقيقة أعمق من ذلك بكثير، فهناك أجسام تتفاعل بشكل غير طبيعي مع أشعة الشمس، مما يؤدي إلى ظهور أعراض مزعجة ومقلقة، تستدعي فهمًا دقيقًا ووعيًا مبكرًا.

تُعرف حساسية الشمس بأنها استجابة مناعية غير معتادة تصدر عن الجسم عند تعرض الجلد لأشعة الشمس، وتحديدًا الأشعة فوق البنفسجية (UV). تختلف حدة الأعراض من شخص لآخر، إلا أنها غالبًا ما تشمل احمرارًا في الجلد، حكة شديدة، طفحًا جلديًا، وأحيانًا بثور صغيرة أو تورمات. وغالبًا ما تظهر هذه العلامات بعد ساعات قليلة من التعرض لأشعة الشمس، وقد تستمر لعدة أيام، مسببة انزعاجًا شديدًا قد يؤثر في جودة الحياة اليومية.

لكن من هم الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بحساسية الشمس؟ الإجابة تتفاوت بحسب العوامل الوراثية والمناعية ونمط الحياة. فعلى سبيل المثال، تُعد النساء أكثر عرضة من الرجال، خاصةً في الفئة العمرية الشابة. كما يُلاحظ أن ذوي البشرة الفاتحة يكونون أكثر حساسية تجاه أشعة الشمس مقارنةً بأصحاب البشرة الداكنة، نظرًا لانخفاض نسبة الميلانين لديهم، وهو الصباغ الذي يوفر بعض الحماية الطبيعية ضد الأشعة فوق البنفسجية.

ولا يقتصر الأمر على الخصائص الجسدية فقط، بل تؤدي العوامل الوراثية دورًا مهمًا، إذ إن بعض أنواع الحساسية الشمسية مثل "الطفح الضيائي عديد الأشكال" (PMLE) تكون أكثر شيوعًا لدى من لديهم تاريخ عائلي مشابه. أضف إلى ذلك أن تناول بعض الأدوية أو استخدام مستحضرات تجميل معينة قد يُحفّز ردّات فعل تحسسية عند التعرض للشمس، وهو ما يُعرف بالحساسية الضوئية الدوائية.

ويجدر بالذكر أن الحساسية الشمسية ليست دائمًا حالة مزمنة، إذ قد تظهر فجأة لدى شخص لم يعانِ منها سابقًا، خاصةً بعد السفر إلى منطقة مشمسة أو التعرض لأشعة قوية بشكل مفاجئ. ومع ذلك، فإن تكرار الإصابة بها دون اتخاذ إجراءات وقائية قد يؤدي إلى تفاقم الحالة، ما يجعل التشخيص المبكر واستشارة طبيب الجلدية أمرًا ضروريًا.

للوقاية من هذه الحالة، يُنصح بالابتعاد عن التعرض المباشر لأشعة الشمس خلال ساعات الذروة، وارتداء ملابس تغطي أكبر قدر ممكن من الجلد، بالإضافة إلى استخدام واقي شمس مناسب بمعامل حماية عالٍ. كما يجب توخي الحذر عند استخدام أدوية جديدة أو مستحضرات موضعية قد تزيد من حساسية الجلد.

في المحصلة، تبقى حساسية الشمس حالة شائعة لكنها قابلة للإدارة والوقاية إذا ما تم التعرف على أعراضها مبكرًا وفهم العوامل التي تؤدي إليها. وبينما لا يمكننا تجنب الشمس تمامًا، فإن التسلّح بالوعي والاحتياطات اللازمة يمكن أن يحمينا من مضاعفاتها ويمنح بشرتنا صحة أفضل في جميع الفصول.

الأكثر قراءة

هل تغزو الفصائل السوريّة البقاع؟