في خطوة منتظرة من العهد الجديد نحو تثبيت حقوق لبنان السيادية في البحر، بعد تعليق دام لسنوات، تلت زيارة رئيس الجمهورية جوزاف عون إلى قبرص في تموز الفائت، والتي جرى خلالها وضع ملفات عديدة على طاولة البحث بين البلدين، وعلى رأسها ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وقبرص، وتطوير التعاون على صعيد الطاقة، انطلق مسار التحضير لهذه المفاوضات من الجانب اللبناني. على أن يتمّ لاحقاً الاجتماع باللجنة القبرصية المكلّفة بتمثيل بلادها فيها، لاستئناف التفاوض حول ما يجب التوافق عليه وإقراره وتنفيذه من أجل مصلحة كل من البلدين.
وبقي ترسيم الحدود بين لبنان وقبرص معلّقاً منذ العام 2007، إذ وقّع البلدان حينذاك مذكرة تفاهم، إلّا أنّ البرلمان اللبناني لم يوافق عليها بسبب ضغوط خارجية، ما أوقف تنفيذها حتى يومنا هذا. وحتى العام 2011، بقي الموضوع معلّقاً الى أن أودع لبنان لدى الأمم المتحدة المرسوم رقم 6433، الذي حدّد بشكل آحادي نطاق منطقته الاقتصادية الخالصة بين النقطة 23 جنوباً والنقطة 7 شمالاً المحدّدة في المرسوم 6433، وقد وافقت عليها قبرص. علماً بأنّ هناك نزاعا لبنانيا- سوريا على هذه النقطة لم يُحلّ بعد، وتشمل بين 750 إلى 1000 كلم2، ولكن ليس شرطاً أن يحصل مسبقاً لإنجاز اتفاقية الترسيم البحري مع قبرص، غير أنّه يبقى ضرورياً لاستكمال الترسيم الشامل للحدود، ولحصول لبنان على حقوقه البحرية.
وتصرّ إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على ترسيم حدود لبنان مع جيرانه، وتضغط لإقرار مذكرة التفاهم التي حصلت في عهد رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، كونها تصبّ في مصلحة "إسرائيل"، وتُخسّر لبنان مساحة تبلغ بين 1600 و2650 كلم2 في المنطقة الإقتصادية الخالصة. وتضغط واشنطن عبر سفيرتها في لبنان ليزا جونسون، من أجل توقيع إتفاقية بحرية مع قبرص، قبل الذهاب الى المفاوضات لترسيم الحدود البريّة بين لبنان و "إسرائيل". ولا أحد يدري حتى الآن، إذا كان سيحصل ما تريده.
معطيات عديدة تغيّرت خلال السنوات الماضية، على ما تقول مصادر سياسية مطّلعة، لعلّ أبرزها توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين لبنان و "إسرائيل" في 27 تشرين الأول 2022، والتي حدّدت الخط الفاصل بين الجانبين بالخط 23. وكانت مذكرة التفاهم السابقة قد حدّدت النقطة الثلاثية بين لبنان وقبرص مع "إسرائيل" عند النقطة البحرية رقم 1 ، التي تقع قبالة ساحل الناقورة في جنوب لبنان.
والسؤال المطروح اليوم: هل ستقوم اللجنة اللبنانية التي يرأسها وزير الأشغال العامّة والنقل فايز رسامني، وتضمّ أعضاء ممثلين عن الوزارات والمؤسسات المعنية، والتي عقدت اجتماعها الأول مع الرئيس عون في القصر الجمهوري الخميس المنصرم، بالانطلاق من مذكرة التفاهم السابقة، أم أنّها ستضع مسودة إتفاقية جديدة لمناقشتها مع قبرص، ومن ثم تحويلها إلى مذكرة تفاهم جديدة؟! كما أنّ السؤال الأهمّ هو ما الذي سيجنيه لبنان من توقيع الإتفاقية مع قبرص؟ هل ستُسهُل له السير في استثمار بلوكاته البحرية الحدودية التي جرى عرقلة التنقيب فيها حتى الساعة؟ أم أنّها ستمنح "إسرائيل" حرية العمل في المنطقة البحرية، بعد أن أعاق توقيف مذكرة التفاهم عملها فيها؟!
وخلال اجتماع اللجنة، جرى عرض شامل للأسس والمعايير القانونية والفنية التي ستُعتمد خلال المفاوضات، وفق المعلومات، تمهيداً للتوصّل إلى اتفاق نهائي يُنظّم الحدود البحرية بين لبنان وقبرص، بما يراعي المصلحة الوطنية اللبنانية ويحترم القوانين الدولية ذات الصلة، ولا سيما قانون البحار.
ورغم أنّ واشنطن و"تلّ أبيب" يستعجلان توقيع هذا الإتفاق، لعودة الاستثمارات من قبل شركات النفط العالمية، لا سيما منها الأميركية إلى المنطقة، يجد لبنان، على ما أكّدت المصادر، بأنّ من مصلحته أيضاً توقيع هذه الإتفاقية، كونها تُرسّم حدوده البحرية تمهيداً لترسيم كامل حدوده البريّة ، واستعادة سيادته المنقوصة على كامل أراضيه. ولكن عليه الحذر ممّا يّمكن أن تقترحه قبرص ويُلبّي الرغبات والطموحات "الإسرائيلية". علماً بأن قبرص قد وقّعت اتفاقية حدودية مع "إسرائيل" في العام 2010، قبل توقيع المذكرة مع لبنان، التي حدّدت الحدود البحرية الفاصلة بينهما من النقطة 1 إلى 12. وهذا يعني بأنّ قبرص تعتبر النقاط من 23 إلى 29 من ضمن المنطقة البحرية "الإسرائيلية". فيما لم يتمّ تعديل هذه الاتفاقية بينهما، لكي تُقرّ وتوافق على أنّ النقطة 23 هي لبنانية، ومكرّسة في اتفاقية ترسيم الحدود بين لبنان و"إسرائيل". ولهذا على اللجنة اللبنانية الانتباه إلى هذه المسألة، على ما تضيف المصادر، وخصوصاً أن "إسرائيل" ألمحت في وقت سابق إلى أنّها تودّ تعديل هذه الإتفاقية، التي وُقّعت برعاية إميركية من قبل الوسيط آموس هوكشتاين، وتسعى إلى دفع النقطة الفاصلة مع لبنان إلى النقطة 1، التي سبق أن اتفقت مع قبرص عليها.
ومع انطلاق ترسيم الحدود البحرية مع قبرص، تنتظر المصادر المطلعة أن تسود الشفافية والمصداقية والعودة إلى القوانين والمراسيم ذات الصلة خلال المفاوضات. كذلك أن تُعلن الدولة اللبنانية عن مجريات المفاوضات، لا أن تبقى سريّة، ولا يُعرف مضمون المناقشات إلّا عبر بعض التسريبات أو لدى توقيع الإتفاقية النهائية. وتتوقّع المصادر ألّا تطول مفاوضات الترسيم البحري مع قبرص أكثر من نهاية العام الحالي، إذا سار كلّ شيء على ما يُرام، ولا سيما أنّه ليس من خلافات سياسية بين لبنان وقبرص. كما أنّ الجزيرة مستمرة في عملها بقطاع النفط، رغم عدم توقيع الإتفاقية مع لبنان، وقد أصدرت تراخيص استكشاف، وحصلت إكتشافات تجارية عديدة قبالة الشاطىء اللبناني.
ويعطي الترسيم البحري مع قبرص، في ظلّ التطوّرات الراهنة، وتوتّر الوضع الأمني في الجنوب بسبب الإعتداءات "الإسرائيلية" المستمرّة على جنوب لبنان، كما الاغتيالات المتواصلة، على ما تلفت المصادر، الثقة المتجدّدة بلبنان من قبل المجتمع الدولي، لا سيما من قبل شركات النفط الراغبة باستكشاف ثروات المنطقة البحرية التابعة له.
يتم قراءة الآن
-
صفا في بعبدا ورحال في عين التينة... طبخة بين «الاستاذ» و«العماد»؟ لقاءات براك ــ أورتاغوس الاسرائيلية «سلبية» والجواب الرسمي السبت السلاح الفلسطيني الى الواجهة: ضغط أم تهدئة أم توريط للدولة؟
-
سلام نتنياهو: لبنان مستوطنة "إسرائيليّة"
-
موفدان للرئيس الفلسطيني في لبنان لتنفيذ قراره بتسليم السلاح نجله ياسر يبحث عن العقارات... والفصائل المعارضة خارج القرار
-
مضمون ورقة الجيش يطمئن الثنائي ويرسم مسار المرحلة المقبلة خطاب مفصلي لبري في 31 آب... جعجع: للالتزام بقرارات الحكومة رفض اميركي للافراج عن ارهابيين يطالب بهم الشرع
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
23:37
الدوري الألماني لكرة القدم: فوز كاسح لبايرن ميونيخ على لايبزيغ (6-0) في افتتاح الموسم الجديد.
-
23:02
وزير خارجية بريطانيا: تحدثت والشركاء الأوروبيين مع وزير خارجية إيران لتجديد تأكيد مخاوفنا بشأن البرنامج، وعرضنا على إيران حلا دبلوماسيا يتضمن تمديد تخفيف العقوبات لكن الوقت ضيق.
-
23:02
بلومبرغ: وزير خارجية هولندا المستقيل يقول إنه لم يحقق توافقا بشأن إجراءات ذات معنى ردا على ممارسات "إسرائيل".
-
23:01
الرئيس الأميركي دونالد ترامب: لدى حماس الآن 20 رهينة لكن العدد في الواقع قد لا يكون كذلك لأن اثنين منهم ربما لم يعودا موجودين.
-
22:34
هيئة البث "الإسرائيلية": الجيش بدأ تنفيذ خطة احتلال غزة ووسع من نطاق عملياته في جباليا والزيتون.
-
22:34
الخارجية الإماراتية: الممارسات "الإسرائيلية" تمثل انتهاكات جسيمة للقانون الدولي ولقرارات الشرعية الدولية.
