اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


تُعدّ درجة حرارة الجسم أحد المؤشرات الحيوية الأساسية التي يعتمد عليها الأطباء في تقييم صحة الإنسان. فالحرارة ليست مجرد رقم يُقاس بالميزان الحراري، بل هي انعكاس مباشر لمدى توازن العمليات الحيوية داخل الجسم. وأي اضطراب في هذا التوازن، سواء بارتفاع الحرارة أو انخفاضها، قد يُشير إلى وجود خلل داخلي أو مرض يحتاج إلى تشخيص دقيق.

من الناحية الطبية، يُعتبر ارتفاع درجة حرارة الجسم أو ما يُعرف بالحمّى، من أكثر الأعراض شيوعًا التي تدلّ على وجود عدوى فيروسيّة أو بكتيريّة. فعندما يهاجم جسم غريب أو ميكروب جهاز المناعة، يرفع الدماغ حرارة الجسم كآلية دفاعية لتعطيل نشاط الميكروبات. غير أنّ استمرار الحمى لفترات طويلة أو ارتفاعها بشكل مفرط قد يكشف عن أمراض خطرة مثل الالتهابات المزمنة، التسمم الدموي، أو حتى الأورام الخبيثة التي ترفع معدلات الالتهاب في الجسم.

وعلى الجانب الآخر، فإن انخفاض درجة حرارة الجسم بشكل غير طبيعي لا يقل خطورة. فحين تهبط حرارة الجسم إلى ما دون المعدل الطبيعي (36 درجة مئوية)، قد تكون علامة على فشل بعض الأعضاء الحيوية مثل الغدة الدرقية التي تتحكم في عمليات الأيض. كما قد يُشير هذا الاضطراب إلى الإصابة بمرض السكري غير المسيطر عليه، أو قصور في عمل الكبد والكلى، حيث يعجز الجسم عن إنتاج الطاقة الكافية للحفاظ على حرارته الطبيعية.

إلى جانب ذلك، قد ترتبط اضطرابات حرارة الجسم بأمراض عصبية تؤثر في عمل منطقة تحت المهاد في الدماغ، وهي المركز المسؤول عن تنظيم حرارة الجسم. وفي بعض الحالات، قد تكون هذه الاضطرابات نتيجة أمراض مناعية ذاتية، حيث يهاجم الجهاز المناعي خلايا الجسم نفسه ويؤدي إلى تقلبات غير مبررة في درجة الحرارة. أما في حالات أخرى، فقد يكشف هذا العرض البسيط في ظاهره عن أمراض قلبية أو التهابات في الجهاز التنفسي مثل الالتهاب الرئوي أو السلّ، ما يجعل قياس الحرارة مؤشرًا حيويًا لا يمكن إغفاله.

هذا ولا يقتصر تأثير الحرارة على كونها عارضًا يُشير إلى المرض، بل قد تكون بحدّ ذاتها عاملًا يُضاعف من خطورة الحالة. فارتفاع الحرارة الشديد مثلاً يمكن أن يؤدي إلى جفاف الجسم، اضطراب ضربات القلب، أو حتى فشل الأعضاء في حال لم تتم السيطرة عليه بسرعة. بينما يُعدّ انخفاض الحرارة الحاد حالة طبية طارئة قد تهدد الحياة، خصوصًا لدى كبار السن أو الأشخاص الذين يعانون من ضعف المناعة.

من هنا، يُدرك الأطباء أهمية متابعة درجة الحرارة بشكل منتظم وعدم الاستهانة بأي اضطراب فيها. فالمقياس البسيط الذي قد نعتبره عرضًا عابرًا، قد يكون في الواقع ناقوس خطر يكشف عن أمراض خطرة في بدايتها. لذا يُنصح دائمًا بمراجعة الطبيب عند ملاحظة تقلبات غير مبررة في حرارة الجسم، خاصة إذا ترافق ذلك مع أعراض أخرى مثل فقدان الوزن، الإرهاق المستمر، أو آلام في المفاصل والعضلات. 

الأكثر قراءة

صفا في بعبدا ورحال في عين التينة... طبخة بين «الاستاذ» و«العماد»؟ لقاءات براك ــ أورتاغوس الاسرائيلية «سلبية» والجواب الرسمي السبت السلاح الفلسطيني الى الواجهة: ضغط أم تهدئة أم توريط للدولة؟