اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


لن يكون أمر التمديد لسنة واحدة إضافية لقوّات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة "اليونيفيل" في مجلس الأمن، الأسبوع المقبل، سهلاً هذه المرّة... والسبب الرئيسي يعود إلى التفاوت في المقاربة الأميركية ـ "الإسرائيلية" والأوروبية لمشروع القرار الفرنسي الذي يدعو إلى "التمديد لولاية "اليونيفيل" لعام إضافي ينتهي في 31 آب من العام 2026، تمهيداً لانسحابها تدريجاً من جنوب لبنان، بعد أن تُصبح الدولة اللبنانية الضامنة الوحيدة للأمن فيه".

وتتكثّف الاتصالات الديبلوماسية في أروقة الأمم المتحدة، لا سيما بعد أن تحوّل موضوع التمديد "لليونيفيل" من إجراء روتيني سنوي إلى كباش سياسي بين الأطراف الدولية والإقليمية. وتحصل المواجهة الكبرى، على ما تؤكّد أوساط ديبلوماسية مطّلعة، بين الولايات المتحدة الأميركية، والدول الأوروبية وعلى رأسها فرنسا وإيطاليا وبريطانيا. فالولايات المتحدة ترفض فكرة التمديد للقوة الدولية لمدّة عام إضافي. وقد علّلت موقفها هذا الذي أبلغته الموفدة الأميركية مورغان اورتاغوس الى المسؤولين اللبنانيين خلال مرافقتها للمبعوث الأميركي توم بارّاك أثناء زيارته الأخيرة إلى لبنان في 18 آب الجاري، مشيرة إلى أنّ بلادها غير متحمّسة لهذا التمديد. وشرحت أسباب عدم الحماسة هذه، بما سبق وأعلنته إدارة الرئيس دونالد ترامب بأنّ "اليونيفيل" هي بعثة غير فعّالة وتشكل هدراً للإنفاق ولا سيما أنّ التمويل الذي يُقدّم لها لا يتلاءم مع ما تقوم به من "مهام منقوصة"، معتبرة أنها تؤخر الهدف المتمثل في تقليص نفوذ حزب الله وتسليم الجيش اللبناني السيطرة الكاملة على الجنوب. ولهذا قد تكون مع بقائها في الجنوب لمدة نصف سنة ليس أكثر، على أن يتمّ العمل خلال هذه الفترة من قبل "اليونيفيل" على تدريب الجيش اللبناني. ويكون وجودها كفترة انتقالية يجري خلالها تفكيك الألغام كافة، وبدء الجيش بانتشاره كاملاً وفرض سيطرته على المنطقة الجنوبية إلى حين انسحاب "اليونيفيل" نهائياً. في حين تعمل فرنسا من أجل تحقيق الإجماع في مجلس الأمن على صيغة مشروع قرارها، كونها حاملة القلم، والذي يدعو إلى التمديد لمدة عام لليونيفيل قبل البحث في أي جدول زمني. ولهذا تكثّف جهودها واتصالاتها بالدول الأعضاء في مجلس الأمن لتحقيق هذا الإجماع، قبل انعقاد جلسة التصويت المقرّرة يوم الاثنين المقبل في 25 آب الجاري قبل انتهاء ولاية "اليونيفيل" في 31 منه.

وتقول الأوساط الديبلوماسية إنّ مناقشة مشروع القرار الذي قدّمته فرنسا بدأت الاثنين المنصرم في مجلس الأمن الدولي. وتُعارض الولايات المتحدة و "إسرائيل" هذا التمديد. وإذ تدعو هذه الأخيرة إلى ضرورة الإنهاء الفوري لعمليات قوّات "اليونيفيل"، كونها فشلت، من وجهة نظرها، في مهمّتها الأساسية وهي "منع تمركز حزب الله جنوب نهر الليطاني"، لم تُحدّد أميركا حتى الساعة موقفها من التمديد. غير أنّ ما قام به وزير خارجيتها ماركو روبيو أخيراً، من خلال التوقيع على خطة تقضي بإنهاء عمل قوّات "اليونيفيل"، خلال ستة أشهر، وذلك بعد خفض كبير في مساهمة الولايات المتحدة في تمويل القوة، جاء ليُظهر موقفها الداعي إلى التمديد للقوّات لمدة نصف عام فقط. وهذا الأمر يتلاءم، وفق الأوساط، مع الورقة الأميركية التي حملها برّاك إلى المسؤولين اللبنانيين، والتي تنصّ على جدول زمني لنزع سلاح حزب الله والفصائل الفلسطينية خلال 6 أشهر. وهذا يعني أنّ الولايات المتحدة ترى أنّه بعد تطبيق اتفاق وقف الأعمال العدائية ونزع سلاح الحزب وانسحابها بالتالي من التلال الخمس، لا يعود هنالك من حاجة الى بقاء "اليونيفيل" في جنوب لبنان، لا سيما بعد أن يتسلّم الجيش اللبناني زمام الأمور. إلّا أنّ هذا الأمر يبقى ضمن الاقتراحات التي قد لا تتوافق مع الظروف.

ولكن بطبيعة الحال، فإنّه في حال حصول الإجماع على مشروع القرار، على ما ترى الأوساط، فإنّ الولايات المتحدة قد لا تستخدم حقّ النقض "الفيتو" في وجه هذا المشروع، وإن كان الاحتمال يبقى وارداً. وكان أكّد المتحدث باسم "اليونيفيل" أندريا تيننتي، أن البعثة لم تتلق أي إخطار من الولايات المتحدة بشأن إنهاء مهمتها، مشدّداً على أن مجلس الأمن سيناقش مستقبل "اليونيفيل"، وليس مهمّة البعثة بحدّ ذاتها.

ويقوم لبنان بمتابعة موضوع التمديد لليونيفيل في الداخل، كما في مجلس الأمن الدولي لإقناع الدول الأعضاء بأهمية استمرار عمل هذه القوّات لعام إضافي، إلى جانب إقناع الولايات المتحدة بعدم استخدام حقّ النقض وإنهاء عمل "اليونيفيل" في هذه اللحظة الحاسمة والمصيرية. فلبنان إلى حانب الدول الأوروبية على قناعة بأنّ إنهاء عمل "اليونيفيل" حالياً، يُشكّل كارثة كبيرة، لما لها من دور محوري وحاسم في الحفاظ على الأمن والاستقرار على طول الخط الأزرق، لا بدّ من تلافيها. ولهذا يسعى إلى تأمين تجديد التفويض لليونيفيل وفق الصيغة التي يتمسّك بها. فمغادرة القوّات الدولية الجنوب اليوم، على ما تشرح الأوساط المطلعة، في توقيت غير مناسب، من شأنه خلق فراغ أمني قد يتمّ استغلاله. كما أنّه قد يضع الجيش اللبناني في مواجهة الجيش "الإسرائيلي"، والجميع يعلم القدرات العسكرية المتواضعة للجيش. ولهذا أبلغ رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون قائد القوات الدولية العاملة في الجنوب الجنرال ديوداتو أبانيارا خلال استقباله له أمس الثلاثاء، أنّ "لبنان متمسك ببقاء القوات الدولية في الجنوب في المدة التي يتطلبها تنفيذ القرار 1701 بكامل مندرجاته واستكمال انتشار الجيش اللبناني حتى الحدود الدولية"، مشيراً إلى أنّ "أي تحديد زمني لانتداب "اليونيفيل" مغاير للحاجة الفعلية اليها سوف يؤثر سلباً بالوضع في الجنوب الذي لا يزال يعاني من احتلال إسرائيل لمساحات من أراضيه".

وتتوقّع الأوساط الديبلوماسية حصول المزيد من المشاورات خلال الأسبوع الجاري حول المسودة بين فرنسا والولايات المتحدة. على أن يتمّ التداول بالاقتراحات "حول إعادة تشكيل مهام البعثة، وربما توسيع عملها في مؤازرة الجيش اللبناني لحماية ومراقبة كامل الحدود اللبنانية، وليس على تفكيكها حالياً أو إنهاء عملها، الأمر الذي قد يساعد على استمالة الولايات المتحدة وتليين موقفها. ويبدو، بحسب المعلومات، أنّ الولايات المتحدة قد اقتنعت بضرورة تمديد ولاية "اليونيفيل" لعام إضافي واحد، على أن يلي ذلك البحث في إمكان إنهاء المهمة بعد ستة أشهر، في حال كانت الظروف ملائمة لمثل هذا الأمر.

الأكثر قراءة

مضمون ورقة الجيش يطمئن الثنائي ويرسم مسار المرحلة المقبلة خطاب مفصلي لبري في 31 آب... جعجع: للالتزام بقرارات الحكومة رفض اميركي للافراج عن ارهابيين يطالب بهم الشرع