اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


تنتظر الحكومة، الخطة التنفيذية لقيادة الجيش، لتطبيق قرارها الذي اتخذته في جلستي مجلس الوزراء 5 و7 آب الحالي، وخرج منهما وزراء الثنائي "امل" و"حزب الله"، لاعتراضهم على وضع مهلة زمنية للقرار، تبدأ في 31 آب الحالي، تاريخ وضع الجيش خطته، وتنتهي في آخر العام الحالي، دون درس الموضوع بروية وحوار هادىء، وهذا ما يدخل لبنان في ازمة سياسية ودستورية، ووصل الى سقف خطاب سياسي عالي النبرة واللهجة، من كل الاطراف، مما يضع البلاد، امام احتمالات عدة، منها تجدد الحرب الاهلية، التي حذر منها الرئيس جوزاف عون. وقد تؤدي الى عودة الانقسام الى المؤسسة العسكرية.

فالجيش سيضع خطته، وما ينفذه في جنوب الليطاني بتسلم سلاح "حزب الله"، والانتشار في المنطقة، هو من ضمن الخطة، وفق مصدر عسكري مطلع عليها، والتي وصلت الى مرحلة متقدمة بالوصول الى نسبة عالية من مخازن المقاومة، ونقل السلاح منها، وتدميره، كما هو مطلوب اميركيا واسرائيليا.

فالمشكلة ليست في الخطة التنفيذية، التي باتت حاضرة، انما في آلية التنفيذ وكيف والفترة المطلوبة، وان القرار الذي اتخذته الحكومة بناء لاصرار الموفد الاميركي توم براك حصل، لكنه لن يوصل الى نتيجة، وهو لم يتم في جلستي الحكومة، وهذا ما سيعيق الجيش القيام بمهامه التي طلبها مجلس الوزراء المبتور التمثيل، والفاقد للميثاقية والشرعية الدستورية، كما يؤكد قادة "حزب الله" علنا في تصريحاتهم ومواقفهم، وجعل امين عام الحزب الشيخ نعيم قاسم، يشير الى ان موضوع تسليم السلاح او نزعه، "مسألة وجودية"، ومعركة "كربلائية"، يستعد لها "حزب الله"، الذي يشير الى انه لا يريد الصدام مع الجيش الذي هو في الثلاثية الذهبية، "جيش وشعب ومقاومة"، والتي لا تنازل عنها، وان مسؤولين فيه التقوا قائد الجيش العماد رودولف هيكل،  وخرجوا بانطباع بانه لن يطبق اي قرار بالقوة، ولن يكون الجيش اداة بيد سياسيين يضعونه بمواجهة اهله وشعبه، ولم ينصاع قادة جيش لقرارات سياسية اتخذتها السلطة، لقمع تظاهرات، او التصدي لمطالب اجتماعية الخ او حماية حكم او نظام.

وفي هذا الاطار، فان اول قائد للجيش اللواء فؤاد شهاب، رفض قراراً سياسياً، بادخال الجيش في معارك سياسية داخلية، المرة الاولى عام 1952، عندما قامت "ثورة سلمية" نظمتها "الجبهة الاشتراكية الوطنية" ضد حكم الرئيس بشارة الخوري، فاستقال وكلف شهاب رئاسة الحكومة لمرحلة انتقالية، تؤدي الى انتخاب رئيس للجمهورية، اما في المرة الثانية فكانت عندما رفض ان يكون الجيش اداة في يد الرئيس كميل شمعون، لضرب وقمع معارضيه في ما سمي "ثورة 1958"، وهذا ما اوصل شهاب الى رئاسة الجمهورية، لانه لم يكن الجيش طرفاً في نزاع سياسي داخلي.

وما حصل مع اللواء شهاب تكرر مع قادة جيش آخرين، في رفض زج الجيش بحرب السياسيين الداخلية، فحصل انقسام سياسي، حول طلب تدخل الجيش في الحرب الاهلية مع فريق ضد آخر والتي اندلعت شرارتها في 13 نيسان 1975، وكانت سبقتها مواجهات ين الجيش وفصائل فلسطينية مسلحة وحلفاء لها، وانقسم اللبنانيون حول الجيش ودوره وعقيدته القتالية، فنتج عن ذلك، تشرذم الجيش، وانقسامه الى الوية طائفية ومذهبية ومناطقية، والتحاق ضباط وافراد منه بالميليشيات التي حكمت لبنان بحروب مدمرة، وتقسيمه الى "كانتونات" طائفية، والتحاق ضباط وعسكريين بالعدو الاسرائيلي كسعد حداد...

ومن ابرز ما جاء في اصلاحات اتفاق الطائف الذي انهى الحرب الاهلية، اعادة توحيد الجيش وبناء عقيدة قتالية له، وتوصيف اسرائيل بالعدو، ونجح قائد الجيش اميل لحود في ان يبني جيشاً وطنياً، وابعد السياسيين عن التدخل به، واصطدم بهم في الترقيات والتشكيلات، كما انه رفض زج الجيش بوجه المقاومة، التي شرّع اتفاق الطائف، ان يحرر لبنان ارضه بكل الوسائل المتاحة، دون ان يذكر جهة ما تعمل كمقاومة لتحرير الارض من الاحتلال الاسرائيلي، وكان السلاح المقصود حصره بالدولة هو للجيش الذي داهم مخازن اسلحة للميليشيات، التي خاضت حروباً ومنها ضد الجيش.

وفي كل تاريخ لبنان الحديث، كان الجيش يقف على الحياد في مسائل داخلية، وعندما طُلب من الرئيس جوزاف عون وكان قائداً للجيش، قمع ما سمي "بثورة 17 تشرين الاول 2019"، رفض اذا لم يتم توافق سياسي، وهو لم يكن موجوداً، وقام الجيش بمهام كمنع اقفال الطرقات او التعدي على الاملاك العامة، وحصول اعمال عنف وشغب، وسبق لقائد الجيش جوزاف عون ان وضع الجيش في قتال "الجماعات الارهابية" التي تسللت الى عرسال وجرودها، وتم تحريرها، لان القرار حاز على توافق سياسي، والامر نفسه بمواجهة "فتح الاسلام" في مخيم نهر البارد، وكان قائد الجيش في العام 2007 العماد ميشال سليمان، وهذا ما فتح له الطريق الى رئاسة الجمهورية، بعد ان رفض ان يزج الجيش في احداث 7 ايار 2008.

والجيش في هذه المرحلة، سيمارس ما سبق لقادته ان فعلوه في ازمات داخلية، وكشفت المعلومات ان قائد الجيش العماد هيكل، ابلغ الجهات الرسمية المعنية، بانه جاهز لتنفيذ خطة لحصرية السلاح، لكن بعد توافق سياسي وليس قراراً سياسياً اتخذ في حكومة الرئيس نواف سلام، وخرج منها المكوّن الشيعي، الموجود في الجيش ومجلس النواب والحكومة، وان الثنائي يمثل نحو 70% من الطائفة الشيعية.

فالخطة ستسلمها قيادة الجيش الى الحكومة بجانبها التقني، وتترك تنفيذها للتوافق السياسي، وهو ما نقل ايضاً عن وزير الدفاع ميشال منسى، الذي قال بان المرحلة دقيقة جداً، ولا بدّ من العقلانية في التعاطي مع موضوع حصرية السلاح، خاصة ما هو في حيازة "حزب الله" الذي تجاوب جنوب الليطاني مع الجيش.

واثناء زيارة برّاك ومعه الموفدة السابقة مورغان اورتاغوس، فان المسؤولين ابلغوه، بعد اتخاذ قرار حصرية السلاح، ان يأتيهم بجواب من العدو الاسرائيلي حول تنفيذ بنود اتفاق وقف اطلاق النار، وهذا لم يعد به براك، الذي اشارت المعلومات، بان لهجته كانت اخف عما حمله في المرة السابقة، وانه سمع من المسؤولين اللبنانيين كلاماً، بان لا تنازلات بعد اليوم، اذا لم يأت بضمانات تبدأ بوقف الاعتداءات الاسرائيلية اليومية، والانسحاب من النقاط المحتلة واعادة الاسرى، ولبنان ليس عنده ما يقدمه، فكان جواب برّاك بانه سيحاول لكنه لا يضمن العدو الاسرائيلي.

الأكثر قراءة

صفا في بعبدا ورحال في عين التينة... طبخة بين «الاستاذ» و«العماد»؟ لقاءات براك ــ أورتاغوس الاسرائيلية «سلبية» والجواب الرسمي السبت السلاح الفلسطيني الى الواجهة: ضغط أم تهدئة أم توريط للدولة؟