اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

على طريق الديار

ما جرى أخيراً يكاد يُسجَّل كأخطر ما أصاب الدور السوري في العالم العربي منذ عقود. اجتماع وزير خارجية سوريا أسعد الشيباني مع وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، الرجل الأقرب إلى بنيامين نتنياهو وموضع ثقته الأقصى، هو خرق سياسي مدوٍّ بكل المقاييس. ديرمر ليس مجرّد وزير، بل هو العقل الذي يدير مفاوضات إسرائيل الدائمة مع الولايات المتحدة، وظهوره إلى طاولة مع ممثل سوريا يطرح تساؤلات مزلزلة عن معنى «الشرعية» التي تتحدث باسم دمشق.

هذا اللقاء، وإن كان بقرار السلطة الانتقالية في سوريا، ضربٌ مباشر لموقع سوريا القومي ودورها التاريخي. فالعالم العربي، من محيطه إلى خليجه، لم ينظر يوماً إلى سوريا إلا باعتبارها قلب العروبة النابض، وحصنها الأخير. كيف لهذه «الشرعية» أن تجلس إلى طاولة مع ممثل إسرائيل في لحظة يتواصل فيها الاجتياح الإسرائيلي لمدينة غزة، حيث يُهجَّر نحو 900 ألف فلسطيني من عاصمتهم في القطاع تحت القصف الوحشي، ويسقط العشرات من الأطفال والنساء والشيوخ؟ أيّ شرعية تلك التي تساوي بين دماء الشهداء وبين ابتسامات مصطنعة على موائد باريس؟

الادعاء بأن المباحثات السورية – الإسرائيلية اقتصرت على «الحوادث الأمنية» على الحدود ليس سوى ذريعة واهية. كيف يمكن تبرير هذا الحديث في وقت يحتل فيه الجيش الإسرائيلي جبل الشيخ، ويتقدم إلى مشارف دمشق، ويُحكم قبضته على طريق السويداء حيث الكثافة السكانية الدرزية، مهدداً العاصمة نفسها؟ أية «حوادث» وأي «حدود» في ظل احتلال معلن يتقدّم على الأرض؟

إن ما جرى في باريس ليس سوى تطبيع سوري – إسرائيلي سافر، يفتقر إلى أي غطاء قومي أو أخلاقي، ويشكّل طعنة غادرة في خاصرة المقاومة وفي وجدان الشعوب العربية. إنه انحدار خطير في خطاب «الشرعية» السورية، وانقلاب على تاريخ سوريا الذي سُطِّر بالدماء في مواجهة إسرائيل.

ما حصل ليس في غير محلّه فحسب، بل في خانة الخطيئة القومية التي لا تُغتفر.

«الديار»


الأكثر قراءة

صفا في بعبدا ورحال في عين التينة... طبخة بين «الاستاذ» و«العماد»؟ لقاءات براك ــ أورتاغوس الاسرائيلية «سلبية» والجواب الرسمي السبت السلاح الفلسطيني الى الواجهة: ضغط أم تهدئة أم توريط للدولة؟